كيف أسترد ثقتي بنفسي، وأستطيع التعامل مع الناس؟

0 896

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من العديد من المشاكل النفسية منذ أن كان عمري 16 سنة، والآن عمري 34 سنة، فلقد عشت مراهقة صعبة جدا، حيث ساءت معاملة والدي لي، ومنعني من الخروج، وحبسني في البيت، في الوقت الذي كن فيه صديقاتي يتعلمن ويدرسن، وكنت أنا سجينة الجدران، حتى اتصالي بصديقاتي ممنوع عني، وأنا فقط التي كان يعاملني بهذه الطريقة، بينما باقي أخواتي كن يمرحن و يخرجن، ويعاملهن عكس ما يعاملني تماما.

والآن صار عمري 34سنة، ولا أعلم كيف أتعامل مع الناس؟ فثقتي بنفسي منعدمة تماما، وأشعر بالخوف الشديد بمجرد خروجي ( الذي هو شبه منعدم) من البيت، فقد أخرج مرة كل 8 أشهر، وللضرورة القصوى، وإذا صادف أن ذهبت إلى أي مكان أشعر بأن دقات قلبي تتسارع، كما وأشعر برعشة وبرودة في أطراف أصابعي، وتعرق على مستوى الإبط والوجه، بالإضافة إلى الاحمرار الشديد الذي يكون باديا على وجهي، كما ويصيبني الأرق ليلتها، ولا أنام أبدا بسبب ما سيحدث لي غدا أثناء المقابلة، فأقضي كل الليل في التفكير والخوف، مما يجعلني كل 10دقائق
أذهب إلى الحمام، وهذا ما يعكر مزاجي صباح ذلك اليوم، فأحس بعدم التركيز والتوتر.

ولقد عانيت من احمرار الوجه كذلك عندما كنت أدرس في المرحلة الإعدادية، ولم أكن أستطيع الوقوف أمام السبورة، حتى وأنا جالسة في مكاني طوال الوقت، فإن وجهي يكون محمرا، كما أن حالة احمرار الوجه تنتابني عندما أكون جالسة في مقعد في الحافلة أو سيارة ما، أشعر بأن وجهي يكاد يحترق من شدة الاحمرار.

وكذلك الحال عندما أكون في البيت ويزورنا أحد ما مهما كان، إذا لم أسلم عليه عند مدخل البيت فلا أستطيع أن أتخيل نفسي وأنا أسلم عليه في الداخل، خصوصا إذا كان هناك جمع من الناس، فهذا يعتبر بنسبة لي من سابع المستحيلات، وأتحجج كي لا أقابل أحدا منهم، فهذه الأعراض جعلتني أرفض كل خاطب يتقدم لي، تفاديا لزيارة والدته إلى بيتنا، وجلوسي معها،حتى أن فرص العمل ضاعت مني.

والآن عمري 34 سنة، وبعد أشهر قليلة جدا أصير35 سنة، وأشعر بالإحباط و الكآبة والحزن لما أنا فيه، فأنا لم أحقق أي شيء في حياتي، وأشعر بأن وجودي في هذه الحياة كعدمها منذ أن كان عمري 16 سنة، وأنا كما أنا لم أحقق أي شيء، وضاع عمري هباء.

أحيانا أحس بكآبة شديدة تجعلني انزوي في غرفتي لمدة تقارب الأسبوع، لا أخرج منها، ولا أكلم أحدا، أقضي كل وقتي في البكاء والتحسر على حالتي، وأحيانا أبكي بكاء بدون سبب، وأشعر بضيق شديد، حتى أصدقاء النت أبتعد عنهم لأيام طويلة، وكثيرا ما أحس بالملل تجاههم، كما أنني أخاف أن أظهر ( أون لاين )، وإنما أحب التواصل معهم عن طريق الرسائل، وإن صادف أن فتحت الدردشة، دائمة أكون بحالة متخفية، أي ( أوف لاين )، وكل أصدقائي يسألوني لماذا دائما أكون ( أوف لاين )؟ ولا أدري بم أجيبهم؟ مع أني من داخلي أحب الصداقة والتواصل، وأحاول أن أحافظ على أصدقائي كي لا أخسرهم.

كما أني من مدة طويلة، وبسبب ظرف معين، صرت أخاف كذلك من التكلم عبر الجوال، وإن كلمتني صديقة لا أستطيع الرد عليها، أما أخواتي فأنا أضطر للحديث داخل الغرفة، وأنا أغلق الباب، مع أن الحديث الذي يدور بيننا عادي جدا، ولم أتكلم عبر جوالي منذ سنتين كاملتين.

أتمنى أن أعيش كباقي الناس، أخرج وأشتغل دون خوف، ودون أن يحمر وجهي دون أي ارتباك، أتمنى أن تزول حالة الكآبة والحزن، وأن أكون أكثر تفاؤلا، فبماذا تنصحني يا دكتور؟؟

كما أرغب أن تصف لي أدوية تساعدني على الشفاء بأسرع وقت، فالعمر يمضي و أنا كما أنا.

جزاكم الله كل خير

ملاحظة: أنا من الجزائر، وبحثت عن الأدوية التي ذكرتموها في الموقع الخاصة بالرهاب الاجتماعي، والخجل الشديد، ولكني لم أجدها في الجزائر، فكل الصيدليات التي زرتها قالوا لي: لم نسمع بهذه الأدوية! مع أني كتبتها كذلك باسمها العلمي، لذا أرغب بأدوية تكون أوروبية أو متوفرة عندنا.

وبارك الله فيكم

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاقدة الأمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، والذي يهم كثيرا في مثل حالتك، أن لا تربطي الماضي والشتات في الطفولة بوضعك الحالي، فهذا لا يعني أبدا أنني أقلل صعوبات التنشئة.

فمن المعروف أن التربية الوقائية أساسية جدا في التكوين النفسي وبناء الشخصية لدى الإنسان، ولكن الآن، ومن خلال المعرفة، يمكن للإنسان أن ينطلق انطلاقات قوية جدا ورائعة وبديعة، ويبني كل المكونات النفسية التي يرى أنه قد افتقدها، أو أنها لم تبنى لديه أو تتطور التطور التدريجي الارتقائي المعروف بالمراحل العمرية.

أيتها الفاضلة الكريمة، اعتبري الماضي مجرد تجربة وعبرة فقط، الآن أنت في عمر يؤهلك لاكتساب المهارات، وبناء معارف جديدة، وأن تشعري بأن حياتك لها قيمة، ولكن إذا ضللت تربطين صعوباتك الحالية بالماضي فهذا لن يفيدك، ولا أعتقد أنه حقيقة مطلقة كما كان يعتقد فيما مضى، فكثيرا من رواد المدرسة التحليلية، أعتقد أنهم قد أعطوا ثقلا أكثر مما يجب على أيام الطفولة والتنشئة المبكرة.

عموما فهذا موضوع حوله الكثير من اللغط والنقاش، وفي بعض الأحيان تكون الأفكار متباينة جدا، ولكن الخلاصة فأنا أريدك الآن أن تنظري إلى نفسك كشخص له كينونة، وله مقدرات، فلا تقللي من شأن نفسك، وأعيدي تقييم ذاتك، وانظري إلى الجوانب الإيجابية وحاولي أن تدعميها وأن تنميها، وانظري إلى الجوانب السلبية وحاولي التخلص منها.

والتواصل الاجتماعي هو أفضل وسيلة للقضاء على الخوف والرهاب الاجتماعي، فالرهاب الاجتماعي الذي تعانين منه، أعتقد أنه مرتبط بدرجة الإحباط التي تعانين منها، فإذا استطعتي أن تغيري نفسك فكريا وإيجابيا ومعرفيا، فأعتقد بأنه سوف يكون حلا أساسيا بالنسبة لحالتك، فأكثري من التواصل الاجتماعي، واجعلي لحياتك قيمة، وكوني بارة بوالديك، وأشغلي نفسك في الأعمال التطوعية والاجتماعية، والأنشطة الثقافية التي تعطي الإنسان قيمة ذاتية كبيرة جدا، فاحرصي على هذا الأمر، وسوف تجدين - إن شاء الله - فيها خيرا كثيرا لك.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فإنه لا شك مطلوب، وأنا أعرف تماما أن عقار زيروكسات، والذي يسمى في الجزائر بـــ ( ديروكسات )، واسمه العلمي باركستين متوفر، وهو من الأدوية الممتازة جدا والفاعلة، وهو دواء انجليزي المنشأ، ومن أكثر الأدوية التي جربت في الرهاب الاجتماعي، أضف إلى ذلك أنه محسن كبير جدا للمزاج، ويزيل القلق وأي نوع من الوساوس.

والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بنصف حبة أي 10 ملي جرام، تتناوليها يوميا بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها حبتين تناوليها بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء، وهذه الجرعة العلاجية المفيدة في حالتك يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوم بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والصحة والسلامة، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات