زوجتي كثيرة المشاكل وبدأت أفكر في فراقها، فهل تؤيدوني بالرأي؟

0 776

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوج منذ عام تقريبا، ومنذ عرفت زوجتي وأنا في مشاكل معها.

أول مشكلة قبل الزواج - الحجاب -، فلم تكن تضعه بالطريقة الصحيحة، فكنت أنصحها، وتتحجج أنها لا تملك لباسا فاشتريت لها حجابا.

وبعدها صارت تقول لي: أنها لا زالت صغيرة، ولكنها ستلبسه في القريب، ومرت الأيام واجتهدت بالنصح ولكن لا حياة لمن تنادي!

وبعدها قررت الانفصال، فتدخل بعض العقلاء، وقالوا: أنها ما زالت صغيرة (19 سنة)، فما زلت أنصحها في حب الله، وفي الصلاة، وفي أمور أخرى لأحببها في طاعة الله، في امتثال أمره، فتتحجج بأقوال واهية غير حقيقية.

وبعدها بدأت ألاحظ من أقوالها أنها تكذب في كثير من الأمور الكبيرة منها والصغيرة، فكنت أنصحها فتغطي الكذبة بأخرى، فلما لاحظت ذلك استشرت، فقالوا لي: أنها تربت يتيمة الأب مع أمها مدللة، وأنها بعد الزواج ستتحسن، فحاول معها ولك فيها الأجر إن شاء الله.

وبعدها صرت أتجنب التحقيق في كلامها، وأنصحها في دينها، فتردني وتقول لي: تكلم في أي شيء آخر ... وبعد أيام عند اقتراب العرس حدثت مشكلة كبيرة وطلبت مني العفو فعفوت عنها بشرط عليها الحجاب وأشياء كالطاعة والاستئذان عند الخروج... فقلت لها من يضمن لي فحلفت بالله على ذلك الأمر، فوافقت فتم العرس كما أراد الله.

وبعد العرس اكتشفت أمورا كثيرة منها عدم الحفاظ على الصلاة، والكذب المستمر، والعناد في كل شيء، فكنت أصبر وأحتسب، وأنصح بحب عسى الحب أن يردها إلى الطريق المستقيم.

فكانت تقع في الخطأ فتغطي أخطاءها بالكذب أحيانا، وأحيانا تطلب السماح وأسامحها، فاستمر الحال على ما هو عليه حتى صار الحمل، فقالوا لي: أن المرأة لما تكون في الأشهر الأولى من الحمل تزيد عصبيتها فاصبر عليها، فهي شهور وتمر، فكنت أتغاضى عن أخطائها وعن عصبيتها الزائدة عن اللزوم، وعن كذبها المستمر، حتى صارت تفعل ما تشاء، وتقول ما تشاء! وأنا رحمة بها أجد لها العذر وأسامحها، وهي تزيد وتتمادى! حتى صارت تتدخل في كل شيء في المنزل، فأنا ساكن مع والدي، وكل أخوتي متزوجون، وأيضا تستعمل الهاتف في النميمة بين أخواتي وزوجة أخي، فحدثت مشاكل بينها وبين زوجة أخي، وتدخلت أمها بالسلب، وزادت المشكل حدة، وأنا أنصح زوجتي وهي تسمع كلام أمها.

وبعد أيام وضعت الصغير ففرحت لسلامتها سلامة الصغير، وفرحت كل العائلة.

فجاءت إلى بيتنا حيث نسكن مع أبي، وأمها تأتي إلى المنزل وتعينها في أمورها وأمور الصغير، وتبيت معها بحكم أن أمي كبيرة ولا تقدر على العناية بها، وبعد أربعة أيام أجرى أبي عملية جراحية فأتى أخوتي للاطمئنان عليه.

وذات ليلة لما كانت أخواتي يغسلن الأواني وينظمن المطبخ ثارت عليهن أم زوجتي، واتهمتهن بافتعال الضجيج، وشتمتهن، وقالت لهن: اخرجوا! فكانت أخواتي على قدر من التربية، فهدأوا الأمر وقالوا لها: في الصباح نتفاهم.

وكنت أنا خارج البيت مع أخي الكبير، وعند سماعنا بالأمر قال لي: هل أنت راض بهذا الذي يحدث من النميمة وإفساد الأسرة، فقلت له: لن أكون سببا في تفريق أسرة (أنا وأخوتي ) جمع بيننا الحب والإخاء.

فطبعا زاد الأمر عن حده من سوء الأخلاق والكذب وتدخل أم الزوجة في حياتنا،
فلما رجعت إلى البيت أخبرني أخواتي بأشياء عن زوجتي لم أكن على علم بها، من خروج بغير إذن ومحاولة إفساد أختي في نظر زوجها.

فقررت إرسال زوجتي إلى بيت أمها إلى حين يتعافى أبي وتطهر هي، وننظر في الأمر، ولكنها تريد الرجوع وتقول: أنها ستصلح ما أفسدته، ولكن بسبب كذبها المستمر لم أصدقها، حتى وهي تقول لي: أحبك! ومستعدة لفعل أي شيء لكي أرضيك.

صليت صلاة الاستخارة واستشرت بعضا من الأئمة والصالحين وقالوا أن الأمر معقد، وأخبروني أن القرار بيدي.

اسمحوا لي على الإطالة، ولكنها أسرة (ميثاق غليظ) في مفترق طرق، إما الاستمرار أو الفراق، أيهما فيه خير فالله أعلم؟!

أحسبكم أعضاء هذا الموقع إخواني في الله، وأحبكم فيه، فأعينوني بنصيحة ولو بدعوة صالحة عسى الله أن يفرج كربي إن شاء الله.

رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا رسولا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الحميد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بابننا الفاضل في موقعه، ونشكر له الاهتمام بالسؤال، ونشكر له كذلك الصبر على هذه الزوجة، والمرأة هذا الكائن الضعيف يحتاج إلى مزيد من الصبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيرا، وردد هذه الوصية مرارا عليه صلوات الله وسلامه.

وأخبر أن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه، وأنك إذا ذهبت تقيمه كسرته، وكسر هذا الضلع هو طلاقها، إذا كان الضلع أعوج أو الطريق أعوجا فإن الإنسان العاقل محتاج إلى أن يميل معه، وأن يداري، وأن يجاري، وأن يحسب هذه الأمور بهذه الطريقة، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما أوصانا معشر الرجال بالنساء خيرا لما جبلت عليه المرأة من النقص والضعف؛ ولأن العاطفة تسيطر عليها، فحين أن الرجل يمضي بعقله، ويحكم الأمور بالنظر إلى العقل لكل هذه الاعتبارات فإن الشريعة تريد للرجل الذي أعطاه الله القوامة أن يكون هو الذي يصبر، والإنسان لا يحقق حسن المعاشرة المطلوبة إلا بأن يبذل الندى، وأن يكف أذاه عن أهله، وأن يحتمل أذاهم كذلك، وأرجو أن تعلم أنك لن تجد امرأة بلا عيوب، كما أننا معشر الرجال لسنا بلا عيوب، ولكن طوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصانا أيضا، فقال: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلق، رضي منها آخر" فنحن ندعوك إلى إقامة هذا الميزان إلى وضع الحسنات والإيجابيات في كفة، ووضع السلبيات والنقائص في كفة أخرى، وعندها وبلا شك سوف يترجح لك وعندك ما فيها من الخير، وأن السلبيات الموجودة هي معدودة ومحصورة، ويمكن علاج هذه السلبيات، ولعل الذي يزيد الأمر تعقيدا ويزيدنا إصرارا على أن تواصل الصبر هو وجود هذا الطفل الصغير الذي هو بحاجة إلى أبويه، كما أن انكسارها واعتذارها وإصرارها على أن تعود لأنها أدركت الآن خطورة الطريق الذي تمشي فيه، خطورة الخطوات التي تتخذها معك.

أما بالنسبة للمشاكل الأخيرة فعلك تتفق معنا أنها من أطراف خارجية، وأن لوالدتها دور كبير في إفساد حياتها؛ لذلك ينبغي أن تنظر إلى العلاقة بينك وبينها، ولا تدخل مواقف الوالدة في هذا الموضوع رغم أنها لا تكاد تنفصل، إلا أننا نعتبر الوالدة أو والدة الزوج أو والدة الزوجة إذا كانا سبب المشاكل فإن هذا النوع من المشاكل يعتبر سهل وهين؛ لأن أطراف المشكلة أطراف خارجية مهما كان تأثيرهم فإن الإنسان متزوج من الفتاة وليس من أمها، متزوجة من الشاب وليس من أمه، ولذلك ينبغي أن تنظر إلى الأمور بهذه الأبعاد، وتحرص على أن تعطي فرصة وتشترط لزوجتك، وتحسن التعامل معها، وتجتهد في عزلها عن جميع الناس، إن استطعت أن تستأجر مكانا تكون فيه بعيدا عن جميع الناس فإنه عند ذلك سيتجلى لك الأخلاق الفعلية والحقيقة لهذه المرأة، الكثير من النساء إن وجدت المناصرة من أمها فإنها تتمرد على زوجها، لكن العبرة بالحياة التي تعيشها مع الزوج بعيدا عن الجميع، فإذا كانت تميل للزوج ويميل إليها، وتقدره ويقدرها فإننا لا ننزعج مهما حصل من المشاكل من أطراف خارجية.

ويبدو أن هذه المرأة فهمت الدرس عندما أبعدتها إلى بيتها، وشعرت أن الأمور تغيرت، وأن النظرة تغيرت، وأن طريقة الكلام تغيرت، ولذلك ها هي تعود إليك، ننصحك بأن تقبل هذه العودة وأن تشترط عليها ما شئت من الشروط التي فيها طاعة لله تبارك وتعالى، ولا تطلق زوجتك لأجل كلام أحد من الناس، واجتهد في أن تحفظ لأهلك حقهم، ولا تظلم هذه الزوجة المسكينة، فإن شريعة الله تريد من الإنسان أن يحسن إلى أرحامه وأقاربه وأمه وأبيه، وتريده كذلك أن لا يظلم زوجته المسكينة.

فالمطلوب هو التوفيق بين هذه المواقف حتى تنجو بين يدي الله تعالى، أكرر نحن نقترح أن تعطيها فرصة، ونوصيك بتقوى الله تعالى ثم بكثرة اللجوء إليه، ثم بشغلها بشرح بعض الأحكام الشرعية، عندها ثم بعد ذلك بمعاونتها على طلب العلم والذهاب بها إلى مراكز التحفيظ، والدراسة حتى تتعلم أحكام هذا الشرع الذي شرفنا الله تعالى به، إذن هذه دعوة إلى أن ترد هذه المرأة إلى بيت الزوجية وتجتهد في أن تفادى أسباب الخلل والخصام، إذا كان الخصام مع الوالدة فباعد بينهم في مواطن الاحتكاك، لا تجعل الأمور تدعوهم إلى أن يحتكوا ببعضهم ويختصموا، إذا كان الأمر بينها وبين الأخوات فأكرم أخواتك بعيدا عن عينها وعن سمعها؛ لأن هذا واجب عليك أيضا أن تكرم الأخوات، والإنسان قد يجد زوج وزوجات ولكنه لن يجد أم، ولن يجد أخت، ولن يجد أخ، وهذا ينبغي أن يكون واضحا أمام الجميع.

كذلك نوصيك بأن تدعوا الله تعالى لها، وتجتهد في أن تنصح لها بلطف، وحبذا لو وجدت من الصالحات من يقوم بنصحها، أو دفعت بها إلى مراكز تحفيظ القرآن، وعندها تتعلم المحافظة على الصلوات، وعلى الأمور الأساسية من هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تعالى به.

فإذن نحن ندعوك إلى إمساك هذه الزوجة، وتعطيها هذه الفرصة، وتحاول أن تغير في طريقة التعامل، وتحاول أن تفصل بين أهلك وحقوقهم وبين الزوجة وحقوقها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكم على الخير، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونكرر لك الشكر.

مواد ذات صلة

الاستشارات