أشعر بالندم لأني رفضت الخطاب...فما نصيحتكم؟

0 551

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة، سبق وأن خطبني شاب متدين، وعلى خلق، مع العلم أن ظروفه المادية جيدة جدا إلا أنني لم يعجبني شكله، وأحسست بالنفور منه، وافقت في البداية، ثم رفضته بعد الاستخارة.

كما خطبني أيضا شاب آخر ملتزم، وعلى خلق، وأحسست بالارتياح معه، وكانت طباعه موافقة لطباعي، إلا أن ظروفه المادية ليست بجيدة؛ حيث إنه لا يملك إلا دخلا بسيطا، كما أنه أمرني بتمديد مدة الخطوبة إلى 3 سنوات إلى أن يتمكن من بناء مسكنه.

فكرت واستخرت، ثم رفضت خوفا من طول مدة الخطوبة، ولكن بعدها أحسست نوعا ما بالندم؛ حيث إني أدركت أن فرص الزواج من رجل ذي دين وخلق هي فرص تكاد تكون نادرة، ففكرت في العودة إما للأول أو للثاني باستعمال وسيط، فلمن تنصحوني أعود؟ أم هل أبقى أدعو الله إلى أن يرزقني زوجا آخر أفضل منهما؟

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بداية نشكر لابنتنا تواصلها مع الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمرها، وأن يغفر ذنبنا وذنبها، وأن يلهمها السداد والرشاد، وكم نحن سعداء بالتواصل مع هذا الموقع، فنحن في خدمة أبنائنا والفتيات.

ننصح ابنتنا الفاضلة بأن لا ترد الخطاب، لأن الرد المتكرر للخطاب يجعلهم ينفرون من الباب ويذهبون عن الفتاة، وعندها ستندم ولات ساعة مندم، لذلك ينبغي أن تحرصي ألا تسارعي في رد أي خاطب إلا بعد أن تستكملي الفرص، وبعد أن تستشيري وتستخيري وتنظري في عواقب الأمور، وتنظري نظرة شاملة وكاملة، وهذا مهم جدا بالنسبة للمرأة، أن تنظر في حالها، في حال مثيلاتها، وفي فرص الزواج المتاحة، وفي الشباب أيضا السقف المتاح من تدينهم والتزامهم، وإمكاناتهم، فلا بد من نظرة شاملة قبل أن نرفض الخاطب.

ولكننا مع ذلك نؤكد لك أن الخطبة الناجحة هي التي يحدث فيها ميل مشترك، وقبول مشترك من الطرفين، ولا أظن أن الدرهم والدينار له دخل في هذه المسألة، لأن الإنسان إنما يخطب الإنسان لنفسه، وغبي في الناس من رضي أن يقال له كم أنت بدلا من أن يقال له من أنت، فالإنسان بإنسانيته، وبأخلاقه، وبالتزامه، وبآدابه، وبدينه، كما قال النبي – عليه صلوات الله وسلامه -.

واحمدي الله تبارك وتعالى أن الذين تقدموا لك جميعا كانوا من أصحاب الدين والأخلاق، وهذه مزية كبرى، وهي فيها فرصة لسد كل خلل، فإن كل نقص يجبره الدين ويصلحه الدين.

وكل كسر فإن الدين يجبره**** وما لكسر قناة الدين جبران.

ولكن وبعد تأمل هذه الاستشارة منك فإني أرشح لك الوصول إلى الثاني، شريطة ألا يكون في ذلك أي نوع من التنازل من قبلك، ويمكن أن يكون الوسيط ذكيا بحيث يقول - وحبذا حتى ولو كان من إخوانك - : (يا فلان، ما هي أخبارك؟ ماذا عملت في الزواج؟ ما هي خططك؟ هل خطبت مرة ثانية؟) يبدأ ويفتح معه مثل هذه المواضيع، ثم بعد ذلك إذا قال: (والله كنت أريد أختكم، لكن كذا وكذا، وهي التي رفضت) يمكن أن يعرض عليه ويقول: (لا مانع من أن نحاول معها لعلها تقبل) حتى لا يشعر أنك تركضين وتجرين خلفه، لأن الإنسان عندما يرفض توجه إليه صفعة قد لا تكون من السهولة عليه نسيانها، لذلك إذا كنت تحبين الرجوع، فلتكن بطريقة غير مباشرة، وطريقة لبقة، وإذا كانت هناك امرأة كبيرة تستطيع أن تقوم بهذا الدور أو على معرفة بأي محرم من محارمه، فإن النساء أعرف بذلك كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم – لخولة بنت حكيم، فإنهن يحسن عرض الشاب على الفتاة والفتاة على الشاب، وهذا دور تجيده الأمهات، لأنهن يتكلمن بطريقة لا يشعر معها الشاب، ولا تشعر معها الفتاة أن هذه المرأة مدفوعة، وأنها مرسلة من أجل أن تؤدي رسالة معينة.

فلا مانع من مثل هذه المحاولات، لأن الطريقة المباشرة قد لا تكون فيها مصلحة لك، وقد تعتبر نقطة ضعف فيك مستقبلا، ولكن نحن ننصحك بهذه الطريقة، ثم عليك أن تنتبهي وتتعظي بهذه الدروس، وقد أحسنت فإن وجود صاحب الدين نادر جدا، وهو عملة نادرة جدا، والفتاة لا ينبغي أن تضيع هذه الفرص النادرة، لأن الإنسان إذا ضيع الفرص النادرة، فإنه يندم على ذلك أشد الندم.

نحن حقيقة رشحنا لك الثاني؛ لأننا نلاحظ أن فيه ميل بخلاف الأول الذي نفرت منه، فإن النفور هذا هو الإشكال، خاصة إذا كان النفور له أسباب، أما النفور الذي ليس له أسباب، فإنا ننصح فيه بالرقية الشرعية والدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ونذكر بأن الحب من الرحمن، وأن البغض من الشيطان، فالشيطان يريد أن يبغض لنا ما أحله الله لنا، لأن الشيطان يحزن ويغضب ويتألم عندما نتزوج بالحلال، وعندما نقع في طاعة الكبير المتعال، فهو يريد أن يعكر هذه الفرص، ويشوش على المتزوجين ويخرب على الناس في علاقاتهم الأسرية، بل يحتضن ويلتزم الشيطان الذي ينجح في أن يفرق بين زوجين أو بين خطيبين، ولذلك ينبغي أن نعامل هذا العدو بنقيض قصده.

وعليك أيضا أن تستمري في الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، لعل الله أن يرزقك أيضا برجل صالح، وأدعو الله تبارك وتعالى أن يرد إليك أو يجعل هؤلاء الخطاب يعودون مرة ثانية ليتقدموا لك إن كان في ذلك خيرا لك ولهم، فإن الإنسان لا يعرف من أين يكون الخير، ومن أين يحصل الخير، لكن كفى بالله حسيبا، وكفى بالله وكيلا، وبشرى لمن عرف طريق الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، الذي بيده مقاليد الأمور سبحانه وتعالى، فأصلحي ما بينك وبين الله تعالى، ونتمنى في المرات القادمة أن تكتبي إلينا وتشاورينا قبل أن تتخذي أي قرار حتى نستطيع أن تنتاقش ونتحاور لنصل للصواب بحول الله وقوته.

نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات