السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود بداية أن أقدم خالص الشكر والتقدير لكل كادر إسلام ويب -وخصوصا للدكتور محمد عبد العليم- على ما تقدمونه من حلول لمشاكل القراء، وأسأله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم.
حضرة الدكتور محمد عبد العليم: من خلال قراءتي لردودك القيمة على استشارات القراء فإنني لخصت ما أشعر به من أعراض بالآتي:
1) أعاني من علامات القلق والتوتر المختلفة منذ حوالي 8 سنوات، ولكن هذه العلامات تأتي موجات وتختفي، تختفي تماما لمدة تتراوح بين 9 أشهر إلى سنتين أحيانا، ثم تعود لمدة تتراوح من 5 – 8 أشهر، وحتى حين تعود فإنني أستمر بحياتي ونشاطاتي الطبيعية، ولكن أحيانا أعتذر عن بعض الأعمال بسبب موجات ذلك الشعور الغريب وغير المريح.
2) خلال تلك الفترة زرت عددا من الأطباء العام، وأطباء الباطنة بكافة اختصاصاته؛ حيث إنني أعاني من نفخة واضحة تحت الحجاب الحاجز في الجهة اليسرى من البطن وغازات كثيرة، وموجات من المغص، بالإضافة إلى أعراض أخرى كالصداع الغريب والتنميل في فروة الرأس، وموجات من الشد العضلي في الرقبة، والنمنمات والرجفات في مواقع مختلفة من الجسم، مثل: اليدين والنبضات في كافة أرجاء الجسم، والتنهيد، مع العلم أن هذه الموجات متقطعة وتأتي وتزول بدون علاج، وقد أجرى الأطباء الكثير من التحاليل والصور المختلفة وكانت سليمة، وكان تشخيص بعضهم أنه القولون العصبي.
3) إضافة إلى ما سبق فإنني أشعر في فترة عودة الأعراض بشعور غريب قد يمتد لدقائق ثم يزول، بعدم الراحة أو عدم الرغبة أو عدم القدرة، وبعض الخوف والترقب أو عدم النظر للأمور مهما كانت بسيطة نظرة سهلة أو التثاقل من إنجاز أو التفكير بإنجاز بعض الأعمال رغم بساطتها، حقيقة لا أعرف كيف أصف ذلك الشعور غير المريح، ولكن هذا الشعور عابر -غير مستمر- كما أنه لا يحدث دائما، كما أن هذه الأعراض أو هذا الشعور أحيانا يزول أيضا بمجرد قراءة أو سماع شيء بخصوص أن ما أشعر به شيء خفيف ويمكن علاجه بسهولة.
4) لا أشعر بالحزن ولا الانطوائية، وشهيتي للطعام عادية ومتوازنة، ونومي هادئ، ولا أشعر بالأرق.
5) عند عودة الأعراض فإنها تتسم أنها مطابقة تقريبا للمرة السابقة، موجة الإصابة السابقة؛ حيث أن الأعراض كما هو موضح في البداية على شكل موجات تظهر وتختفي، أي نفس الأعراض، ولا يوجد تفاقم بالأعراض خلال مدة ثمان سنوات، فهل كل ما أشعر به هو من باب الاكتئاب أم القلق؟
أحيانا أقرأ عن القلق الاكتئابي، فما هو هذا الاكتئاب؟ وعن الاكتئاب العابر المرافق للقلق فما هو هذا الاكتئاب؟ وهل القلق هو الذي يسببه؟ وأي مما سبق ينطبق على حالتي؟ وهل يمكن بمشيئة الله أن أشفى تماما؟ وهل عشبة المليسا أو أي أعشاب أخرى يمكن أن أتناولها كعلاج لحالتي؟ وما اسمها في الأردن؟ علما أنني أفضل التداوي بالأعشاب ولا أحب العلاج الكيميائي.
وفي النهاية سامحوني على الإطالة وكثرة الأسئلة، ولكنني أشعر أن معرفتي بحالتي يفيدني جدا في الخلاص منها؛ حيث أنني ولغاية قراءة استشاراتكم في هذا الموقع منذ فترة ليست بعيدة، كنت أعتقد أن حالتي هي عضوية بحتة! وتقبلوا خالص شكري وتقديري، وجزاكم الله عني كل الخير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكرك بارك الله فيك على ثقتك في هذا الموقع، وأشكرك على رسالتك المفصلة والواضحة، بل الرائعة جدا، وأنا أبدأ بما ختمت به أنت، وهو أنك تعتقد أن حالتك عضوية، وأنا أقول لك: لا، هذا الاعتقاد ليس بالصحيح، أنت تعاني من حالة نفسية بسيطة، هو ما يعرف بالقلق النفسي المتقطع، والقلق النفسي المتقطع قد يأتي في شكل دوري، أو يأتي حين يكون الإنسان عرضة لأي نوع من الضغوطات الحياتية، والإنسان تكون له القوة والقدرة التي يستطيع من خلالها أن يتواءم مع هذا القلق حتى ينصرف.
الأعراض الجسدية المصاحبة من الواضح أنها ناتجة من القلق النفسي، والقلق كثيرا ما يكون قلقا مقنعا، بمعنى أنه لا يظهر في شكل توترات شديدة أو مخاوف، بل يظهر في شكل أعراض جسدية مثل التي ذكرتها، وأنت ليس لديك أي علامات تشير أنك تعاني من اكتئاب نفسي، الاكتئاب له معايير تشخيصية -وبفضل من الله تعالى- أنت لست من الذين يعانون من هذه العلة.
أما بالنسبة للقلق الاكتئابي فهو تشخيص حقيقة يستعمل كثيرا في الحالات التي يكون فيها الشخص ليس لديه القدرة على التكيف أو التواؤم، ويعتبر من الحالات غير المطبقة، الحالات العابرة، الإنسان تكون لديه أعراض اكتئابية واضحة، وكذلك أعراض قلقية بالتساوي في كمها وكيفيتها، وإذا عولج أحدهما اختفى الآخر.
أما الاكتئاب العابر فهو أيضا مرتبط بالقلق النفسي، ويكون سببه القلق نفسه، الإنسان يقلق ويقلق ولا يجد تفسيرا لقلقه، وهذا يؤدي إلى شعور بالإحباط، فالحمد لله تعالى أنت لا تعاني من اكتئاب نفسي من وجهة نظري، إنما هو قلق متقطع، وأعراض التجسيد – أي الأعراض الجسدية – لديك واضحة جدا، وليست عضوية المنشأ إن شاء الله تعالى.
سبب القلق: لا نستطيع أن نقول أن هنالك سببا واضحا في كثير من الحالات، لكن ربما تكون هنالك عوامل، بعض الناس التركيبة النفسية لشخصيتهم تتمثل في الحساسية، وربما زيادة الدافعية ويقظة الضمير أكثر مما يجب، ولديهم أيضا الميول للكتمان، هؤلاء قد يكونون أكثر عرضة للقلق.
ومن العوامل المهمة جدا هي سرعة التأثير والتماهي، بعض الناس تحدث لديهم تأثيرات إيحائية حين يسمعون عن شخص مريض، تأتيهم بعض المخاوف والتهيؤات أنهم قد يصابون بنفس المرض، حين يقرؤون عن الأمراض النفسية تجدهم أيضا يقلقون، وهكذا.
إذن هنالك عوامل نستطيع أن نقول أنها عوامل مهيأة وتوجد عوامل مرسبة، وكذلك عوامل تساعد على استمرارية القلق، فهذه الثلاثة ربما تتظافر مع بعضها البعض، لكن لا أحد يقول أنه توجد أسباب واضحة للقلق إلا في حالات نادرة جدا، أما العوامل (نعم) موجودة، ولا شك أن النظرية البيولوجية التي تحتم أنه تحدث بعض المتغيرات على مستوى المستقبلات العصبية هي نظرية لا يمكن تجاهلها؛ لذا تجد الكثير من الناس يستجيب استجابة ممتازة جدا لبعض الأدوية التي تعمل على تنظيم هذه المسارات الكيميائية.
أنا أرى أن حالتك بسيطة جدا، أرى أن القلق ساعدك كثيرا على أن تنجح في حياتك، فأرجو أن تنظر إليه بشيء من الإيجابية، ممارسة الرياضة مهمة جدا للتخلص من الأعراض النفسوجسدية، وكذلك تمارين الاسترخاء، ودائما نحن نذكر أهمية التفكر والتفاؤل والتوجه الإيجابي الفكري، فهو مفيد جدا لصاحبه.
العلاج الدوائي: أنت لديك موقف من الأدوية، وأنا أقدر وأحترم هذا كثيرا، وفي ذات الوقت أؤكد لك أن الأدوية سليمة وبسيطة، وأنت إن احتجت لن تحتاج إلا إلى ما يسمى بالمطمئنات البسيطة، مثل: عقار ديناكسيت أو دوجماتيل أو فلوناكسول أو بسبار، هذه هي التي تحتاج لها لفترات قصيرة ودون التزام كبير وتقيد بالجرعة، فحالتك ليست حالة مطبقة أبدا.
أما إذا أردت أن تتناول أدوية ذات مكون عشبي فعقار عشبة القديس يوحنا، فهو الأكثر شيوعا، ويقال أنه جيد جدا في علاج القلق والاكتئاب البسيط، فيمكنك أن تسأل عنه، وتتناوله لمدة ثلاثة أشهر مثلا، وهذا لا يعني أنك مصاب بالاكتئاب، لكنه سوف يساعدك في جانب القلق.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.