السؤال
استخرت بأن أعود إلى بلدي للعمل، فرأيت برؤيا أني أسكن في نفس البيت مع صديق لي موجود في بلدي، ويعمل نفس العمل، لكن عندما قدمت استقالتي في البلد الذي أعمل به حاليا رفضها رئيسي، وطلب مني البقاء بزيادة مغرية في الراتب.
أشيروا علي ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mustafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى صحابته ومن وآلاه.
نرحب بابننا الكريم وبأخينا الفاضل في موقعه، ونسأل الله أن يلهمه السداد والرشاد، وأن يقدر له الخير حيث كان، ثم يرضيه به، وندعوه إلى أن يتمسك بالعمل الذي فيه هذا الرزق، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك له في رزقه، والإنسان ينبغي أن يجود العمل، ويحرص على الإتقان في أي بلد كان، وفي أي مكان كان؛ لأن هذا هو واجب المسلم، وإذا وجد الإنسان رزقه في مكان فالصواب أن يلزم هذا المكان، وأن يشكر مالك الأكوان سبحانه وتعالى، واهب النعم المتفضل بالخيرات الكريم الوهاب.
وطبعا إذا كنت قد استخرت فلا ندامة، ولن يأتيك إلا الخير، لذلك ندعوك إلى أن تستمر في هذا العمل طالما جاءتك زيادة ولله الحمد، ورزق ساقه الله تبارك وتعالى لك، وهذا أيضا يعبر عن رغبة إخوانك في العمل ومرؤوسيك في أن تكون معهم، فالإنسان يلبي مثل هذه الرغبة ويحرص في أن يوفق بين هذه الواجبات، فيهتم بأهله، ويهتم بأهل بلده، وكذلك يهتم بالوظيفة التي يعمل فيها، ونحن غالبا نذكر بأن هذه الأرض ينبغي أن نتقن فيها العمل، إذا كنت في بلد إسلامي فإن الإنسان يردد ما قاله الشاعر: (وكلما ذكر اسم الله في بلد عددته من لب أوطاني).
والاغتراب عن الأوطان فيه فوائد كثيرة بالنسبة للإنسان، كما أنه لا يخلو من معاناة، ولكن هذه المعاناة طبيعة في هذه الحياة.
أما بالنسبة للرؤيا التي رأيتها، فنسأل الله أن يكون فيها الخير، ولكن ليس بالضروري لكل من يستخير أن يرى رؤيا، وأن تكون الرؤيا لها علاقة بالاستخارة، فالإنسان يستخير؛ لأنه يؤدي ما عليه، ويستعين بمن بيده الخير سبحانه وتعالى، فالاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، وبعد أن يصلي الإنسان الاستخارة بعد ذلك يمضي في السبيل الذي تنشرح له نفسه، والذي يرى فيه الخير، ويكون بذلك قد أدى ما عليه؛ لأنها عبادة يستأمر فيها الإنسان ربه، ويطلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، وبعد ذلك يمضي في هذا السبيل، وهذا لا يعني بحال من الأحوال أن الإنسان يستخير لئلا تأتيه مشاكل، وأن هذه الاستخارة قد تأتي بخلاف ما كان يفكر فيه، وأن الاستخارة قد تفتح له أبوابا كثيرة من الخير، لكن الإنسان إذا استخار فإنه أدى ما عليه، والاستخارة دعاء، فتوجه إلى الله تبارك وتعالى في الدعاء، واجتهد في إصلاح وإتقان العمل الذي كلفت به، وقدر لمسئوليك هذه الزيادة التي قررها لك، فإنه يستحق أن يشكر على ذلك، والشيء الهام هو أنهم يحرصون على بقائك معهم ووجودك بينهم، فالإنسان أيضا يطالب بأن يلبي مثل هذه المشاعر النبيلة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بك وبأمثالك البلاد والعباد.
فإذا نحن ندعوك باختصار إلى أن تواصل العمل، وأن تجتهد في المهنة، وأن تحرص على أن تكافئ وترد لمن أحسنوا إليك الإحسان إحسانا، عبر الاهتمام بالزملاء والإحسان إليهم، وحسن التواصل معهم وتقدير مشاعرهم، والشكر على ما فعلوه، فإن من لا يشكر الناس لا يشكر الله تبارك وتعالى، واشكر ربك على هذه الزيادة، واستخدمها في كل أمر يقربك إلى الله تبارك وتعالى، وإذا كان رئيسك المباشر قد طلبك، فهذا أيضا دليل على أنك من أهل الخير، وعلى أنك ممن يواظب على عمله، وممن يؤدي ما كلف به، وهذا أمر ستستفيد منه يوم يقوم الناس لرب العالمين، وتنتفع بمثل هذا العمل العظيم.
فهذه دعوة إلى أن تتقن العمل، وإلى أن تواصل في العمل الذي أنت فيه، وإذا كان هناك فرد متضرر، فينبغي أن تجتهد في أن تعاونه، إذا كانت لك زوجة، فيمكن تأتي بها، إذا كان لك والد يمكن أن يأتي أيضا يأخذ معك بعض الوقت، وإن عجزت عن هذا فلا أقل من أن تهتم بهم بإرسال النقود التي يحتاجون إليها، بقدر ما تستطيع، من أجل راحتهم وإسعادهم، بكثرة السؤال عنهم، والسؤال عن أحوالهم؛ لأن هذه أمور تسر الوالد وتسر الوالدة، وتعبر كذلك عن المشاعر النبيلة تجاههم، وإذا وجدت مثل هذه المشاعر النبيلة فإن في ذلك عونا للآباء والأمهات على الصبر والصمود أمام صعاب الحياة.
إذا: نكرر الدعوة لك بالاستمرار في العمل، ونوصيك بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم بالمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته، وندعوك كذلك إلى عدم إعلان رغبتك في ترك هذا العمل بعد الزيادة التي جاؤوا بها، فإن احترام مشاعر الناس وتقدير مواقفهم من الأمور النبيلة التي تحفظ للإنسان وده ومكانته في قلوب الناس.
فنسأل الله أن يديم عليك هذا الفضل، وأن يقدر لك الخير، ونكرر لك شكرنا على التواصل مع الموقع، ونشكر كذلك لهذا المسؤول هذا الحرص عليك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بكم بلاده وعباده، وأن يلهمنا وإياكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.