السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب في البكالوريا، حلمي أن التحق بتخصص الطيران، وهذا يحتاج إلى معدل أكثر من 15، ولكن مؤهلاتي وقدراتي لا توصلني إلى هذا، وعندنا معهدا للطيران لا يشترط هذا المعدل، وإنما يتطلب المال، حوالي 12000 دولار، ولا يمكنني الدخول إليه بسبب الظروف المادية للأسرة، فالحل بالنسبة لي هو الدخول إلى عالم العمل، فما حلكم أنتم؟
دلوني بارك الله فيكم!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Bachir حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.. وبعد:
فإننا نشكر لابننا الكريم تواصله مع موقعه، ونسأل الله أن يعيننا على خدمة شبابنا الذين هم أمل الأمة بعد توفيق الله وتأييده سبحانه وتعالى، ونحيي فيه هذا الطموح العالي، والرغبة في أن يكون طيارا، وأن يعمل بهذه الوظيفة، ونشكر له كذلك التواصل مع الموقع لاستفسار حول هذه المسائل. ولا يخفى على ابني الكريم أن الإنسان فعلا سيحقق نصرا ونجاحات كبيرة إذا دخل في المجال الذي يجد في نفسه ميلا إليه، إذا دخل في المجال الذي يجد نفسه فيه، يستطيع أن ينتج ويبدع ويأتي بالجديد والمفيد لبلده، ولأمته عموما.
ولكن إذا كانت هناك عوائق تحول دون هذا الطموح فليس التصرف الصحيح عند ذلك أن يتوقف الإنسان، أو أن يخرج من ذلك الطموح، فإن السيل والماء عندما يمشي وإذا واجهه الجبل لا يتوقف وإنما يحاول أن يدور عليه من هنا أو هناك، يتخذ سبيلا ثم يمضي بعد ذلك في سبيله، فهذه العوائق التي تقف في طريق أصحاب الطموح العالي هي من الأمور الطبيعية، وهي اختبارات مبكرة لعزائمهم وإرادتهم ولإصرارهم، وأنت إن شاء الله بروح الشباب ممن يتجاوز هذه العقبات، ولا أظن أن هناك مانعا في أن يدخل الإنسان إلى الحياة العملية ليحسن وضعه المادي، ثم بعد ذلك يعاود الرجوع إلى الدراسة حتى يستطيع أن يحقق ما يريد، والأهم من ذلك أن المعدل العالي يستطيع الإنسان أيضا أن يصل إليه بعد توفيق الله تبارك وتعالى إذا اجتهد وبذل أسباب النجاح، فإن للنجاح والتفوق أسباب لابد أن يبذلها الإنسان، فالإنسان يبذل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.
ومسيرة النجاح تبدأ بإيماننا بفالق الإصباح، بتوكلنا على الكريم الفتاح، ببذلنا لأسباب النجاح، ثم بعد ذلك بالإصرار على السير في هذا الطريق، فإن الذين أبدعوا والذين أنتجوا كانت لهم تجارب كثيرة، وكانت في طريقهم عقبات كثيرة، إلا أن الناجح دائما يوقن أن هذه العقبات ما هي إلا محطات وطرائق وسبل ومواقف توصل إلى النجاح، فبقدر هذه الصعوبات وبقدر العزيمة التي عند الإنسان يكون التوفيق والتأييد من عند الله تبارك وتعالى له؛ ولأن كل إنسان له طموح توقف أمام العقبة الأولى والعقبة الثانية والعقبة العاشرة لما تحقق للناس أي نجاح، بل إن طعم النجاح الحقيقي إنما يحصل عليه الإنسان عندما يجد صعوبات ويجد عوائق في تحقيق بعض أهدافه، لكنه بإصراره بعد توفيق الله تبارك وتعالى يصل إلى ما يريد.
فنحن إذن ندعوك إلى أن تعمل في الاتجاهين، ونفضل أن تحرص على المعدل العالي، لأن هذا يتوافق مع الوظيفة ويقدم للأمة إنسانا ناجحا، بخلاف الأموال التي قد تقدم للإنسان ويكون أقل كفاءة. كم تمنينا أن تتاح مثل هذه الفرص للمتفوقين بالدرجة الأولى، حتى لا يصبح العلم وطلب العلم حكرا على الذين بأيديهم أموال والذين ليس بأيديهم أموال وإن كانوا عباقرة لا تتاح لهم فرص في بعض ميادين العلم. هذه حقيقة كلمة نوجهها لكل مسؤول في هذه الأمة، بضرورة أن تكون دعم التعليم والإنفاق من أجل هموم الدول، لأن الدول الغربية - بكل أسف - الآن تنفق إنفاقا هائلا جدا على المسائل العلمية والبحوث والدراسات، بخلاف بلادنا - بكل أسف - العربية والإسلامية، فإنها تغفل وتهمل هذا الجانب وتقصر في الإنفاق عليه، وهذا بالطبع له علاقة بتقدم الشعوب، لأن أكبر استثمار ينبغي أن نستثمر فيه ونبذل فيه، تبذل فيه الدول أموالها والإمكانات وتهيأ القاعات وتهيأ المعامل هو جانب العلم، والدول التي سادت وظهرت في الدنيا هذه لم يكن له تاريخ وليس لها موارد كمواردنا، لكنها اهتمت بالاستثمار في الإنسان، فطورت ملكات وقدرات هذا الإنسان، فالله وهب كل إنسان قدرات، وكل شعب فيه عباقرة، لكن ينبغي أن نكتشف المواهب ثم نسعى في تنميتها.
حتى نكون واقعيين ونجيب على السؤال، فإننا ندعوك إلى أن تجتهد في أن تتفوق، فإن حيل بينك وبين التفوق فلا تتوقف، ولكن عاود الكرة مرات ومرات حتى تتحصل على المعدل المطلوب، ولا مانع إذا تأخر ذلك أن تكون أيضا قد دخلت إلى الحياة العملية حتى توفر لنفسك بعض الأموال التي تعينك إن شاء الله على سلوك هذا السبيل، وسيعينك أيضا في مساعدة الأسرة.
ولم يتضح لنا من خلال السؤال ما هو وضع الأسرة، هل بحاجة إلى راتبك؟ هل هناك من يستطيع من يعاونك بالبذل والإنفاق على الأسرة؟ ما هو رأي الوالدين؟ ... هي أمور أيضا ينبغي أيضا أن تضعها في الحسبان، لأن الاهتمام بمثل هذه الأمور أيضا له علاقة وثيقة خاصة ظروف الأسرة ورأي الوالدين، فإن الوالد والوالدة هم أولى الناس بالإنسان في هذه الدنيا، ورأيهم لك مفيد، وبرك لهم نافع، وسبب من أسباب تقدمك وتفوقك ونجاحك في هذه الحياة، فشاور من حولك، واحرص على أن تقضي أمورك بالاستخارة ومشاورة أهل الفضل والعلم والخير، ولا تتوقف عن هذا الطموح الذي تريده طالما كنت تجد في نفسك ميلا إلى هذا المجال، لأننا نتوقع مما يرغب في شيء أن يحقق نجاحات كبيرة.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يهيأ لك من أمرك الرشد والرشاد، وأن يلهمك السداد، وسنكون سعداء بتواصلك مع الموقع، وإفادتنا بكل جديد ومفيد فيما يتعلق بمستقبلك ودراستك، فنحن أيضا حريصين على أن نكون معك، وعلى أن نهتم بمستقبلك، وندعو الله تبارك وتعالى أن يحقق لك ما تريد، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.