السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجتي أم ولدي تريد الطلاق بسبب أني تزوجت عليها لأسباب ومشاكل من قبل أن أتزوج عليها، وأنا لا أريد الطلاق، ما الحل معها؟ هل يجوز أطلقها وأنا لا أريد ذلك، يعني وأنا مكره؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجتي أم ولدي تريد الطلاق بسبب أني تزوجت عليها لأسباب ومشاكل من قبل أن أتزوج عليها، وأنا لا أريد الطلاق، ما الحل معها؟ هل يجوز أطلقها وأنا لا أريد ذلك، يعني وأنا مكره؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نشكر لأخينا الكريم تواصله مع الموقع، ونبشره بأن الإخوة الأفاضل هنا والآباء الكرام في خدمة إخوانهم، ونسأل الله أن يتقبل من الجميع، وأن يستخدمنا في طاعته، وأن يلهمنا جميعا السداد والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.
أما ما ذكرت من رغبة زوجك في الطلاق بعد أن تزوجت عليها، فإنا لا ننصحك بالاستعجال في هذه المسألة، وندعوك إلى أن تتريث، وأرجو أن تكون هذه – وغالبا هي كذلك – سحابة صيف توشك أن تتلاشى، وستعود الأمور إلى مجاريها، وتعود الأمور إلى صوابها وسدادها بحول الله وقوته، شريطة أن تتعامل مع الوضع بحكمة، وأن تصبر على ما يأتيك من أذى، لأن المرأة الآن في حالة غيرة، وغضب هذه الزوجة دليل على حبها لك ودليل على غيرتها عليك، وهذا أمر يحمد في النساء، أن تكون عندها غيرة على زوجها، ولكن ليس معنى ذلك أن هذه الغيرة تدعونا إلى أن نترك أمرا أحله الله تبارك وتعالى.
نحن ندعوك دائما وندعو كل أخ يعدد إلى أن يبالغ في الإحسان للأولى، وأن يكون قد قام بحقها وأكرمها وحفظ لها حقوقها قبل أن يتزوج، لأن النكير يشتد على من يقصر في الزوجة الأولى ثم يطمع في ثانية وثالثة، وهو لم يؤد الحقوق التي يسأله الله تبارك وتعالى عنها بين يديه سبحانه وتعالى.
ليس هناك ما يمنعك ولا يمنع أي رجل من أن يتزوج بثانية وثالثة ورابعة، ولكن الشريعة اشترطت العدل في ذلك، وعليك أن تلاحظ أيضا القدرة على إدارة بيتين، والقيام بكافة الواجبات، ونتمنى ألا تشعر الزوجة الأولى أنك تغيرت عليها، فينبغي أن تعطيها ما تستحق من الحفاوة والإكرام، وضرورة أن تصبر على ما يأتيك منها في هذه الأيام الأوائل، وحرض زوجتك الثانية على الإحسان إلى الأولى والدعاء لها والاحتمال منها، وحمل المشاعر النبيلة تجاهها، لأن في ذلك راحة لكم، وفي ذلك تجعل الأمور تمر بهدوء وسلام بحول الله وقوته.
إذا كنت لا تريد الطلاق فنحن لا ننصحك أيضا لأن تنصاع لأي إنسان فتطلق زوجتك، لأن الشريعة بحكمتها العظيمة لم تجعل أمر الطلاق عند النساء، وإلا لحصل الطلاق في اليوم مرارا ومرات عديدة، لكن هذا الشرع الحنيف جعل الطلاق بيد الرجل لأنه عنده حكمة، ويستطيع أن يتعامل مع الأمور بهدوء وروية، ويستطيع أن ينظر في عواقب الأمور، فالعاطفة لا تسيطر عليه كما هو الحال في المرأة.
لذلك هذا الحق يجب أن تحسن استخدامه، ونتمنى أن تؤجل هذه المسألة وتبحث عما يساعدك في التواصل مع هذه الزوجة حتى تغير رأيها، وتسحب كلامها، وهذا غالبا ما سيحدث، لأنها ستعرف غدا أن وجود الرجل في حياتها وأنها لو فازت بنصف رجل أو ربع رجل فإن ذلك خير لها من أن تعيش بلا زوج، فالمرأة لا يمكن أن تسعد في هذه الحياة الصعبة - خاصة إذا كان معها طفل أو طفلة - في غياب رجل يعفها ويكرمها ويعينها على صعوبات الحياة.
ينبغي عليها هي ألا تستعجل أمر الطلاق وأنت ينبغي ألا تستجيب لها، وإن طلبت الطلاق وإن رفضت الجلوس وإن حصل منها مهما حصل، فينبغي أن تتعامل مع الأمور بحكمة حتى تتجلى لك الأمور، ولا أظن أنك ستصل إلى طريق مسدود، فالناس هناك لهم تأثير على بعضهم، ومجرد نصيحة منهم للمرأة قد تغير رأيها في هذه المسألة من أولها إلى آخرها.
لذلك ينبغي أن تحتمل ما يصدر منها - كما قلنا – وأن تبالغ في الإحسان إليها، لأنها أهل للإحسان، وحتى لا تشعر أن البساط انسحب من تحت قدميها، عليك كذلك أن تهتم بأولادها، وتحسن إليهم، وندعوك إلى أن يكون بيت كل امرأة منهما في مكان منفصل، حتى لا تحدث المشاكل، ولا تكرر الأزمات عندما تكون الزوجة الأولى إلى جوار الثانية.
إذا كنت لا تريد الطلاق فنحن نقول الحق معك، والحل معك، فلا تطلق ولا تطاوع، وحاول أن تقابل إساءتها بالإحسان، حاول أن ترسل إليها النفقة والمصروف التي تحتاجه، لأنك مسؤول عنها بين يدي الله تبارك وتعالى، فعاملها بالإحسان، وتذكر أن الطلاق يضر بالأولاد ضررا بالغا، وعليك أن تمسكها وأن تحسن إليها، وأن تصبر عليها مهما كلفك الأمر، والأمر بيدك، فإذا حاولت أن تحسن وهي تسيء، تؤدي ما عليك وإن قصرت ما عليها، فهذا الذي ينبغي أن يكون عليه المؤمن، لأننا نلقى الله تبارك وتعالى أفرادا والله يقول: {وكلهم آتيه يوم القيامة فردا}.
اعلم أن من أحسن فإنه يحسن لنفسه، ومن عمل خيرا فإنما يعمل لنفسه، والإسلام دين يدعونا إلى أن نؤدي الأمانة إلى من ائتمننا وألا نخون من خاننا، فلا يحملك تقصير الزوجة أو رفضها على أن تقصر في حقها، أو أن تسارع في الاستجابة لها.
قد بينا لك أن شدة الرفض دليل على شدة الغيرة والحب غالبا، فعليك أن تحسن إليها، وأن تصبر عليها، وأن تتواصل مع أبنائها، وأن توفر لهم الاحتياجات التي يحتاجونها في دراستهم في الليل أو في النهار، حتى تملك قلب هذه الأم التي تعطف على أولادها، وهي بلا شك ستغير وجهة نظرها لأنها تعرف أن المطلقة مصيرها بكل أسف مظلم في هذا العصر الذي فشا فيه الظلم، فالمطلقة مهما كان سبب الطلاق فإن المجتمع لا يلتفت إليها، وهي أول من يخسر هذه المسألة عياذا بالله.
عليك ألا تطاوعها في أمر يلحق بها الضرر ويحلق بك الضرر ويلحق بأبنائكم كذلك الأضرار الكثيرة، ونسأل الله أن يلهمكم السداد والرشاد، وأن يعين هذه الزوجة على العودة إلى الصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونستغفر الله العظيم.
وبالله التوفيق.