السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من أن زوجي خلقه ضيق بشكل عام وخاصة أن لدينا طفلة عمرها سنة ونصف، عندما يعود من الدوام تكون في شوق له فلا تبعد عنه، تتعلق به وتنزع نظارته وتمسك بكأس الشاي، وتمسك بأي شيء نتناوله وتصدر أصوات.
هي لا تفعل شيء غير الأطفال الطبيعيين، ولكن زوجي يغضب ويصرخ في وجهها ويؤثر ذلك على جلستنا، مع العلم أن زوجي يحبها حبا جما ويحن عليها ويخاف عليها كثيرا، وربما خوفه عليها يجعله يتوتر أكثر، لأنها ربما تؤذي نفسها، وغضبه عليها ينعكس علي.
أفيدوني كيف أتصرف لأهدئ الوضع ويصبح أفضل، مع العلم أننا مغتربان، وابنتي دائما مرتبطة بنا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رزان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك وفي ابنتك، وأن يجعلكم جميعا من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يعينك وزوجك على تربية ابنتكما تربية طيبة مباركة، وأن يوفقكما لاختيار الأسلوب الأمثل والأنفع والأوفق لظروف ابنتكم ومراحلها السنية والعمرية، كما نسأله تبارك وتعالى أن يديم بينكما المودة والوئام والمحبة والانسجام.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – من أن زوجك ليست لديه قدرة على التحمل بصورة كبيرة خاصة مع طفلتكم الصغيرة التي تحب أن تداعبه وأن تلعب معه خاصة بعد أن يرجع من العمل، إلا أن زوجك يصرخ عليها ويؤثر ذلك على جلستكم، رغم أنه يحبها ورغم أنه يعطف عليها ويحن عليها، إلا أنه دائما يكون متوترا أكثر ولعل الدافع إلى ذلك إنما هو حرصه عليها وخوفه على أن تتعرض لأي نوع من الأذى، إلا أن التصرف الذي يفعله يكون أكثر من القدر المطلوب مما ينعكس عليك وعلى الجلسة التي تتمنين أن تستمتعي فيها بزوجك وابنتك وأنتما في نوع من السعادة والهدوء وعدم التوتر وشد الأعصاب، فتقولين: ماذا تتصرفين أو كيف تفعلين؟
أحيانا قد تكون الأسرة غير مهيأة لاستقبال طفل جديد، وذلك لقلة الخبرة لدى الزوجين، وأحيانا نجد أن بعض الأطراف كالزوج أو الزوجة يكون قد نشأ في بيئة ليس فيها أولاد كثر، أو ليس لديه قدر من الاحتكاك بالأسر التي فيها ذرية كثيرة، ولذلك يخرج إلى الحياة ولديه نوع من الضعف الاجتماعي، ما ألف وما تعود، مسألة لعب الأطفال وجري الأطفال وقفز الأطفال، لأنه نشأ في بيئة كان فيها نوع من الجفاف العاطفي أو لعله كان فيها نوع من عدم وجود أطفال صغار مما يترتب عليه أنه لا يتحمل هذه التصرفات رغم أنه قد يكون أبا ويحب ابنته يقينا ويحرص على ذلك، إلا أنه لا يستطيع أن يفرق حقيقة ما بين حق الأطفال في الجري واللعب والمرح، وما بين حق نفسه هو شخصيا.
يرى أن مثل هذه التصرفات تكون مزعجة، ولذلك ينزعج كثيرا عندما يتصرف ابنه أو ابنته هذه التصرفات، وقد يكون الدافع لديه إما أنه حرصه الشديد والزائد على ابنته وخوفه عليها، وقد يكون الدافع ضعف الجانب الاجتماعي لديه منذ نعومة أظفاره ومنذ تكوينه الأسري، لأن بعض الأسر تحرص على أن يكون التعامل جادا وشديدا أحيانا حتى مع الأطفال الصغار، ولا يميزون، وقد يكون ضحية أيضا تربية كان والده أو والده يفعلون ذلك معه وهو صغير، فهو لا يستطيع أن يتخلص من ذلك.
والواقع أنه يحتاج إلى أن يعيد النظر في موقفه، وكم أتمنى أن يقرأ كتابا أو كتيبا حتى عن طريق الإنترنت: كيفية التعامل مع الأطفال الصغار؟ وكيفية تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع الأطفال الصغار، وكيف كان يتعامل مع أبناء المسلمين - صلى الله عليه وسلم – .
لأننا أحيانا قد تكون جعبتنا التربوية صفرا، وفارغة من أي مقومات تعليمية، وهذا ينعكس على الأولاد، لأن هذه البنت مع تكرار هذه الأشياء كأننا نوصل لها رسالة بأننا لا نحبك وأننا لا نريدك وأننا لا نرغب فيك، ورغم أن الأمر أكيد هو العكس (الحقيقة) ولكن هذه التصرفات كأنها ترسل رسالة سلبية إلى تلك البنت المسكينة، مما يترتب عليها أن تصاب بنوع من التوتر والاكتئاب والانطواء، وقد يؤدي ذلك إلى كراهيتها لنفسها، لأنها تقول (غير مرغوبة، وأبي لا يحبني) وبذلك تبدأ تنزوي وتعاني من أمراض نفسية في المستقبل.
لذا أنصح حقيقة أن تجلسي جلسة حوار هادئة مع زوجك وتقولي له: (هذا الأسلوب أنا سألت عنه فوجدت أنه أسلوب عنيف، وأنه لا يتناسب مع سن ابنتك الصغيرة، وأن هذه التصرفات تصرفات حقيقة شديدة وتؤثر على نفسية ابنتنا في المستقبل، ونحن لا نريد أن تكون البنت تعاني في المستقبل) وأتمنى أن يسمع كلامي هذا، لأنه بذلك سيسبب لها عقدة نفسية ويجعلها تكره نفسها، وتكرهه هو أيضا وتكره الأسرة وتكره المجتمع وتكره حياتها، وتفكر في الانزواء والانطواء والبعد عن الواقع لتعيش عالمها البعيد عن هذه الضغوطات التي تمارس عليها من قبل أبيها، لأنها لا تعرف أن أباها يحبها، لأن هذا في قلبه، أما هي فتحكم على التصرفات الظاهرة، ما دام أبي يصرخ علي وأبي يضربني ويسخط ودائما يعنفني فأبي لا يحبني.
هي لا تعرف التحليل لهذه التصرفات، ولا تستطيع أن تغوص وراء المعاني، وإنما تحكم على الظاهر فقط، لذلك أقول ضرورة أن تخضعي أنت وزوجك لدورة تربوية، إما أن تتلقيانها من قبل بعض مؤسسة تربية الموجودة بالمملكة، وعلى الأقل أنت وزوجك أتمنى أن تقرءا معا بكل تجرد كيفية التعامل مع الأطفال في هذه السن، لأن الذي تحكينه بهذه الطريقة أمر في الواقع مدمر، وأنا أخاف على مستقبل البنت من أنها قد تتحول إلى إنسانة انطوائية، وقد تهرب من هذا الواقع لتعيش واقعها وعالمها الخاص، وتكره المجتمع وعلى رأسهم الأب والأم.
أتمنى بارك الله فيك ضرورة أن تقرءا عن كيفية التعامل مع الأطفال في مثل هذه السن، لأن هذا هو أنسب عمل وهو أنجح عمل لعملية التربية والتغلب على تلك المشاكل التي وردت في رسالتك.
أسأل الله تعالى أن يوفق زوجك لذلك، وأن يعينك على مساعدته.