صديقتي تتجاهلني فهل أتجاهلها أم ماذا أفعل؟

0 1046

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كان لدي صديقتان، ودائما ما تحدث بيننا مشاكل، فإحداهما كانت تحبني ولم تذكر ذلك، ولكن كان يتضح من كلام صديقتها التي تصغرني بسنة أني كنت في البداية أحبها، ولم أخبرها بذلك، وحبي لها بأني أتمنى الجلوس معها، وتصبح صديقة مثل صديقاتي، وليس شيئا يغضب الله، ولا أريد الإعجاب الذي تفعله الفتيات.

بعدها أصبحت أتكلم وأغتابها كثيرا إذا كنت متضايقة منها عند صديقاتي، والله أعلم إذا كنت هي كذلك أم لا، فكان يصل لها ما أقول، وأنا أكذب بعض الكلام وأنفيه بأني لم أقله، وفي الحقيقة أكون قد قلته، وبعد فترة أصبحت علاقتنا قوية، وأردت الاعتذار من الجميع على الأخطاء التي ارتكبتها في حقهم، وعادت علاقتنا وأصبحت قوية، وبعد ذلك كنت أريد أن أوضح لها بأني لا أريد إلا حبا في الله ولا أريد ما تفعله الفتيات من حب وإعجاب، لأن لدي شك بأنها تريد ذلك وأنا لا أريده، ولم أتجرأ وأذكر لها ذلك، لأنه مضت فترة طويلة ونحن لم نتحدث مع بعضنا.

وبعد عام لم تعد علاقتنا قوية، بل أصبحت تتجاهلني ولا تسلم علي عند مقابلتي لها، وأنا بالتالي فعلت مثلها، ثم أقول لنفسي كوني أفضل منها وبادري بالسلام، ولكنني لم أفعل.

وفي إحدى المرات، سألت صديقتها ما بك، فتقول: ليس بي شيء، فقلت لها: عندما أكون قريبة منك لا تلقي علي السلام، أنا لا أريد منك شيء، ولكنك كنت صديقتي ولن أنساك إلا إذا أنت فعلت ذلك، فـاعتذرت مني على ذلك.

والفتاة الأولى بعدما تحدثت مع صديقتها عادت إلي وتسأل عن أخباري.

أنا تركتها ولم أبعث ردا على رسالتها، لأني سابقا كنت أسألها عن أخبارها وقابلتها وتجاهلتني، وأنا فعلت مثلها.

انصحوني ماذا أفعل؟ أتجاهلها أم أتحدث معها؟ لأني أشعر بأني إذا عدت وتحدثت معها سأكون إنسانة ضعيفة الشخصية، وليس عندي كرامة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.. وبعد:

بداية نشكر لابنتنا الفاضلة حرصها على التواصل مع موقعها، ونسأل الله أن يؤلف بين قلبها وبين قلوب أخواتها، ويجمعهن على الخير والدين، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لقد أحسنت – يا بنتي الفاضلة – فإن الصداقة الناجحة هي التي تكون لله وفي الله وبالله وعلى مراد الله، وكل صداقة وأخوة في هذه الدنيا لا تقوم على أساس التقوى والإيمان وحب الله تبارك وتعالى تنقلب إلى عداوة في الدنيا وعداوة في الآخرة، قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}، أما في الدنيا فإنها لا تخلو من مشاكل، وأزمات، وأحقاد لأنها ليست لله تبارك وتعالى.

ولذلك ينبغي أن تجتهدي دائما بأن تؤسسي صداقات على هدى من الله ونور، واحرصي على أن تكون الصديقة التي تصادقينها دائما في سنك، واجعلي المعيار في اختيارها هو دين الفتاة، وأخلاق الفتاة، وطاعة الفتاة لله تبارك وتعالى.

والإسلام يدعونا ويدعو المسلمة إلى أن تحب أخواتها جميعا، ولا مانع من أن تزيد في حب المطيعة لله تبارك وتعالى، لأن فيها تمسكا بهذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، والحب في الله قاعدة عظيمة، فإذا أحببت فتاة لله تبارك وتعالى فعليك أن تخبريها بذلك الحب، وعليها أن ترد عليك: بأحبك الله الذي أحببتني فيه، ونحو ذلك الكلام الجميل الذي يعمق هذه المشاعر، بل إن المتحابين في الله تبارك وتعالى على منابر من نور يوم القيامة، وهي منزلة رفيعة عند الله تبارك وتعالى، فعلينا إذن أن نؤسس صداقات على تقوى من الله ورضوان، وعلى هدى وأنوار هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

أما ما يحصل من صداقات تعقبها عداوات، ومن صداقات لا تخلو من مكايد التخطيط من قبل البنيات، وما يحدث من صداقات فيها انحرافات خطيرة، وصداقات تبنى على جمال الشكل والمظهر، وصداقات تبنى على أي شيء من أمور هذه الدنيا، فإنها قد توصل إلى الإعجاب المحرم وإلى العشق الذي قد يوصل بالشرك بالله تبارك وتعالى.

ونحن ندعو كل فتاة أن تصادق الصالحات، كما قلنا أن تحب جميع الطالبات، لأنهن في الأصل مؤمنات، ولأنهن في الأصل من بيوت طيبة، وأن تزيد بعد ذلك في حب الصالحات.

ولا مانع من أن تختار مجموعة تقترب إليهن أكثر وأكثر، فإن الإنسان بحاجة إلى صديق، والصديق الصالح كحامل المسك، فحامل المسك لا يعدم الإنسان منه الخير، إما أن يحذينا، وإما أن نبتاع منه، وإما أن نجد منه ريحا طيبة، والتي تصادق الصالحات، وتضع نفسها مع التقيات لابد أن تصيب من ذلك الخير.

أما الصديق الشرير فقد شبه بنافخ الكير، ونافخ الكير إما أن يحرق ثياب من يقترب منه، وإما أن يجد هذا الذي يجلس بجواره تلك الروائح المنتنة عياذا بالله.

والصداقة أمرها خطير، لذلك قال عمر - رضي الله عنه -: (ما أعطي الإنسان بعد الإسلام نعمة أفضل من صديق حسن)، وكان يقول لابنه عبد الله بن عمر: (واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من خاف الله تبارك وتعالى).

فمن هنا فنحن ندعو بناتنا الفضليات إلى الاهتمام بمسألة الصداقة، وإلى تأسيس تلك الصداقة على تقوى من الله تعالى ورضوان.

أما ما حصل منك من غيبة، والكلام في الفتيات، وهذا التأثر بغيابهن أو بقربهن، ينبغي أن تنتبهي لهذا لأن هذا الأمر عظيم، فإن الإنسان لا يجوز له أن يذكر الآخرين إلا بالخير، فإن الغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره وهو غائب، فقد سأل الصحابة: (يا رسول الله أرأيت إن كان في أخي ما أقول) أنا أقول هي عرجاء وهي عرجاء، عوراء وهي عوراء، قال: (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته)، فهذه هي الغيبة المحرمة، (وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته).

فلا تقابلي الصدود بالصدود، ولا ترخي أذنك فتستمعي لكلام النمامات، فهناك من النساء ومن الرجال من يشتغل بالنميمة، والنميمة أمرها عظيم وخطرها جسيم، حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (لا يدخل الجنة نمام) وقال: (لا يدخل الجنة قتات).

فكل ذلك يدل على خطورة هذا المسلك السيئ، فلا تستمعي لكلام البنات إذا نقلن لك عن أخرى أنها تتكلم فيك أو أنها تريد أن تعاديك أو نحو ذلك، وعلينا أن نحمل الناس على الخير، فإذا تكلم فينا الناس فتلك حسنات وأجور تأتينا عند الله تبارك وتعالى، والعاقلة لا تورط نفسها في أعراض أخواتها والأخريات.

كما ندعوك أيضا إلى أن تحسني التعامل مع جميع البنات، فإن المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم خير من التي لا تخالط ولا تصبر، فإذا كان هناك فتاة يمكن أن يأتيك منها شر فاجعلي علاقتك بها سطحية، ولكن عليك أن تسلمي عليها، وتكلميها في الأمر الضروري، وأن تسألي عن أحوالها، وأن تقدمي لها النصيحة إذا رأيت عندها تقصيرا، وعليك بكل ذلك أن تتحري الحكمة والموعظة الحسنة والأسلوب الجميل، ولا تعرضي نفسك للعداوات.

وإذا عاملتك أخت بالسوء أو قصرت في حقك فلا تقصري أنت، فكوني دائما على الخير، وإذا هجرتك إحداهما فاعلمي أن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (خيرهما الذي يبدأ بالسلام).

فكوني كالشجرة الراسخة بإيمانها وتقواها لله تبارك وتعالى، واحرصي على أن تعمري مجلسك بالخير والطاعة، حتى تأتيك من البنات من فيها خير وطاعة واستجابة لأمر الله تبارك وتعالى، فإن الإنسان كالسوق تحمل إليه البضائع الرائعة، فاجعلي الصدق والأمانة والقرآن والذكر هو الرائج في مجلسك وفيمن حولك، وعندها سيأتيك من فيها خير، وعند ذلك ستحافظين عليها، لأنه كما قيل: (أخاك أخاك من نصحك في دينك، وبصرك بعيوبك، وهداك إلى مراشدك، وعدوك عدوك من غرك ومناك).

فاسمعي كلام الناصحات، وتوجهي إلى رب الأرض والسموات، وتذكري أن الله تبارك وتعالى قال لنبيه: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا}.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات