كيف أحقق النجاح وأملك الحرية والانفتاح الموجود عند البنات وعلى التلفاز؟

0 401

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 27 عاما، أكملت الثانوية العامة عام 2002 ولم أحصل على معدل مرتفع، فقد حصلت على 60% ، ولهذا السبب دخلت كلية جامعية متوسطة، ولم أستطع دخول الجامعة، ودرست سنتين ونصف في الكلية عام 2003 وعام 2004 و7 أشهر من عام 2005 ، وتخرجت من الكلية شهر 7 من نفس العام، وكان نظام الدراسة أن هناك امتحانا يدعى امتحان الشهادة الجامعية المتوسطة -الشامل- يجب أن يقدمه الطالب لكي يحصل على شهادة معتمدة من الجامعة التطبيقية المسؤولة عن الكلية، وبدون النجاح بهذا الامتحان لا تعتبر الشهادة رسمية -أي غير معترف بها- وللطالب أربع فرص للامتحان على مدار سنتين، وإذا استنفذت الأربع فرص له أربع فرص غير الأربع الأولى، تقدمت للأربع فرص الأولى ولم أنجح، واستنفذت حقي، وجلست في البيت حوالي 3 سنوات لم أفعل فيها شيئا ، يمكن القول 3 سنوات من الفشل التام، وأخيرا وفي عام 2011 تقدمت لامتحان الدورة الأولى ونجحت في ورقة منها، وتقدمت للدورة الثانية ونجحت في الورقة الثانية ، وهكذا بقي ورقتان، وهم مواد تخصص -أي مواد صعبة ليس كالورقتين السابقتين مواد سهلة-.

لقد عانيت كثيرا في هذا الامتحان ولا أعرف ماذا أفعل!؟ ليس لي مزاج للدراسة طوال هذه الفترة، وهذا الامتحان هو تحديد مصير بالنسبة لي؛ لأنه سوف يحدد مستقبلي، ماذا أفعل لأواظب على الدراسة؟...هذه المشكلة الأولى.

المشكلة الثانية: هي مشكلة نفسية اجتماعية، لا أعرف إذا كنت سمعت بها من قبل أو لا!؟ أنا فتاة طموحة جدا، عائلتي متواضعة مكونة من أب وأم رجعيين ومتزمتين جدا، لا يعرفون الانفتاحية أبدا، يؤمنون بأن الفتاه يجب أن تتعلم وتعمل حتى لا تحتاج لأحد، ويؤمنون بأن أدخل وأخرج بحرية لكن بحدود قليلة جد. مع العلم أني لست محجبة ولا شقيقاتي أيضا، وأرتدي الشورت والبلوزة الكت، وأخرج فيهما، أو بنطلون جينز، وأريد من أهلي أن لا يعترضوا، فهذا اللباس المعتاد عند كل فتيات مجتمعي، وأصبحت أنظر الى العائلات الذين يعطون بناتهم حرية مطلقة في دخولهم وخروجهم ولباسهم، وأعاني من تشتت وأرق واضطراب في التفكير بسبب هذه الافكار، أتساءل لماذا لا أحصل على نفس الحرية المطلقة التي يملكونها؟!

بصراحة، أنا أريد أن يكون أسلوب حياتي كحياتهم، أرتدي ما أريد مثل ملابس البحر، وأدخل وأخرج متى أريد، وأفعل ما أريد بدون قيود مطلقا، أنظر إلى الناس على التلفاز وأحسدهم على الحرية التي يملكونها، وأتساءل: من أين يأتي هؤلاء الناس بكل هذا الحظ والحرية؟ أخاف أن يتقدم بي العمر وأنا لم أحقق شيئا، لا شهادة ولا عمل، ولا ما أريد، وأتساءل: كيف ومتى سأحقق ما أريد؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ann حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنا نشكر لك تواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يلهمك السداد والرشاد.

أرجو أن تدركي أيتها الفاضلة أن النجاح لا يكون في المواد الدراسية وحدها، وإنما يكون النجاح في الحياة، ونذكرك بأن أوسع أبواب النجاح تبدأ بطاعتنا لربنا الفتاح، ثم ببذل أسباب النجاح، ثم بالرضى بما يقدره سبحانه وتعالى.

عليك أولا أن تفعلي أسباب النجاح، وأن تعيدي ترتيب أمورك مرة ثانية، ونريد أن نقول: إنك لست كبيرة، فبإمكانك أن تواصلي مسألة التعليم، شريطة أن تحددي هدفك بوضوح وتكرري المحاولات، وإذا حدد الإنسان الهدف فلا بد أن يفعل ما يوصله إلى ذلك الهدف، فليست المسائل بالتمني، وإنما لا بد من جهد وعمل، لا بد أن يكون الجهد مرتبا، واحرصي على أن تكوني قريبة من والديك، واطلبي منهم الدعاء، وكوني سعيدة بهذا الحرص عليك من قبلهم، ولا تنظري إلى ما عند الناس من فسق وفجور وعري، فإن الإنسان ينبغي أن يحرص على أن يطيع الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الإقبال على الله والتوجه إليه تبارك وتعالى هو مفتاح للخيرات، بما فيها النجاح، وما فيها من تيسير أمور الحياة، لأن الله يقول: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} ويقول سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

لا تظني أن المتبرجات في حالة سعيدة، فهن من أشقى الناس، فلا تغتري بالضحكات الباهتة ولا بالمظاهر الخادعة، فإن السعادة الحقيقية في طاعتنا لله تبارك وتعالى، وفي تمسكنا بهذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

احرصي على أن تبدأي مسيرة التصحيح بالعودة إلى الله، بالتمسك بآداب وأهداف هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ونتمنى أن تكون البداية بالإقبال على كتاب الله تبارك وتعالى الذي هو عنوان ومفتاح النجاح، فإن كتاب الله تبارك وتعالى يزيد في ذكاء الإنسان، ويعمق قبل ذلك الإيمان بمالك الأكوان، ويساعد في إصلاح اللسان، ومن الذي أقبل على كتاب الله ثم لم ينجح في حياته، وإذا تأمل الإنسان في حياة معظم الناجحين في ديارنا لكل التخصصات فإنه يجد أن لهم علاقة وثيقة بكتاب الله تبارك وتعالى.

استخدمي هذا العلاج، وأقبلي على كتاب الله تبارك وتعالى، ولا تجلسي وتسترجعي الماضي مثل الإنسان الذي لدغ بعقرب فظل يدور مكانه ويبحث عنها ويقول: من أين جاءت وكيف جاءت ولماذا جاءت؟ وهي تكرر لدغه ولسعه. لكن الإنسان ينبغي أن يتفطن للعقبات، والمؤمنة لا تقول (لو أني فعلت كذا كان كذا) ولكنها تردد (قدر الله وما شاء فعل) فإن لو تفتح عمل الشيطان.

عليك كذلك – يا ابنتي الفاضلة – أن تكوني حريصة على الرضى بقضاء الله تعالى وقدره، واعرفي مقدار ما أعطاك الله تبارك وتعالى من نعم، ثم سارعي إلى شكرها، فإن الإنسان ينال بشكره المزيد، وبالشكر أيضا يحفظ نعم الله فلا تبيد، فالشكر هو الجالب لأنه يجلب النعم، والله يقول: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} وهو الحافظ للنعم، فهو يقيد النعم فلا تزول.

أنت ولله الحمد في نعم، عليك أن تعرفيها ثم تشكري الله عليها، وأبشري بعد ذلك بالمزيد، ولا تغتري كما قلنا بحال من تظني أنهم أعطوا حرية، وحرية الإنسان في كمال عبوديته لله تبارك وتعالى.

ليس من الحرية أن يكون الإنسان عاريا، وليس من الحرية هذا الذي يشاهده الإنسان، بل هذا إساءة للنفس وإساءة للآخرين، وأنا أستغرب فعلا أنك تظني أن الحياة التي تنشأ في التلفاز حقيقية، إن هؤلاء فساق ما اجتمعوا إلا ليبتسموا ابتسامات مدفوعة الثمن، ويمارسوا علاقات ليس فيها من السرور إلا بمقدار المدة التي يصور فيها هذا الممثل أو يصور فيها ذلك الفلم، لكن بعدها يعودوا إلى حياة التعاسة والشقاء، ويشهد بذلك الحال الذي ينتشر عنهم، فما تكاد تمر فترة إلا وينتحر فنان، وينتحر ممثل، وفنانة توجد مقتولة، لأن هؤلاء هم أشقى الناس.

لا تنخدعي بالابتسامات الموجودة على الشاشة، ولا تنخدعي بالديكور الذي في الشاشة؛ لأنه لا يعبر عن الحقيقة، وإنما هي أماكن أعدت ليصوروا عليها ويصوروا فيها، وهي ابتسامات وممارسات مدفوعة الثمن كما ذكرنا، والسعادة الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا في طاعتنا لله تبارك وتعالى، ولا تنظري إلى ما في أيدي الناس، فإن الله قال لنبيه: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا} والزهرة عمرها قصير، ثم قال {لنفتنهم فيه} فهم في اختبار وامتحان، ثم قال لنبيه: {ورزق ربك خير وأبقى} رزق ربك من الصلاح والإيمان والصلاة والطاعة لله خير وأبقى.

إذن عليك أن تتوكلي على الله، وتصلحي ما بينك وبين الله، واعلمي أن المستقبل بيد الله تبارك وتعالى، فهو الذي يقدر لعباده الخير، فتوجهي إليه سبحانه، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، وقدمي بين يدي ذلك العبادات والتوبة إلى الله ، والإقبال على الله، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، فهو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات