وافق شاب على الزواج بي ثم تركني بسبب أهله! ما توجيهكم؟

0 444

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 25عاما، قبل3 أعوام عرض علي شاب على خلق ودين، كان زميلا لي في العمل أن يتقدم لخطبتي بعد إتمام دراساته العليا، في بداية الأمر كنت أرفض لإصابتى بإعاقة خلقية في الساق, ولكنه كان متمسكا بي، ووسط لي العديد من صديقاتي، وبالفعل تقاربنا من بعضنا كثيرا ووافقت عليه بعد علمي قبوله بإعاقتي، واعترافه بأنها قدر الله، وبعد إصرار مني طمأنني بقبول أهله لي في حالة إتمام الخطبة.

بعد إكماله الدراسة وقبل أربعة أشهر قرر إخبار أهله لإتمام الخطبة، وتفاجأت حينها برفض أهله لي بسبب إعاقتي! برغم أنها عيب خلقي، ولا يؤثر في حياتي اليومية، وأستطيع تأدية جميع الأعمال بفاعلية, كما أنه ليس مرضا وراثيا.

أنا أشعر بظلم أهله لي، خصوصا وأنني كنت صريحة منذ البداية بخصوص تخوفي منهم، وأنا متعلقة به بشدة، ولا أستطيع نسيانه, وأصبحت بعد هذا الوضع أسيرة للأحزان، وأسيرة للهموم وأسيرة للقلق، وأسيرة للوساوس وأسيرة للشعور بالنقص.

أريد أن أعرف ما هو رأيكم؟ وماذا أفعل؟ أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنا نشكر لك ابنتنا الفاضلة تواصلك مع موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه، ويسعدنا وشرف لنا أن نكون في خدمة بناتنا وشبابنا الذين هم أمل الأمة بعد توفيق الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يرضيك به.

أما ما ذكرت بالنسبة لما حصل مع هذا الشاب من تخليه عنك بعد التواصل وبعد إعلان رغبته، بل بعد الإصرار على أن يرتبط بك ورغم أنك قد بينت لهم ما بك من خلقة - من عيب - من عرج أو نحو ذلك، فإننا ندعوك إلى أن تتناسي هذا الموضوع، لأن مثل هذا الشاب الذي نقض عهوده، والذي لا يستطيع أن يعلن رأيه صراحة، ولا يستطيع أن يقرر وحده، لست في حاجة إلى أمثال هؤلاء الرجال الضعاف، ونسأل الله أن يقدر لك ما هو أفضل، وأن يلهمك السداد والرشاد.

هنيئا لك بتوفيق الله تبارك وتعالى بالوظيفة والعمل والمؤهل العلمي، وهذه النجاحات التي أنت فيها، فإن نعم الله تبارك وتعالى مقسمة، والله تبارك وتعالى إذا حرم شيئا فإنه يعطي أشياء، فهذا الذي ينبغي أن تفكري فيه، والإنسان دائما ينظر إلى من هم أقل منه، في المال وفي العافية وفي الشهادات وفي كل أمور الدنيا، حتى لا يزدري نعمة الله تبارك وتعالى عليه.

ما حصل من هذا الشاب حقيقة رغم تفهمنا لمعاناتك، ولما حصل منه إلا أننا ندعوك إلى التعامل مع هذا الأمر بطريقة أيسر من هذا، ولا تقفي عند اللحظات المؤلمة طويلا، فالمؤمن لا يقف ويدور حول نفسه ويقول: لو كان كذا لكان كذا، وإنما يمضي وهو يردد بعزيمة المؤمن وإيمان المؤمن: (قدر الله وما شاء فعل) ذلك لأن لو تفتح عمل الشيطان.

أنت بلا شك أعلم منا بتأثير الهموم والأحزان المتواصلة على الإنسان، وكيف أنها خصم على صحته وعلى عافيته، وقد تكون خصما على وقته أيضا الذي ينبغي أن يستخدمه في التقرب إلى الله تبارك وتعالى، أو في القيام بأدواره الكاملة في الحياة، ولا يخفى على أمثالك من الفاضلات أن السعادة ليست في الزواج بشخص معين، وليست في الأموال وليست في الوظائف، لكن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة، الذاكرة لله تبارك وتعالى الراضية بقضائه وقدره سبحانه وتعالى، المواظبة على شكره وحسن عبادته سبحانه وتعالى، وأنت بحول الله وقوته من السعداء ومن السعيدات بما هيأ الله تبارك وتعالى لك من توفيق في مجالات أخرى في الحياة.

لا أظن أن ذهاب هذا الخاطب هو نهاية المطاف، فأبواب الخير مفتوحة، ومن هنا فنحن ندعوك إلى أن تحشري نفسك في مجتمع الصالحات، وتظهري لهم ما وهبك الله من الملكات، وأرجو أن تتذكري وأن يعلم الجميع أنه لا يوجد إنسان إلا وفيه نقائص وفيه عيوب، فمن الذي ما ساء قط، ومن له الحسنى فقط؟! وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.

الذي يظن أن ما بك هو عيب فإنه مسيء الأدب مع الله تبارك وتعالى، وسيبتليه الله تبارك وتعالى بمثل هذا في من يحب، لأن الجزاء من جنس العمل، فالإنسان ينبغي أن يرضى بما أعطاه الله تبارك وتعالى، ولا يحزن لمثل هذه الأمور، لأنها من الله تبارك وتعالى، ونكرر: الله تبارك وتعالى إذا أخذ شيئا فإنه يعطي أشياء.

إذا كنت ولله الحمد تمارسين حياتك بطريقة طبيعية، وهذا الأمر ليس وراثيا، فأبشري بالخير، وأملي في الله تبارك وتعالى خيرا، ولا تقفي عند ما حصل، إذا كان في هذا الشاب خير سيستطيع أن يقنع أسرته وأهله ويعود إليك، وإذا لم يستطع هذا فلا خير في رجل ضعيف ليس له قرار، والمرأة تحتاج إلى رجل واثق من نفسه بعد ثقته في الله، قادر على اتخاذ القرارات الصحيحة، قادر على الوقوف في وجه كل من يريد أن يدعوه إلى ظلم الآخرين أو التقصير أو التنقيص من حقوقهم.

إذن ليس هناك ما ينبغي أن تحزني عليه، فتوكلي على الله تبارك وتعالى واستعيني بالله تبارك وتعالى، وأشغلي نفسك بالخير، ووصيتنا لك بأن تتقي الله تبارك وتعالى، وأن تتوجهي إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، فإن قلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، ووصيتنا لك أيضا أن تصبري، فإن الصبر عاقبته خير للصابرين، وما من إنسان صبر إلا وعوضه الله تبارك وتعالى خيرا من وراء هذا الصبر، ولا مانع من أن ترددي (اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها) كما هو توجيه النبي عليه صلاة الله وسلامه.

كذلك أيضا ينبغي أن تحرصي على الاقتراب من والديك وأسرتك، وتطلبي منهم الدعاء، فإن دعاء الوالد أقرب للإجابة وكذلك دعاء الوالدة، وعليك كذلك أن تجتهدي في النصح والمساعدة للمحتاجين، فإن الإنسان إذا كان في حاجة إخوانه كان الله تبارك وتعالى في حاجته، فعليك كذلك أن تكثري من الاستغفار والرجوع إلى الواحد القهار الذي يملك مقاليد الأمور سبحانه وتعالى، فإن الإنسان إذا استغفر الله وأناب إلى الله تبارك وتعالى قدر الله له الخيرات، وإذا كان الإنسان في حاجة إخوانه كان العظيم تبارك وتعالى في حاجته.

من هنا فإنا ندعوك إلى الإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) فهي ذكر واستعانة بالله تبارك وتعالى، وندعوك إلى أن تكثري من الصلاة على النبي – عليه صلوات الله وسلامه – وعليك أيضا أن تكوني راضية بقضاء الله وقدره، فإن الإنسان إذا رضي بقضاء الله وقدره قدر الله له الخير، وفاز بالأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى.

عليك كذلك أن تؤدي شكر النعم التي أولاك الله إياها، فإننا بالشكر ننال المزيد، {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم} وبشكرنا نقيد النعم التي عندنا فلا تزول، فنسأل الله أن يديم عليك فضله ونعمه، وأن يستخدمنا وإياك في طاعته، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات