حائر بين أهلي وزوجتي، فمن أصدق منهما؟

0 468

السؤال

السلام عليكم إخوتي.

أنا متزوج ولي ولد، أعيش مع والدي، كانت الأمور في بداية الزواج عادية، ثم بدأت تنشب بعض الاختلافات بين زوجتي وأمي، حيث إن أمي تعلق على بعض الأخطاء من باب النصح، في حين ترى زوجتي بأنها تعايرها، في يوم من الأيام حدث خلاف بين زوجتي وأختي الوحيدة، والتي تصغر زوجتي سنا لأمر تافه عملته أختي عفويا، في حين ظنته زوجتي قصدا، ووصل الأمر إلى مسامع أمي التي أمرتني بأن أجد حلا للسكن لوحدي، فأرسلت زوجتي لبيت أهلها لحين أنفرد ببناء جزء خاص في منزل أبي، مرت شهور ولم يتم البناء لظروف مالية فاستعطفت أمي بأن تسمح لي بإحضار زوجتي وأكمل البناء بتريث، فسمحت لي، ولم تمر أشهر حتى تشاجرت أختي مع زوجتي شجارا عنيفا لأمر تافه، ووجدت نفسي تائها، فكل واحدة ترى أنها مظلومة، ثم إن زوجتي تصر على أن أخي الذي فك نزاعهما قد ضربها، وهي تريد أن ترفع عليه دعوى قضائية بعد أن أشفت غليلها من الدعاء عليه، في حين نفى أخي أن يكون ضربها، وأكد لي ذلك أبي وأخي الآخر الذي حضر الواقعة، ماذا أفعل ومن أصدق؟! ما خبرته على زوجتي هو سرعة الانفعال والتسرع وإساءة الظن بالآخرين.

وتتهمني بالانحياز لأهلي، وأنه يجب علي أن أزجر أختي أو أضربها، وكم نصحتها بالتصبر والاحتمال، لقد شوهت صورتها في نظر عائلتي بعدما كانوا يقدرونها، وأبانت عن انحطاط في المستوى، وتكبير التوافه، مع أنها تدرس دراسات جامعية عليا، لست أدري إن كانت ضغوطات الدراسة والامتحانات هي ما زادها رهقا؟!

ما هو الحل بالله عليكم؟ هي ترى نفسها مظلومة، ولا تنفك عن الدعاء على من ظلمها (وهم أهلي على رأيها)، بالويل والثبور، أما من جهتي فقد أصبحت لا أستطيع مواجهة عائلتي، وأحس بأني ناقص الرجولة! حيث إن زوجتي لم تعر لكلامي وزنا وضربت بنتا (وهي أختي) في دار أبيها.

أفكر في أن أطلقها ويحزنني الولد، أفيدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو إسحاق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب.

نحن أولا نشكر لك رفقك بزوجتك أيها الحبيب، وحرصك على القيام بحقوق كل طرف ممن حولك من الأهل والأقارب والوالدين، وكذا الزوجة، ونحن نشكر لك أيها الحبيب مواقفك الإيجابية في الرفق بزوجتك ومحاولة إيصال الخير إليها، وإبعادها عن الأذى والشر، وهذا من كمال رجولتك وليس نقصا فيها، فإن النساء كما قيل لا يغلبهن إلا لئيم، ولا يغلبن إلا الكريم، فكونك المغلوب لزوجتك هذا دليل على سمو أخلاقك، وعلى كمال رجولتك، فإن ناقص الرجولة هو الذي يحاول أن يكمل نقص رجولته باستعمال العنف أو بالقوة مع زوجته في غير محلها، فلا تلتفت أبدا أيها الحبيب إلى ما يقال ممن حولك عنك، وعن رجولتك في شأن مواقفك مع زوجتك، وليس العلاج لهذه المشكلة التي أنت فيها بتطليق زوجتك؛ ولذا فنصيحتنا لك أيها الحبيب إن كنت ترى بأن سكن الزوجة مع أهلك سيدخلك في كثير من المشكلات، فإن من الخير لك ولها أن تتركها عند أهلها زمنا يسيرا حتى تستطيع بناء جزء خاص تسكنه في البيت، ونحن على ثقة بأنك إذا انفردت في سكنك فإن هذه المشكلات ستزول بإذن الله، وستعود العلاقة بين زوجك وأهلك في التحسن شيئا فشيئا، وإذا لم تستطع ذلك وكنت تقدر على استئجار سكن خاص فهذا خير لك بإذن الله تعالى، وكل ما تنفقه بهذا المجال فإن الله عز وجل سيخلفك عليك بخير منه وأكثر.

ومن حقوق زوجتك عليك أن توفر لها السكن المستقل بمرافقه، بأن يكون لها بيتها الذي يحتوي على مرافق خاصة بها كالمطبخ والحمام ومكان تنشيف الثياب، ونحو ذلك من المرافق الضرورية، فهذا من حقوق الزوجة على زوجها، فإذا لم تقدر على ذلك فلا أقل من أن تتسامح مع زوجتك وتطلب منها تفهم الوضع الذي أنت فيه، وأن تصبر على ما قد ينالها من الأذى أو التضييق عليها حتى يفرج الله سبحانه وتعالى أمرك، وييسر لك بناء البيت الذي تسكنه معها على انفراد، وزوجتك ستتفهم هذه الأمور بإذن الله تعالى إذا شعرت بأنك تحس بما تعانيه، وأنك مستشعر للمضايقة التي تعيشها، هذا مما يخفف عليها تلك المضايق.

وأما ما حصل من أخيك لها وما تدعيه هي عليه، فنصيحتنا لك أن تتلطف بها وتدعوها إلى العفو والمسامحة إن كان قد أساء إليها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أعط من حرمك واعف عمن ظلمك". فادعها أنت إلى العفو والصفح، وأن الله تعالى يحب المحسنين الذين يعفون ويصفحون ويتجاوزون، وبهذا ستمتص ما فيها من الغضب، فإنها ستشعر بالتفريج عن نفسها حين تشعر بأن الآخرين يقدرون بأنها ظلمت، وأنها أسيء إليها، وستتسامح في مثل هذه الظروف، المهم أيها الحبيب أننا نكرر عليك ثانية أنه ليس الطلاق هو الحل لهذه المشكلة، وليس صوابا أبدا أن تخسر زوجتك، وأن تجعل ولدك يعيش في أسرة مفرقة بعيدا عن أمه أو بعيدا عن أبيه، وإذا تزوجت بأخرى فإنك ستقع في نفس المشكلات التي أنت واقع فيها، فحاول أن تعالج أمورك بحكمة وروية، والصبر خير سلاح تتزود به وتتسلح به، وإن كان مرا عليك في بعض الأحيان فإن عاقبته حميدة حسنة.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك خير الأمور، وأن يهديك لأرشد أمرك، وأن يعجل لك بالفرج، وييسر لك الرزق ويوسعه.

مواد ذات صلة

الاستشارات