السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حقيقة لا أدري من أين أبدأ؛ لأنني أشعر بأني مصاب بكل الأمراض النفسية، ولكن ألخصها في أني أعاني من الرهاب الاجتماعي بشدة، كذلك أعاني بأني أحسب كل ما تقع عليه عيني، لدرجة أني لو قرأت كلمة أحسب أحرفها، حتى في صلاتي أحسب كل ما تقع عليه عيني في المسجد! كما أني كثير الهم والحزن، وكثير التفكير، وسريع الغضب والقلق.
حقيقة أنا تعبت وتعبت، فأرجو منكم مساعدتي.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أقول إنك لست مصابا بكل الأمراض النفسية أبدا، أنت تعاني من حالة نفسية، وهي القلق النفسي، وهذا القلق ظهر لديك في شكل جزئيات مختلفة هي الرهاب الاجتماعي، الوساوس القهرية، وهذه استخلصناها من قولك إنك تعاني كل ما تقع عليه عينك، لدرجة أنك لو قرأت كلمة تحسب حروفها، حتى لو كان ذلك في الصلاة! فهذا نوع من الشعور والتفكير والتصرف الوسواسي.
الشيء الآخر هو سرعة الغضب، هذا من صميم القلق، ولا شك في ذلك، أما بالنسبة للشعور بالهم والحزن – الذي أسأل الله تعالى أن يزيله عنك – فهو ناتج كإفراز ثانوي من قلق الوساوس والمخاوف الذي تعاني منه.
إذن حالتك كلها مترابطة ومتداخلة مع بعضها البعض، أنت لست في كارثة، لا توجد مصيبة أيها الفاضل الكريم، إن أردت التواصل مع الطبيب النفسي هذا سوف يكون أمرا جيدا، وإن كان ذلك ليس ممكنا، فأنا أقول لك أرجو أن تذهب إلى الصيدلية، وتتناول أحد الأدوية المضادة لقلق الرهاب والوساوس، ومن حسنات المزاج.
الدواء يعرف تجاريا باسم (لسترال) أو (زولفت) ويعرف علميا باسم (سيرترالين) والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بحبة واحدة ليلا، تناولها بعد الأكل لمدة شهر، وبعد ذلك اجعلها حبتين – أي مائة مليجراما – في اليوم، يمكن تناول هذه الجرعة كجرعة واحدة ليلا، أو تتناولها بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء.
المهم جدا هو أن تكون ملتزما بتناول الدواء، وفترة العلاج على هذه الجرعة العلاجية هي ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى حبة واحدة ليلا لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة الوقائية، بعد ذلك اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، واللسترال من الأدوية المتميزة والفاعلة والسليمة وغير الإدمانية، أسأل الله تعالى أن ينفعك به.
بعد مضي ثلاثة إلى أربعة أسابيع من بداية العلاج سوف تحس بتحسن كبير -إن شاء الله تعالى- وهذا التحسن يجب أن يدفعك لأن تعدل من سلوكك، مثلا بالنسبة للرهاب الاجتماعي: حاول أن تتواصل مع الناس، ابدأ بالجيران، الأصدقاء، الأرحام، كن من رواد المساجد، شارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، هذا نوع من التواصل الذي سوف تجده سهلا جدا، ومن ثم سوف تجد أن شبكتك الاجتماعية قد توسعت وأصبحت أكثر اقتدارا بالتفاعل مع الآخرين.
بالنسبة للوساوس الذي تعاني منه أيضا سوف تخف وطأته، لكن حاول أيضا أن تحقره، ولا تتبعه، وتغلق عليه.
الشعور بالقلق -إن شاء الله- سوف يقل تماما، وهنا يجب أن تدعم ذلك بأن تمارس تمارين الاسترخاء وللتدرب عليها يمكنك الاطلاع على الاستشارة رقم (2136015) كما أن ممارسة الرياضة مهمة، بل هي ضرورة نفسية حتمية في مثل حالتك فكن حريصا على ذلك.
أما بالنسبة للغضب فلا شك أن الدواء سوف يخفف من وطأته، ولكن أريد أن أقول لك: الغضب يمكن التحكم فيه، الإنسان لا بد أن يغضب، لكن كيفية إدارة الغضب هي المهمة، وأفضل طريقة لإدارة الغضب هو ما ورد في السنة النبوية المطهرة.
أرجو أن ترجع إلى كتاب الأذكار للإمام النووي لتطلع وبدقة وحصافة على كيفية التعامل مع الغضب، أطفئ ناره إن شاء الله تعالى بالوضوء، وبتغيير مكانك، وطريقة تفكيرك، اتفل ثلاثا على شقك الأيسر، واستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم ومن الغضب.
أنا متفائل جدا أن حالتك سوف تتحسن كثيرا، وأشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك.
أشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وبالله التوفيق والسداد.