كيفية تربية الولد وتقليل أثر الطلاف على سعادته وفهمه للحياة

0 628

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قدر الله أن أنفصل عن زوجتي بعد أن أصبح عمر ولدي الوحيد ثلاث سنوات، وبحكم ظروف المعيشة، فإنني أعمل في دولة غير تلك التي يقيم فيها ولدي مع أمه، أرجو من فضيلتكم الإفادة بالتالي:

- سبل تربية ولدي للتأكد من عدم تأثره بغيابي، علما بأنني أراه لشهر واحد فقط في السنة على فترات متقطعة.

- كيفية تقليل آثار الانفصال على سعادة ولدي، وفهمه للحياة، وشعوره عند رؤية زملائه وأقاربه في عائلات متماسكة؟

- رأي الشرع في حق الحضانة، وهل من الظلم لولدي ولأمه عودته إلي بعد عمر معين بعد أن كان قد اعتاد على نمط حياة ورعاية معينة في حضانة أمه؟

أرجو الأخذ بالاعتبار بأن زوجتي وأهلها لا يسمحوا لي بالاتصال بولدي أكثر من مرة في الأسبوع عبر الهاتف، ولا يمكنونني من الاتصال به عبر الانترنت بالصوت والصورة.

وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mansi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية يسعدنا أن نشكر الأخ الكريم هذا الاهتمام بالسؤال في هذا الموضوع الهام، ونرحب به في موقعه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر له الخير، وأن يقدر لولده الخير، وأن يقدر لزوجته الأولى الخير، فإن مفاتيح الخير بيد الله تبارك وتعالى القائل: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما}.

نسأله تبارك وتعالى أن يحفظ هذا الشبل الصغير، وأن يعينكم على تربيته وحسن الوفاء والقيام بحقه.

ونسأل من الله تبارك وتعالى أن يعينك على حسن التربية، وعلى حسن رعاية هذا الولد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

بداية ندعوك إلى أن تشجع هذا الطفل الصغير على بر أمه، والإحسان إليها، حتى لو قصرت الأم، حتى ولو منعوك وحرضوه عليك، فإنا ندعوك إلى أن تبادر بالإحسان، وإلى أن تحتكم بهذه الشريعة التي تدعونا إلى أن نقيم الحق، ونفعل الخير، أن نؤدي إلى من ائتمننا وألا نخون من خاننا، فلا تبال بما يحصل، وأقبل على ولدك، واستخدم هذه الفرص المتاحة، ولا تقصر في تربيته، ولا في رعايته، ولا في الإحسان إليه.

وأنت في مكانك هذا مع كل صلاة احرص على أن تدعو الله أن يصلحه، وأن يجعله قرة عين لك، ولوالدته، فإنها تظل والدة له، وأنت تظل والد له، وليتنا عندما يحصل مثل هذا الفراق نجنب الأبناء من تلك الآثار، فلا نجعل الأطفال مادة، ووسيلة للعناد، والمكايدة للطرف الآخر، فإن مثل هذه الإساءة تضر الأبناء جدا، ولذلك نرجو أن تتفادى شعور هذا الطفل بمثل هذه المعارك الصامتة التي تدور بين الرجل وبين زوجته التي فارقها وطلقها.

مهما كانت الإساءة إذا كانت من الرجل أو المرأة، فهي مرفوضة شرعا، ولا عذر للإنسان في أن ينتقم من آخر لا ذنب له، فإن الله يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وأن يعيدك من غربتك، وأن يحفظ لابنك عليه دينه وأخلاقه، وأن يعين والدته على حسن الوفاء والقيام بحقه، وعليك ألا تقصر فيما عليك من إنفاق، وبذل من أجل الطفل، ومن أجل الحاضنة التي تقوم برعايته، وعليك كذلك أن تهتم بتعليمه ودراسته، وأن تحسن إليه، فإن الإنسان بإحسانه يسيطر على قلوب الآخرين، وأنت يهمك الآن هذا الولد الذي نسأل الله تعالى أن يجعل فيه قرة العين لك.

أما بالنسبة لعودة ولدك لك بعد خروجه من فترة الحضانة، فليس في ذلك ظلم، ليس فيما شرعه الله تبارك وتعالى ظلم، والشاب يستطيع أن يعتاد على الكثير، ومن مصلحة الولد أن يكون بجوار أبيه حتى يهتم بحسن تعليمه، وحسن رعايته وتأديبه، والشريعة الحكيمة جعلت السنوات الأولى في الحضانة للأم؛ لأنه بحاجة إلى مزيد من الرعاية والاهتمام، وجعلت السنوات الكبيرة الأخيرة بيد الأب؛ لأنه يحتاج إلى التواصل وإلى من يخرج به إلى ميادين الحياة حتى يتدرب على القيام بأدواره في المستقبل.

وإذا قمت بالواجب، وأحسنت للحاضنة ولابنك المحضون، وقمت بواجبك تجاههم، وعكست هذه المشاعر النبيلة، فإنك ستكسب الجولة وتنتصر في نهاية المطاف.

وعليك أن تلتمس العذر لهذه المرأة؛ لأن أهلها يتدخلوا، وربما يحرضوها على الرفض، يحرضوها على منع هذا الطفل الصغير من التواصل معك، ولكن العبرة بأن يصل منك الإحسان، العبرة بأن تكون صابرا ومحتسبا، العبرة بأن توقن بأن هذه الأم لن تضيع ولدها، ولن تضيع طفلها، فعليك أنت أن تبادر أيضا بإبراز المشاعر النبيلة حتى يصب كل ذلك في مصلحة هذا الولد الصغير (الطفل) الذي نسأل الله تبارك وتعالى أن يتيح لك رؤيته.

وإذا كانت الفرصة الآن متاحة عبر الهاتف، وهم منعوك من التواصل فغدا ستتاح لك مثل هذه الفرصة، والمهم هو أن تعرف أن الولد طيب، وأن مصروفه متوفر، وأنه ليس بحاجة إلى غير ذلك، لأن أموره منضبطة.

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الاهتمام بهذا الطفل الصغير، وأن يعينك على الصبر على تلك الأسرة التي نعتقد أنها بادرت بالعدوان عندما حالت بينك وبين رؤية هذا الطفل الصغير، وبين رؤيته لك، هم يظنون بذلك أنهم يحسنون إليه وقد أساءوا إليه غاية الإساءة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يمنحنا من العقل والوعي قبل ذلك من تطبيق الشرع ما يحول بيننا وبين مثل هذه الشرور، ومثل هذه الاحتكاكات التي لا يفرح بها ولا ينتفع بها إلا عدونا الشيطان، فليس من مصلحة الطفل ولا من مصلحة الأم المطلقة أن يشعر هذا الطفل أنه مهان، وأنه أقل من الآخرين، وأن ثم معارك تدور في الخفاء، هذا هو الذي نريد أن نخفيه عن هذا الطفل.

وإذا بادر هؤلاء بسوء الخلق، فقابل إساءتهم بالإحسان، واحتسب ذلك عند الله تبارك وتعالى، فإن العاقبة للصابرين، والإنسان لا يندم على صبره ولا يندم على احتماله، ولكنه يندم على العجلة ويندم على استخدام الأمور المتاحة بطريقة سيئة ويحزن كذلك لعواقب السوء، وعواقب الشر، والذين يقفوا لإلحاق الأذى بهذا الطفل بالحيلولة بينك وبينه سيبتلون بمثل هذه المصيبة، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

لذلك لا تلتفت لأي ظالم، فإن الله سيتولى أمره، وعليك أن تهتم بالحاضنة، وبابنك المحضون، وتحسن إليه، وتوفر له ما يحتاج إليه، ونسأل الله أن يجمع بينك وبينه على الخير، وأن يعينك على إعادة الأمور إلى مجاريها، وأن ييسر لك أمر الزواج والخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات