كيفية التعامل مع انحراف الأخ وطرق دعوته؟

0 622

السؤال

بسم لله الرحمن الرحيم.

أنا فتاة لدي أخ أكبر مني، عمره 24 أو 25 سنة، لا يحافظ على صلاته ولا صيامه، يدخن، وغيرها من الذنوب الكثيرة، فاجئنا يوما أنه قبض عليه وهو مع فتاة في خلوة غير شرعية، يعلم الله أننا أسرة محترمة ومتمسكة، رجالا ونساء، لكنه شوه سمعتنا جميعا، ننصحه ولكن لا حياة لمن تنادي، أتعبنا وأتعب والدي وإخوتي، وكثيرا ما ندعو له، ولكن لا نيأس من رحمة الله، نسال لله له الهداية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

فإننا بداية نرحب بك ونشكر لك هذا الحرص على هداية الأخ الشقيق، ونسأل الله أن يقر عينكم بصلاحه وهدايته، وعودته إلى الصواب، وكم تمنينا أن تحمل كل فتاة وكل فتى مثل هذه المشاعر النبيلة تجاه الذين تنكبوا طريق الهداية، وأرجو أن تكثري من الدعاء لهذا الأخ بالهداية، وتطلبي من الوالدين والإخوان كذلك أن يكثروا له من الدعاء، فإن الدعاء سلاح عظيم جدا، وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء -سبحانه وتعالى-، ونسأله أن يصرف قلوبنا على طاعته.

أرجو أن تكثروا وتلحوا في الدعاء واللجوء إلى الله -تبارك وتعالى- من أجل أن ييسر الهداية لهذا الأخ، حتى تسعدوا جميعا بهدايته وعودته إلى الصواب، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يلهمه السداد والرشاد.

وأرجو أن يكون أيضا للوالدين أدوار كبيرة في نصح هذا الأخ، فإن ما حصل ليس نهاية المطاف، والقضية ليست أنه جاء بفضيحة، ولكن أكبر من ذلك، أنه يقع في معصية وأمر يغضب الله -تبارك وتعالى-، فينبغي أن يكون هدفنا الإخلاص لله -تبارك وتعالى- من وراء هذا النصح، وليس الخوف مما يقوله الناس، فإن نبي الله نوح ما أثر عليه رفض ولده الهداية، وما ضر نبي الله إبراهيم كفر أبيه بالله تبارك وتعالى، فالإنسان لا يحاسب على ذنوب الآخرين، لذلك ينبغي أن نصحح نيتنا قبل أن ندعوه إلى الله -تبارك وتعالى-؛ لأن في هذا عونا لنا على القبول، وعونا له -إن شاء الله- على الهداية، لأن إخلاصنا في نية النصح وتصويب هذه النية لتكون لله خالصة هذا مفتاح عظيم من مفاتيح الهداية التي قل أن يتنبه لها كثير من الناس.

وإذا كان هذا الشاب، وهذا الأخ من أسرة محافظة فإنه -إن شاء الله- سيعود إلى صوابه، وأرجو أن نبدأ أولا بدعوته إلى الصلاة، بترسيخ الإيمان قبل ذلك في قلبه، ثم ندعوه إلى القيام بأركان هذا الدين العظيم، فإن هذا الرجل مريض، والداعي إلى الله والناصح مثل الطبيب، والطبيب إذا جاءه إنسان مصاب بعدد من الأمراض فإنه يبدأ بأخطرها، ويبدأ بأكبر الأمراض، وأكبر الأمراض هو الخلل في الجانب الإيماني والتقصير في الصلاة، هو التقصير في أركان الإسلام عموما، لأن هذا هو مفتاح الهداية، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي سبيل إلى الهداية والطاعة لله -تبارك وتعالى-.

لذلك ينبغي أن نقترب منه، نذكره بما فيه من إيجابيات، ونجتهد في النصح له، شريطة أن نختار المدخل الحسن، يعني أن ننظر في إيجابياته فنقول (أنت فيك كذا وفيك كذا، وهذه الأشياء لا تشبه أمثالك، وأنت إن شاء الله على خير، ولكن حبذا لو أكملت هذا الخير بتاج الصلاة والصيام، والمراقبة لله -تبارك وتعالى-) فعلينا أن ننتقي الألفاظ الجميلة، وأن نختار الأوقات المناسبة، وأن نحسن التعامل معه، ففي مثل هذه الأحوال قد يكون مرفوضا، ويشعر أنه منبوذ، وهذا يزيده بعدا.

ثم علينا أن ننظر في أسباب هذا الخلل، هل لأصدقائه دور، من أين تعلم مثل هذه الأمور، كيف نحول بينه وبين أن تكون المعصية ميسرة أمامه؟ هذه أشياء لابد أن ننظر فيها، فإن كان للأصدقاء أثر فعلينا أن نقترب منه، ونحاول أن نصادقه ونلاطفه، وندعو الأخيار إلى أن يدوروا حوله، ويقدموا له النصح، وأن يجتهدوا في الأخذ بيده إلى الله -تبارك وتعالى-.

كما أرجو أن يكون في الموقف الذي حصل له -في هذا الموقف العنيف الذي حصل له- ما يؤثر عليه، وما يجعله ينتبه لنفسه، ويحرص على أن يصون أعراض الناس من أجل أن يحفظه الله -تبارك وتعالى- في عرضه وأهله ويصونه كما صان أعراض الناس.

لذلك ينبغي أن نستخدم كل هذه الوسائل، ولا نيأس ولا نظهر اليأس، بل ندعو له، ونجتهد أكثر وأكثر في بذل الهداية، وبذل النصح له، ولا مانع من أن نستعين بعد ذلك بالدعاة الفضلاء، أو بالوجهاء الأخيار ممن يمكن أن يؤثروا عليه فيعود إلى صوابه ويعود إلى سداده، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يقر أعينكم بصلاحه وهدايته وعودته إلى الصواب.

وأرجو كذلك كما قلنا أن لا نشعره بيأسنا أو بقنوطنا أو برفضنا له، لأن الرفض له هو الذي يجعله أحيانا يرتمي في أحضان أصدقاء السوء، وهذا الهجر لا يصلح إلا مع شاب نشأ في أسرة متماسكة يتألم لفقده لأهله، لكن بعض الناس الهجر يزيده بعدا، لأن هجره والابتعاد عنه والنظر إليه شذرا وعزله عن العائلة هذا يتيح فرصة لشياطين الإنس والجن من أجل أن يلتفوا حوله، فعلينا أن نعينه على الشيطان، لا أن نعين الشيطان عليه.

ومهما كان التعب ومهما تكررت المحاولات فإننا نحتسب الأجر عند الله تبارك وتعالى، وننتظر الثواب الذي وعد به النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم) فكيف إذا كان الرجل أخا شقيقا، كيف إذا كان هذا الرجل ابنا عزيزا، فإن سعينا ينبغي أن يكون أكبر، ورغبتنا وحرصنا على صلاحه وهدايته ينبغي أن تكون أعظم.

وعلينا أن نسد منافذ الشر، وندعوه كما قلنا إلى القضايا الكبرى كالإيمان والمحافظة على الصلاة والصيام، ثم نتدرج في بقية المعاصي الواقع فيها حتى يعود بإذن الله تبارك وتعالى إلى صوابه وإلى سداده، وأرجو أن نسمع خيرا، وأن تضعوا خطة مرتبة للنصح له، وتتعرفوا على الأمور التي يحبها لتتخذوها مدخلا إلى نفسه، ولا شك أن العاصي يعيش شؤما وهو بحاجة إلى أن يشعر بأن هؤلاء يريدوا له الخير، فأشعروه برفقكم وعطفكم واهتمامكم، ونسأل الله أن يقر أعينكم بصلاحه وهدايته.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات