أصبح هاجس الموت يلاحقني بعد وفاة جدتي وأخي، فما المخرج؟

0 286

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي بدأت بعد وفاة جدتي، وهي بمثابة والدة لي، فهي من رعتني منذ ولادتي، وفي آخر أيامها دخلت المستشفى، وكنت ملازمة لها طوال هذه الفترة إلى أن توفاها الله، حيث توفيت أمام عيني وقتها لم أنهار فقط، كنت أذكر الله كثيرا؛ وبعدها بفترة توفي أخي فجأة بحادث سيارة، وكان الخبر بمثابة الصاعقة لكن لله الحمد على كل حال.

الآن أعاني من الخوف والقلق من كل شيء، وتسيطر علي أفكار سلبية بوقوع مكروه دائما، أفكر بالموت كثيرا، وأحلم بجدتي وأخي كثيرا لدرجة تفزعني من نومي، وأصبحت أخشى النوم خوفا من الأحلام المزعجة، أفسر كل تغير يحدث في جسمي بدنو الأجل، وأشعر بأعراض، كثيرة منها:

(ضيق في الصدر، الآم في الكتفين، ونشفان الريق، وجفاف اللسان، وتنميل في الجسم، ورجفة)، علما بأني -ولله الحمد- مواظبة على الصلوات والأذكار، وأرقي نفسي بما تيسر من القرآن، وأجاهد نفسي كثيرا بعدم سيطرة الأفكار السلبية علي وأحدث نفسي أنها من الشيطان، ويجب علي أن لا أمكن الشيطان مني، وأن أمري وشفائي بيد الله -عز وجل-، فأتحسن لمدة يوم وتعاودني الحالة اليوم الآخر، أتعبتني هذه الحالة كثيرا.

أرجو الإفادة أثابكم الله، وجعلها في ميزان حسناتكم، ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن الإنسان مشاعر ووجدان، والتعبير عن العواطف والأحزان بصورة معقولة ليس أمرا مخالفا للإيمان، وأنت مررت بخبرات حياتية ليست بالسهلة، توفيت جدتك -عليها رحمة الله- وكانت علاقتك وثيقة بها وكنت بارة بها، ثم بعد ذلك أتى وفاة الأخ -عليه رحمة الله تعالى- في حادث، وهذا لا شك أنه قد ضاعف لديك الشعور الوجداني الداخلي بالحزن، وأنت حاولت أن تقاومي بقدر المستطاع، حاولت أن تصلي إلى ما نسميه بنوع من التعادل النفسي الوجداني الداخلي فيما يخص العواطف والمشاعر، لكن كثيرا ما تتغلب مشاعر الحزن وتظهر في شكل أعراض نفسية من النوع الذي ذكرته (الأحلام المزعجة واضطراب النوم والاجترارات والأفكار التشاؤمية) هي تعبير عن الأحزان، ونحن لا نرفضها في الطب النفسي، لكن بالطبع إذا استمرت وأصبحت معيقة للإنسان وشاغلة ومستحوذة هنا لا بد أن يكون هنالك
نوع من التدخل الطبي النفسي.

أنا أنصحك بأن تحسي بالرضا أولا حيال ما قمت به حيال جدتك -عليها رحمة الله- وبالنسبة لأخيك هذا أمر الله ولا شك فيه، أقصد بذلك نوعية الوفاة التي توفاها، واسألي الله له الرحمة والمغفرة.

ويجب أن تفصلي تماما ما بين ما حدث وما بين ما يحدث في المستقبل، فلا ندري ربما تحدث وفيات أخرى، ربما تحدث أشياء كثيرة، لكن هذا يجب ألا يغلق أمامنا باب التدبر والتفكر والتأمل والعيش التفاؤلي، ورجاء ما عند الله تعالى، واحتساب ذلك عند الله تعالى. تعاملي مع الموضوع على هذا النسق، وعليك بأن تكون حياتك طبيعية.

كثير من الناس حين تنتابهم الأحزان الشديدة تجد حياتهم قد تعطلت، هذا مشكلة أساسية، فأرجو أن تتدبري وترجعي إلى سابق مناشطك، بل تزيدي عليها. هذا يؤدي إلى تعويض وجداني كبير، ويقلل لديك اضطرابات الفزع التي تعانين منها.

بالنسبة للنوم: احرصي على أذكار النوم، تجنبي النوم النهاري، ولا تتناولي الشاي والقهوة في فترة المساء، وأرجو أيضا أن تتدربي على تمارين الاسترخاء فهي مفيدة جدا.

إذا سيطرت عليك مشاعر الخوف هذه واستمرت معك أكثر من ذلك -أي بعد أن تطبقي تمارين الاسترخاء وتعالجي نفسك معرفيا وفكريا حسب ما أوردناه لك- يمكن أن تتناولي دواء، عقار سيرترالين معروف جدا بفعاليته في إزالة هذا النوع من المخاوف، وتناول الدواء ليس فيه أي نوع من التنقيص من شأنك، وهذا لا يعني أنك هاشة نفسيا، فقط ربما يكون أن القلق والتوتر والمخاوف لعب المكون الكيميائي -أي التغيرات التي تحصل على مستوى كيمياء الدماغ- دورا فيها وفي استمراريتها، ولذا يجب أن نصحح تلك المسارات من خلال الدواء.

وفترة العلاج الدوائي لا تزيد عن ثلاثة شهور في مثل هذه الحالات، السيرترالين يتم تناوله بجرعة نصف حبة يوميا بعد الأكل، وبعد عشرة أيام ترفع الجرعة إلى حبة كاملة، تستمري عليها لمدة شهرين، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم إلى نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين أيضا، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

هذا الذي أنصحك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات