السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ قرابة 10 أشهر أصبت بنوبة هلع بدون أي مقدمات، وقد كنت أظن وقتها بأنها النهاية، جلست أفكر ما الذي أصابني، وبعدها ذهبت للسرير ونمت، واليوم الثاني كان عاديا، ولم أشعر بشيء، وقد كنت أظن أن الذي حدث لي ليلة الأمس أنه هبوط بالضغط، أو نقص فيتامينات أدت إلى هذا الشعور الغريب، وفي اليوم الثالث أتتني نوبة الهلع وأنا في عملي، ووقتها أخذوني زملائي إلى المستشفى مباشرة وتم فحصي، وقالوا بأني سليم، ومع مضي الأيام بدأت أحس بخوف وقلق، ولاحظت وجود غازات ببطني، وأدى بي الحال إلى اكتئاب، وقد عشت شهر رمضان الماضي كاملا وأنا مكتئب، ولا أريد أن أقابل أحدا أو أتكلم، فقد كنت أحس بشعور قاتل لا أعرف ما هو.
ذهبت وقتها لطبيب نفسي ووصف لي دواء السيراليكس 10مل، وبدأت استخدامه، وبعد عشرة أيام أحسست بتحسن ملحوظ، وبدأت أشعر أني بخير، ورجعت السعادة لي مع الاستمرار بتناول الدواء .. وبعد أشهر كنت أظن نفسي بأني تشافيت تماما من الاكتئاب، وبدأت أهمل استعمال الدواء، وكنت أفوت أياما لا أستخدم الجرعة حتى جاءتني انتكاسة أخرى منذ حوالي أربعة أشهر، رجعت إلى نفس الطبيب، وقال لي أن أرفع الجرعة إلى 20، وأستخدم دواء آخر وهو سيركويل 100، رفعت الجرعة واستخدمت السيركويل ولكني تركته؛ لأني عندما أستيقظ من النوم لا أدرك أني استيقظت، وكأني ما زلت نائما .. استمريت على جرعة سيبراليكس 20 مل لمدة أسبوعين، ولم ألاحظ تحسنا في حالتي، ذهبت وقتها لطبيب آخر ووصف لي دواء بروزاك 20 مل بدل السيبراليكس، ولكني استعملت البروزاك لمدة شهر ولم أستفد شيئا غير أنه أصابني بالغثيان.
سؤالي لك يا دكتور: هل تنصحني أن أعود إلى دواء السيبراليكس وأقطع البروزاك؟ أم أن هناك دواء آخر تنصحني فيه بعدما عرفت حالتي؟ وهل هناك دواء ممتاز لتشتت الأفكار وعدم التركيز وكأني أعيش بحلم.
أتمنى نصيحتكم.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وعلى ثقتك في شخصي الضعيف، لقد قمت بتدارس رسالتك، وأؤكد لك أن النوبة التي أصابتك هي نوبة هلع، أو ما يسمى بنوبات الفزع، والبعض يسميها الرهاب، وهذا لا شك أنها تجربة نفسية شديدة، لكنه هو نوع القلق الحميد في نهاية الأمر.
الإشكالية أن نوبات الهلع دائما تترك نوعا من الارتدادات، والشعور بأن هذه النوبات سوف تعاود الإنسان مرة أخرى مما يجعله يصاب بشيء من الوسوسة، وهذا ينتج عنه أيضا درجة بسيطة إلى متوسطة من عسر المزاج.
أنا أؤكد لك وبصورة قاطعة أن هذه النوبات ليست خطيرة، وشعورك بقرب المنية هو جزء من نوبات الهرع، حيث يحدث نوع من تسارع في ضربات القلب نتيجة لإفراز مادة تسمى بالأدرينالين، وهذه ومن خلال التغيرات الفسيولوجية ينتج هذا الخوف الذي تحدثت عنه.
العلاج الدوائي يعتبر هو من الوسائل المهمة جدا لعلاج نوبات الهرع، ودواء سبرالكس من الأدوية المتميزة جدا والفعالة لعلاج هذه الحالة، كما أنه يبتر كل المخاوف المصاحبة، وكذلك الشعور الوسواسي وعسر المزاج الذي يرتبط بنوبات الهرع.
البروزاك أيضا دواء فعال لكن يعاب عليه أنه في حوالي عشرين بالمائة من الناس في حوالي الأسبوعين الأوليين ربما يؤدي إلى شيء من القلق الذي يختفي بعد ذلك، وأنا من الذين يحبذون أن يتناول الإنسان دواء واحدا وبجرعة صحيحة وللمدة المطلوبة.
بالنسبة لعقار سوركويل لا شك أنه فعال جدا كدواء داعم، وله خاصية الفعل التضافري مع السبرالكس أو البروزاك، لكن الإشكالية في أنك قد تناولت السوركويل بجرعة مائة مليجراما، وهذا هو الذي جعلك تشعر بأنك في حالة من النوم أو ما يسمى بـ (الهمدان) الذي ينتج من الجرعات العالية، كان من المفترض أن تبني جرعة السوركويل تدريجيا، أن تبدأ بخمسة وعشرين مليجراما يوميا، ثم بعد أسبوع تجعلها خمسين مليجراما، وهكذا إلى أن تصل إلى جرعة المائة مليجراما.
الآن أنا أعتقد أن عقار بروزاك سيكون مناسبا بالنسبة لك، لكن يجب أن تعطيه الفرصة الكافية، والبناء الكيميائي لا يتم أبدا إلا إذا التزم الإنسان بالجرعة العلاجية، وصبر على الدواء.
جرعة البروزاك المطلوبة هي أن تبدأ بكبسولة واحدة في اليوم، تناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعلها كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراما – وهذه الجرعة العلاجية التي يمكن أن تستعملها كجرعة واحدة في اليوم.
استمر على جرعة الكبسولتين لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف بعد ذلك عن تناول البروزاك.
أما بالنسبة للسوركويل كدواء داعم، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما وليس مائة مليجراما، خمسة وعشرين مليجراما ليلا ويجب أن يتم تناولها قبل الساعة التاسعة مساء، حتى لا تشعر بنوع من الفتور في الصباح، استعمل هذه الجرعة لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها خمسين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم يمكنك أن تتوقف عن السوركويل لكن تستمر في تناول البروزاك حسب ما وصفت لك.
بالنسبة لتشتيت الأفكار وعدم التركيز: هو ناتج من القلق، التعاطي مع الرياضة مهم جدا، فالرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأبدان، كما أنها تحسن التركيز. أنصحك أيضا بممارسة تمارين الاسترخاء، فهي ذات فائدة كبيرة.
أرجو أن تكون موفقا في إدارة وقتك بصورة صحيحة، وعليك أيضا بالمنحى الإيجابي في تفكيرك، وأود أن أشير لك أن قراءة القرآن الكريم بتدبر وتؤدة وترتيل تحسن من التركيز، {واذكر ربك إذا نسيت}.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.