أشعر بنفور من خطيبي وتركه قد يسبب الكثير من المشاكل!

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد تردد كبير قررت أن أطرح مشكلتي عندكم، مع أني أجد كثيرا من المشاكل المشابهة لمشكلتي.

لقد تمت خطوبتي منذ أكثر من أربعة أشهر من أحد أقربائي. منذ أول لقاء بيننا، وبعد الموافقة عليه شعرت بكره شديد تجاهه، وهو قد تقدم لي من بين ثلاثة من الشباب، ولم أكن أريد اختياره بتاتا، وبعد صلاة الاستخارة أصبحت أفكر فيه، وهو الوحيد من بينهم الذي كان يأتي إلى مخيلتي.

علما بأني لم أكن أريده، ووافقت عليه، وبعد ذلك شعرت بالذي شعرت، وأنا لا أستطيع أن أعرف الشاب من دينه وأخلاقه، ولكن أخذت الصلاة مقياسا لديني، وبالأخص صلاة الفجر، وهو لم يكن يصليها في وقتها، وعندما يكلمني في الهاتف يرفع صوته كثيرا لكي يسمعه أصدقاؤه، وأنا لا أحب ذلك.

الآن أريد أن يبادر هو بتركي، لأني إذا بادرت أنا ستحصل الكثير من المشاكل، أرجوكم انصحوني، والآن لا أرد على مكالماته، وحاولت أكثر من مرة أن أخبره بطريقة غير مباشرة، ولكنه بعد ذلك تكلم معي بطريقة عاطفية ظنا منه أنني سأتقبله، وأنا لا أحب ذلك.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.. وبعد:

إننا نشكر لابنتنا الفاضلة تواصلها مع موقعها، ونبشرها بأننا في خدمتها، وفي خدمة أمثالها من الشباب والفتيات الذين هم أمل الأمة، ولا نملك أغلى من شبابنا وفتياتنا بعد توفيق الله وتأييده، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل في الشباب والفتيات قرة العين للوالدين وللأمة وللمسلمين أجمعين.

كذلك ندعوها إلى أن تترك التردد، فنحن على استعداد للإجابة على أسئلتها، فالسؤال الذي طرحته من الأهمية بمكان، فعليها أن تبادر بطرح كل الإشكالات التي عندها، وستجد منا -إن شاء الله- التعاون والحرص على الحلول النافعة بحول الله وقوته، وقد أسعدني كذلك أن ابنتنا استخارت ربها تبارك وتعالى، ولن تندم من تستخير وتستشير ربها تبارك وتعالى.

أما إذا كان بالنسبة لهذا النفور الحاصل فإنا نقول: إذا كان هذا النفور له أسباب ظاهرة، وأسباب تستطيع أن تعدها، وتستطيع أن تعرفها فإن هذا معناه ينبغي أن نقف عند الأسباب سببا سببا، فمسألة الصلاة من الأهمية بمكان، لكن محافظة الشاب على الصلاة لم تشيري إليها، فقط أخبرت أنه لا يصلي الفجر في وقتها، وحقيقة لا نستطيع أن نحكم في هذه المسألة إلا إذا تخيلنا الوضع الموجود، إلا إذا تخيلنا الاختيارات المطروحة، فهل هناك تقي نقي؟ وما هي فرص هذه الفتاة؟ وما فرصك في الحياة وفي مجيء الخطاب؟ وهذا كله ينبغي أن تفكري فيه بطريقة شاملة.

إذا استمر هذا النفور ولم تكن له أسباب فإنا ننصح الفتاة بأن تكثر من الذكر، تقرأ الرقية الشرعية على نفسها، وأن تواظب على تلاوة القرآن، وتواظب على طاعتها لله تبارك وتعالى، أما إذا كان للنفور أسباب فإننا عند ذلك نقف عند هذه الأسباب، ونحلل هذه الأسباب لنرى أبعادها، ونرى إمكانية التغيير والإصلاح.

قطعا كون هذا الشاب يتكلم بصوت عال أمام أصحابه فهذا يضايق الإنسان، وما ينبغي للرجل أن يكون هكذا إذا كلم أهله، يريد أن يسمع الآخرين، خاصة أنت الآن في مرحلة الخطوبة، والخطوبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في المكالمات، وفي نوع الكلام الذي يقال.

أرجو أن تعطي نفسك فرصة، أن تحاولي أن تتعرفي أكثر وأكثر، خاصة على مسألة الدين، وأرجو أن تجدي في أقربائك الكرام من يعينك على حسن السؤال والتفهم لهذا الشاب، إن هذا الشاب قد يكون فيه نقص ولكن قد يكون أفضل الموجود، قد يكون أفضل من تقدم، وأيضا أنت أعلم بالفرص المتاحة وصعوبة الحصول على زوج، هذه جوانب ينبغي أن تفكري فيها.

إن استمر هذا الكره وهذا النفور فعند ذلك الخطبة أصلا ما شرعت إلا ليتعرف الإنسان على هذه الأشياء، والحياة الزوجية التي لا تقوم على ميل ولا تقوم على رضا، ولا تقوم على قبول، فهذه طبعا نحن لا ننصح بالاستمرار فيها، ذلك لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

أعجبني أيضا أنك حريصة على أن يأتي النفور منه حرصا على مشاعر الأهل، وخوفا من حصول بعض المشاكل، ولكن أدعوك قبل هذا وبعده إلى أن تعطي نفسك فرصة من أجل أن تتعرفي على هذا الشاب أكثر وأكثر، وخاصة عن طريق محارمك، لأننا بحاجة إلى معرفة دين الشاب، بحاجة إلى معرفة الأصدقاء الذين يدور حولهم، بحاجة إلى معرفة وضع هذا الشاب في العمل وفي علاقته مع الآخرين، بحاجة إلى التعرف على أسرة هذا الشاب، وإلى أي مدى فيها استقرار وسعادة، بحاجة إلى معرفة الطريقة التي يفكر بها هذا الشاب.

هذه أسئلة لا بد أن تجدي لها إجابات، وقبل أن تقدمي على هذه الخطوة أيضا ننصحك بأن تكرري الاستخارة وتستشيري من حضرك من الكرام، من حضرك من الفضلاء، فستجدين عندهم الخير الكثير، فهم أحرص الناس على مصلحتك، وسنكون سعداء أيضا إذا تواصلت مع الموقع، خاصة بعد أن تجيبي على التساؤلات التي ذكرناها، ومرادنا من هذا الكلام أن تنظري إلى نهايات الطريق، أن تتأملي هذه المسألة، ولا تستعجلي في تضييع هذه الفرصة، فإن رفض الفتاة للخطاب يجعل الآخرين يحجمون ويجعل الآخرين يفكرون آلاف المرات قبل أن يقدموا عليها.

لا يخفى عليك أن مجيء الشاب والخطبة الرسمية وطلب يدك بهذه الطريقة؛ هذه أشياء تدل على أن الرجل جاد، وتدل على أن الرجل حريص على أن يرتبط، وطبعا هذه المسألة في النهاية نحن نؤيد التريث والتثبت والتعرف على هذا الشاب معرفة شاملة، لأن مشوار الحياة طويل، ولأن هذه الحياة تبنى عليها أشياء كثيرة: ذرية وعلاقات أسرية وغير ذلك.

ننصحك بالتريث في هذه المسألة، ولكن لا تستعجلي باتخاذ قرار، ولا مانع من أن تعيدي الاستخارة في هذه المسألة، فإن الاستخارة هي طلب للدلالة إلى الخير ممن بيده الخير سبحانه وتعالى، فاستخيري ربك تبارك وتعالى، واقتربي من الصالحات، وحاولي أن تأخذي النصح منهن، وأيضا اقتربي من أرحامك واطلبي منهم أن يتعرفوا أكثر وأكثر على هذا الرجل الذي سيصبح غدا جزءا من هذه الأسرة.

كم تمنينا أن يقوم الأولياء بأدوارهم كاملة حتى يعطوا الصورة الناصعة والكاملة فعلا لهذا الذي يريد أن يدخل حياتهم ويدخل على أسرتهم، وكلنا أمل في أن يقدر الله لك الخير، وننصحك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه والتوجه إليه سبحانه وتعالى، وأرجو أن تعلمي أنك أيضا لا بد أن تنظري مع سلبيات الرجل وإيجابياته، فإنك لن تجدي رجلا بلا عيوب، كما أن أي رجل لا يجد امرأة خالية من العيوب، لكن إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، فاستعيني بالله وتوكلي عليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات