السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تزوج أخي من ابنة عمي، وقد حدث خلاف من نحو 8 أشهر، بينها وبين زوجة أخي الآخر، فغضب أبي وزجرها هي، وكان الخلاف بينهما لكنه زجرها هي، ومن حينها لا تكلم أخي ولا زوجته، وكنت قد عزمتها عندي فأبت أن تلبي الدعوة، وتعللت بأنها لا تريد أن تحتك مع زوجة أخي الأخرى، وكان هذا بعد المشكلة بقليل والآن بعد 8 أشهر أختي دعتها لزواج ابنها فرفضت أيضا.
تبين أنها تعاملنا كأننا أعداء لها، فهي تشبه زوجة عمي (أمها) كما أنها تشبه جدتها لكن أخي لم ينتبه إلى هذا، وبعد زواجها حدث خلاف بين زوجها وأخي، كما حدث بينه وبين أبي أيضا بسببها، فهي تنقل له الأخبار والمشاكل فتقول له ما يحدث من الآخرين لها، حتى يظهروا كأنهم هم من أخطؤوا، ويكون هذا كرد فعل لتصرفاتها، وكانت زوجة عمي أشد ما تبغض علاقة عمي بإخوته، وأخي يعرف هذا، ولكنه يسمع كلامها بحسن نيه وتسوء العلاقة بينه وبين أهله.
هل إذا بينت له أنها تشبه أمها في هذا وأنها تعاملنا كأننا أعداؤها أرتكب ذنبا؟ أريد أن أنبهها فهي كجدتها ذات وجهين ونظرا لمضي 8 أشهر على الإشكال تصر على أنها لا تكلم أخي وزوجة أخي وترفض دعوة أختي.
هل إذا بينت له أن قلبها أسود ومكارة جدا يكون حرام، لأنه مسافر ولا يعيش معها، هي مريضة بمرض عصبي تتشنج وتصرخ والعائلة فيها صرع وأمراض أخرى أيضا، ونحن نريده أن يطلقها قبل أن ينجب منها وقد كانت حياة عمي جحيم مع أمها وهي صورة طبق الأصل من أمها، فهل حرام أن نطلب منه أن يطلقها قبل أن تنجب فهو سوف يعرفها ولكن بعد فوات الأوان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نشكر لك -ابنتنا الكريمة- التواصل مع موقعك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يستخدمنا جميعا في طاعته، وأن يعيننا على الصلاح والإصلاح، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.
أرجو أن تعلموا أن بنت العم من عرض الإنسان، وهي منكم وأنتم منها، وأرجو أن تصبروا عليها وتحرصوا على الإحسان إليها، لأن هذا هو المطلوب، فأمرها يهمكم في كل الأحوال.
إذا كان هذا الأخ شقيقك هذا -زوج هذه المرأة- يميل إليها ويقدرها فلا مانع من أن تساعدوه على إصلاحها، ويمكنك أن تذكري له ما في نفسك، لكن على سبيل الإصلاح، وعلى سبيل التنبيه، فعليه أن يحسن إليها ويعاملها معاملة حسنة، وعليه قبل ذلك أن يكون بارا بوالديه موصولا بإخوانه، فالإنسان قد يجد زوجة بل زوجات لكنه لا يجد إخوة ولا يجد أخوات، ولا يمكن أن يجد آباء وأمهات، ولذلك هذه الأمور ينبغي أن تكون واضحة بالنسبة لشقيقك هذا.
مسألة كونها تشبه أمها وتحرص على أن تفرق بين الناس وتنشر النميمة وقالة السوء، هذه الأمور سيعرفها هذا الشقيق، ولا مانع من أن تنبهيه لذلك أيضا، ولكن أرجو أن يكون ذلك بحكمة حتى لا يصدق أنكم تعادونها، وليس من حقكم أن تطالبوه بطلاقها، ولكن لا مانع من أن تذكروا ما فيها من العيوب وما فيها من النقص من باب التعليم والنصح لشقيقك هذا، شريطة أن يكون هذا الكلام وهذا النصح في حدود المعقول، فإن الشرع لا يرضى وقوع الظلم عليها أو على غيرها.
أنت مطالبة أن تبيني له ما عندها من خلل، ولا تقارنيها بوالدتها أو جدتها ما كان يحصل منهم، فإنا نريد أن ننتشلها من ذلك الواقع، لا نريد أن ندفعها لتكون فعلا مثل الجدة أو مثل الأم.
لا بد أن تدركي أيضا أن شخصية الرجل هي الأساس في هذه المسألة، إذا كان هذا الشقيق له شخصية وله عزيمة وله إرادة وبين لزوجته بوضوح، وبين لها بوضوح أنه لا يجامل في علاقته بأرحامه وإخوانه، وأن هذه المسألة بالنسبة له واضحة، وأنه لا يرضى دخولها لإفساد هذه العلاقة، فإن عليه أن يعطيها هذه التعليمات بهذا الوضوح، إذا تمادت وأصرت وحرصت على العناد وعلى إفساد ذات البين فعند ذلك يمكن أن يؤدبها بما يراه مناسبا.
أرجو أن تتأكدوا أيضا أن أهلكم أيضا كأختك مثلا لا يعاملونها ولا يستهزئون منها ولا يسخرون منها، وإلا فلماذا هذا الانقباض، ولماذا تستفيد من إثارة هذه المشاكل، فالمسألة تحتاج أن تنظروا إليها بطريقة شاملة، وتحرضوا هذا الأخ على إصلاحها، وعلى النصح لها.
ربما يكون رفضها لدعوة الأخت أو تلك الدعوات التي تدعى إليها والولائم، أنها تخاف من أن تتعقد الأمور، وأن يتطور الخلاف، إذا كان عمك قطع أرحامه (إخوانه) فليس من الضرورة أن يتكرر مثل الوضع مع شقيقك هذا، لذلك أرجو أن تنصحوا له ولها، وأن تكونوا في ذلك منصفين، وليس لك أن تقارنيها بأمها أو بغيرها، ولكن ينبغي أن تبينوا الخطأ من الصواب، وتحرصوا على أن تصل هذه المعلومات صحيحة مجردة بالنسبة لأخيك حتى يعرف الأمور على وضعها الصحيح، لأننا لا نريد أن نعالج خطأ بخطأ، لا نريد أن نكرهها لأنها نمامة ثم ننقل نميمة عنها، ولكن إذا ثبتت هذه الأمور فإن النصح واجب بالحكمة والأسلوب المقبول دون أن تطلبوا منه أن يطلقها، فإنها كما قلت (من عرضكم) أمرها يهمكم، فهي منكم وأنتم منها، والإنسان لابد أن يراعي مثل هذه العلاقات، وحتى لو كانت مريضة فمن لها إن لم يكن ابن العم وإن لم تكونوا أنتم من يعاونها على بلوغ العافية، ومعالجة ما عندها من الخلل.
إذا يئس من العلاج وأصبحت عنده قناعة، فمن حقه أن يتخذ القرار الذي يراه مناسبا، لكن أن يتدخل الناس ويجبروا الرجل على طلاق زوجته أو على الإساءة إليها أو يشوهوا صورتها، أو يخبروا بهذه الأمور على سبيل التضخيم فإن هذا لا نرضاه لكم، وإذا عرفتم ما فيها من خلل فعاملوها بما هي أهل له، وكل شيء يكون عند الله تبارك وتعالى وجيها، ولكن حسبكم أن تبتعدوا من هذا الشر، وحسبكم إذا تدخلتم أن يكون الأهم النصح بالتي هي أحسن، فليس من الحكمة وليس من الشرع أن تطالبوه بطلاقها هكذا، ربما يكون في نفسه وفي قلبه ميل إليها، وأيضا ينبغي قبل كل ذلك أن يكون هناك محاولات للإصلاح، وأعتقد أن وجود هذا الأخ معكم والذي سيكشف لكم الأمور على حقيقتها، عندما تكون تحت زوجها عند ذلك نستطيع أن نرى التصرفات، فإن كان فيها خلل فمن حقه هو أن يتخذ ما يراه مناسبا.
نسأل الله أن يؤلف بين القلوب، وأن يعين الجميع على صلة الأرحام والوفاء بحقها، فإن الأرحام لا يمكن أن تستمر (الصلة) إلا بنسيان الجراحات والصبر على المرارات، ونسأل الله أن يهديها ويهديكم لأحسن الأخلاق والأعمال وأستغفر الله لي ولكم.