السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة منذ 13 عاما وأم لثلاثة أطفال بنتين وولد، قصتي مع زوجي مثل قصة أهل القرية مع الراعي الكذاب! للأسف زوجي يكذب في كل تفاصيل حياتنا، حتى التافهة منها، لدرجة أنني فقدت ثقتي تماما به، وأصبحت لا أطيق أن أسمع صوته أو أشم رائحته، ولا أسمح له بالاقتراب مني بسبب الكذب، ولأنه يعاني من سرعة القذف، وطلبت منه أن يتعالج أكثر من مرة إلا أنه يقول إنه تعالج ويبقى الحال على ما هو عليه! لدرجة أنني قد أصاب بحالة عصبية غير طبيعية عندما يستغلني لقضاء شهوته دون اكتراث برغبتي أو حاجتي الجنسية، مما ينعكس على علاقتي بأولادي.
الأمر الآخر هو أنه لا يخصص لي مصروفا خاصا أبدا، نفقتي هي عبارة عن مأكلي ومشربي، مع العلم أنه مقتدر وهذا يرجع إلى أسلوب تربيته أنه لا يجب أن يعطي الزوجة مالا حتى لا تنفقه على الهدايا لأهلها، طلبت منه الطلاق عدة مرات لكنه لم يستجب لي، وقلت له أن يتزوج غيري، لكنه يرد في كل مرة لست أنت من تقررين إن كنت سأتزوج غيرك أم لا؟! وصلت إلى طريق مسدود، أصبحت جسدا من غير روح، أقوم بأعمالي المنزلية كأنني رجل آلي، تبرمج على أن يقوم بهذه الأعمال بشكل يومي.
أفيدوني أرجوكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
نحن نتفهم أيتها الأخت ونحس بما تعانينه من ضيق بسبب الظروف التي أنت فيها، لاسيما حاجتك إلى المعاشرة من زوجك، فهذا أمر فطره الله عز وجل عليه الناس، وفي الوقت ذاته نحن نفهم من كلامك أيتها الأخت بأن هذا الزوج محب لك متعلق بك، ومن ثم لا يفكر أبدا بطلاقك والتخلص منك.
هذه النفرة التي تشعرين بها أيتها الأخت الكريمة نحن نرى أن الحل الحقيقي لهذه المشكلة التي أنت فيها يبدأ بمعرفة هذه الأسباب، ونحن على ثقة تامة بأن ما فيك من العقل وحسن الرأي، وحسن تصرفك في الأمور سيعينك بإذن الله تعالى على معرفة هذه الأسباب، ومحاولة التغلب عليها.
لا شك أيتها الأخت أن الحالة النفسية التي تعيشينها بسبب نفورك من زوجك حالة متعبة لك مقلقة لك، ولكن العلاج لهذه الحالة والتخلص منها لا يمكن أن يكون بعد إرادة الله تعالى وتسهيله ذلك إلا من قبلك أنت، فلن يقدر أحد على أن يسعدك وأن يزيح عنك ما أنت فيه إلا أن تأخذي أنت بالأسباب الممكنة بالتغلب على هذه الحالة التي أنت فيها، فسعادتك تبدأ من تناولك أنت لأسبابها.
نحن نقول أيتها الأخت: ينبغي أن تتعاملي مع الجوانب الإيجابية في زوجك، وأن تحاولي الإكثار من التأمل والنظر فيها، فإن هذا أسلوب موصل بإذن الله تعالى إلى طرد الكراهية الموجودة فيك له والنفرة منه.
أول هذه الإيجابيات أيتها الأخت أن تصرفات هذا الزوج تنبئ بصدق ويقين عن حبه لك، وأنه لا يريد التفريط فيك، وما قد يمارسه من الكذب معك ربما يلجئه محاولة إصلاح الحال معك، والحرص على ألا تجدي شيئا تكرهينه منه، أو نحو ذلك من الأسباب يدعوه إلى الكذب، وإلا فإن الصراحة التي تبلغ إلى حد الوقاحة يستسهلها الإنسان مع الشخص الذي يبغضه ويكرهه.
ننصحك أن تحملي هذا السلوك من الزوج على الجانب الإيجابي منه، صحيح أن الإفراط في استعمال الكذب مع الزوجة ليس أمرا محمودا، ولكن الشرع رخص في الكذب بين الزوجين لأنه قد يكون وسيلة لإصلاح كثير من الأمور بين الزوجين، ولذا ندعوك بصدق وننصحك - وهي نصيحة من يحب لك الخير ويتمنى لك السعادة – أن تصرفي النظر عن الجوانب السلبية في زوجك، وأن تنظري إلى هذه الأمور بمنظار الإيجابية والبحث عن الجوانب الحسنة في شخصية زوجك لتتعاملي مع زوجك من خلالها.
هذا الزوج بلا شك أيتها الأخت كما قلنا غير مرة حريص على أن لا يوصل الأذى إليك، ومن ثم لا يفكر أبدا بأن يخبرك بأنه يريد أن يتزوج عليك، مع علمك بأنه قادر على ذلك.
أما ما تشكينه منه من جهة الإنفاق، فإنه ما دام يوفر لك الحاجات التي أمره الشرع بتوفيرها من السكن والنفقة والمأكل والمشرب بحسب العرف اللائق لمثلك من مثله فإن هذا هو الواجب الشرعي، ويبقى بعد ذلك النفل والزائد، وليس من حقوق المرأة على زوجها أن يعطيها المال الذي تشتري به هدايا لأهلها، وإن كان هذا خلقا حسنا ينبغي للزوج أن يتحلى به، ولكن بإمكانك أيتها الأخت بالرفق واللين وحسن التجمل والتبعل للزوج، واستمالة قلبه بالكلام اللين الجميل، بإمكانك أن تصلي إلى حاجتك منه إن أردت ذلك، وليس هذا عيبا، وليس في تواضعك له وذلك له ما ينقص من قيمتك، أو ما يقلل من قدرك، بالعكس من ذلك كله، فإن النبي - عليه الصلاة والسلام – يقول: (لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).
نحن على ثقة بأنه بتلطفك به وحسن طلبك منه لن يردك خائبة من شيء، مع أن هذا السلوك يمكن أن يعدل بمرور الوقت والزمن مع محاولات تعديله، وعذره في ذلك واضح أيتها الأخت، فأنت قد ذكرت بنفسك بأن هذه ثقافة ربي عليها، وربما تكون ثقافة المجتمع من حوله، فينبغي أن تلتمسي له المعاذير.
أما الحاجة الجنسية فإن هذه حاجة أكيدة بالنسبة لك (نعم) ولكن بإمكانك أن توصلي هذه الرسالة إلى زوجك، ولو بنوع من الصراحة في وقت هدوء وحسن علاقة بينك وبينه، فتخبريه بأن للمرأة من الحاجات كما للرجل، وأنها تحب أن تقضي حاجتها منه، وهذا أمر لا حياء فيه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – أرشد إلى ذلك في أحاديث كثيرة، ويمكنه أن يتغلب على سرعة القذف بالبدء بالملامسة والتقبيل قبل ذلك قبل الجماع حتى يتيسر لك قضاء حاجتك، وقد قال الله تعالى: {وقدموا لأنفسكم} مع الأخذ بأسباب التداوي، فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له دواء.
نحن على ثقة أيتها الأخت بأنك إذا أخذت بهذه الإرشادات فإنك ستغيرين ولو جانبا كبيرا من حياتك.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان وييسر لك أرشد أمرك.