السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هناك فتاة أحبها منذ عام وهي تبادلني نفس الشعور إلى أن ذهبت لأداء العمرة في الأسبوع الماضي، ودعوت الله أن تكون من نصيبي، وفي النهاية دعوت بدعاء الاستخارة، وفي اليوم التالي قالت لي إنه يجب أن نستخير، وخاصة أنها أصبحت تحس بالضيق والخوف، فقررنا أن نستخير، واستخرنا لمدة ثلاثة أيام متواصلة.
بالأمس تفاجأت بقولها: إنها تحس بالضيق كلما فكرت في المستقبل، وإن عواطفها مشوشة ولم تعد متأكدة إذا ما زالت تحبني أم لا! وإنها تعتقد أننا لسنا لبعض.
في المقابل أنا ما زلت أحبها من أعماق قلبي، وأتمنى الزواج بها اليوم قبل الغد، ومرتاح جدا لفكرة أن أتقدم لطلب يدها، وحاليا حالتي النفسية تعبانة جدا، وأبكي لساعات طويلة.
أرجو منكم مساعدتي -حفظكم الله-.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ طارق .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
نرحب بك - ابننا الكريم - في موقعك، ونشكر لك تواصلك مع الموقع، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونسأل الله أن يعينك على السداد والثبات.
ابننا الفاضل: ما ذكرته من قصة هذه الفتاة، وهذه العلاقة التي دامت بينكما، فإننا ندعوكم أولا لتصحيح هذه العلاقة بوضعها في طريقها الصحيح، عن طريق المجيء إلى البيوت من أبوابها، ولا بد أن ندرك أن أي علاقة خارج الأطر الشرعية وتكون من وراء الأهل ودون علمهم، هذه عواقبها أن يتبدل ذلك الميل إلى نفور؛ لأن الشيطان الذي يجمع على الشر هو الشيطان الذي يشوش، وهو الذي يأتي بهذا الضيق، فهم الشيطان أن يحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله.
وأرجو أن تعلموا أن الحب الحقيقي إنما يحدث بالرباط الشرعي، ويزداد مع التعاون على البر والتقوى، ومع المعرفة بالصفات الجميلة في الشريك قوة وثباتا، أما ما يحدث قبل ذلك فهذا أمر يحتاج إلى وقفة من الناحية الشرعية، فالفتاة لا تزال أجنبية عنك، وأنا حقيقة سعيد بمسألة الحرص على الاستخارة؛ لأن الاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، وأرجو أن تكثروا من ذكر الله تعالى، ونتمنى أن توقفوا هذه العلاقة حتى توضع في إطارها الشرعي الصحيح، وذلك عن طريق المجيء للبيوت من أبوابها، ثم بعد ذلك ننصحكم بإخفاء هذه العلاقة التي كانت بينكما، وعدم ذكرها لأحد من الناس؛ حتى لا يساء بكم الظن، وعليكم أن تبدؤوا صفحة جديدة عامرة بالطاعة من كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى.
ونريد أن نقول: نحن لا نستغرب هذا التردد وهذا الصعود والهبوط في هذه العاطفة التي ليس لها ما يحكمها من الضوابط الشرعية والقواعد المرعية، ولذلك ندعوكم إلى وقفة مع النفس، نبدأ فيها بالتوبة والاستغفار، والرجوع إلى الله، ووقف هذه العلاقة، ثم بعد ذلك إذا وجدت الميل في نفسك عليك أن تتقدم لتطرق باب أهلها، وأن تبدأ المسيرة الصحيحة، بعد التوبة، والرجوع إلى الله تبارك وتعالى من ذلك التقصير؛ لأن التواصل بين الشاب، والفتاة معصية، وما من معصية إلا ولها شؤم ولها آثار مظلمة، وما بني على الباطل لا يوصل إلى الحق، والمقدمات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة.
من هنا أرجو أن نتخذ من هذا الذي حدث فرصة للوقفة وللمراجعة، ولإعادة ترتيب الأوراق - كما يقولون – ثم بعد ذلك لا مانع من أن نبدأ علاقة صحيحة إذا وجدنا في أنفسنا ميلا وتوافقا ورضى لهذه العلاقة، وحبذا لو اصطحبت معك الأهل لتقابلوا أهلها حتى تتم المعرفة وتوجد الثقة، وعندها سيتحقق ذلك الميل بحول الله وقوته.
وأيضا: لا بد أن ندرك أن أي توسع في العلاقات العاطفية قبل الرباط الشرعي يعتبر خصما على سعادة الزوجين بعد الزواج؛ لأن مخزون العواطف يقل، ولأنه كذلك أيضا لما يقبل الإنسان على الزواج الحقيقي يجد نفسه أمام مسؤوليات كبيرة، فإن بعض هذه الأشياء تفتر، وكذلك الشيطان الذي يجمع الناس على المعصية والتواصل من وراء ظهر الأهل هو الشيطان الذي يأتي فيقول للرجل: (كيف تثق فيها فربما كانت تكلم غيرك؟) ويقول كذلك للفتاة: (كيف تثقين في هذا الثعلب، فربما كان يتعامل مع أخريات غيرك؟).
فنحن ننصحك إذن أن تبدأ الرجوع إلى الله وتتوجه إليه، واعلم أن البكاء والتأثر لا يقدم ولا يؤخر، ولكن عليكم فعل خطوات عملية في الاتجاه الصحيح، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما على الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وإذا حصل هذا الميل وطرقت الباب فنحن لا ننصح بإطالة الفترة، لأن الإنسان إذا تأكد من صلاح الفتاة فرضي بها، مالت إليه ومال إليها، فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح، وإطالة أمد الخطبة حتى وإن كانت خطبة صحيحة ليس في مصلحة الزوج ولا في مصلحة الزوجة، فخير البر عاجله.
نكرر شكرنا لك على تواصلكم مع الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما على الخير، وأن يؤلف بين القلوب، وأن يردنا إلى دينه وإلى كتابه ردا جميلا. وأستغفر الله العظيم لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.