أفكار تراودني بأنه لا فائدة من القراءة.. فما توجيهكم

0 438

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أعاني من مشكلة، وأريد حلا لها من فضلكم.
مشكلتي هي: أنه بشكل مستمر تراودني أفكار بأنه لا فائدة من القراءة، ولا أستوعب، كيف يكون الدكتور مثلا أعلم من الطالب؟! وأيضا تراودني أفكار كيف أستوعب ما أقرأه، كيف يكون معنى لهذه الكلمات المكتوبة أمامي؟ وأيضا كيف يكون الحفظ؟ وكيف تكون الذاكرة؟ وكيف يخزن الشخص أفكارا وأسماء وأرقاما؟ وكيف يحفظ؟

هذه المشكلة باتت تعيقني عن اطلاعي وعن مذاكرتي، علما أنني إيجابي وأقاوم هذه الأفكار بشراسة، وعلما أنني مصاب بالوسواس القهري تجاه المعتقد من أربع سنوات، وأيضا منذ قرابة شهر بدأت أتناول علاج السيروكسات بعد انقطاع عن الأدوية النفسية دام لقرابة سنتين ليس تحسنا، ولكن مللت؛ لأن جل العلاجات لم تجد نفعا، وأبلغ من العمر 22 عاما، متفوق في دراستي.

وللعلم هذه المشكلة حديثة معي منذ أشهر تقريبا، إلا أنه كان لها وجود طفيف لا يذكر قبل سنتين.

أيضا: أعاني من أفكار تراودني دائما ولا تنقطع عني بأنه لا فائدة من الاطلاع، ولا فائدة من القراءة، وبصور عديدة مثلا أقول كيف يكون الدكتور أعلم من الطالب، كيف إذا قرأت كتابا أستفيد منه؟ وصور أخرى مثلا كيف أستطيع فهم معاني ما هو مكتوب؟ كيف المعنى المكتوب في السطور يتكون بصورة ذهنية في رأسي، كيف أستطيع فهم ما يقال لي، كيف تتم عملية التخزين بالمخ، كيف تتم عملية تخزين وحفظ الأرقام والأسماء والتواريخ بالمخ؟ أيضا عندما أذاكر لامتحاناتي تنتابني كذلك أفكار بأني كيف أستطيع حفظ هذه المعلومات والتعاريف كيف؟

علما بأنني أستحقر هذه الأفكار، وأقاومها بشراسة، لكن تتكرر علي بشدة، وفي صور كثيرة لم أذكرها، بداية هذه المشكلة قبل سنتين تقريبا إلا أن وجودها كان ضعيفا جدا، ولا يكاد يذكر، وليس بهذا التوسع.

منذ شهرين من الآن تفشت وتفجرت مرة واحدة، ولأساعد المختص على التشخيص أعاني من وسواس قهري منذ أربع سنوات بالدين! وبالأخص بالمعتقد، وتناولت العلاج لمدة سنة متقطعة ولأدوية مختلفة، ومنذ قرابة ثلاث سنوات إلا نصف تقريبا لم أتناول أي دواء، لأن الأدوية لم تظهر أي تحسن يذكر، وقبل شهر فقط تناولت الفافرين، وأنا الآن أتناول منه يوميا 150 مل جم، ليس منذ البداية تناولت هذه الجرعة تدريجيا.

سأذكر الآن معلومات قد تساعد على التشخيص، أنا شاب أبلغ من العمر22 عاما، وطالب جامعي متفوق -ولله الحمد- يوجد لدي أخ وأخت يعانون من أمراض نفسية، لكن لم يذهبوا للطبيب، وبحسب توقعي أنهم يعانون من وسواس قهري.

أخيرا أحب أن أوجه أهم نقطة في استشاراتي، وأنا بهذه الحالة، هل يفضل أن أستمر باطلاعي وقراءتي للكتب أم أتوقف؟

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
الذي وصفته لاشك أنه وساوس قهرية، وساوس فكرية، جعلتك تحلل أمر القراءة واكتساب المعلومة بشكل نمطي وفلسفي وجوهري، الوساوس يا أخي حين يقتنع الإنسان بأنها سخيفة، بأنها متسلطة عليه، وأنها مستحوذة وملحة هذا يجعل الإنسان يحقرها، وتحقيرها يعني تسخيفها، وهذا كله يؤدي إلى عدم اتباعها.

أحيانا يمكن للإنسان أن يناقش وساوسه، ويحاول أن يخضعها للمنطق، لكن الوساوس حول العقيدة لا نفضلها أبدا أن يدخل الإنسان في حوارات وتفصيلات مع نفسه، لأن أي تفسير ومحاولة إخضاعه للمنطق يؤدي إلى المزيد من الشكوك والتردد الفكري الذي تولد لدى الإنسان .

في حالة الوسواس الذي ينتابك حول القراءة للموضوع يجب أن تحقره، تعتبره وسواسا، وهو بالفعل وسواس، ولا مانع من أن تربط نفسك بالواقع قليلا، وذلك من خلال التصدي الفكري لأن النوع من الوسواس وهو أن الكتابة والقراءة هي هبة من الله تعالى لنا، وقد زودنا بالجهاز العصبي، ومراكز معينة بالدماغ، لدينا الحواس التي من خلالها نستقبل المعلومة، ونبدأ في كتابة ما نريد أن نكتبه، من ثم تتم عملية التخزين لما كتبناه أو فهمنا في منطقة معينة من المخ، يمكن بعد ذلك استرجاعه والاستفادة منه، ومراحل التعلم واكتساب المعرفة مرحلية لكل مرحلة عمرية متطلباتها، وله هذه المرحلة العمرية، أيضا مقدر على اكتساب محدود لا يمكن للإنسان أن يتجاوزها مهما كان مقدرا، والعلم والمعرفة تأتي من خلال التراكم والتراكم يتطلب الاطلاع، وهكذا.

إذا أخي هذا النوع من التفكير يمكن أن تواجه به هذا النوع من الوسواس، حول سؤالك هل يفضل أن أستمر على الاطلاع والقراءة على هذه الكتب أم أتوقف؟ يمكن أن تستمر على الاطلاع فالعلم نور، لكن اقرأ الكتب الجيدة، والكتب الرصينة، عدد مصادر اطلاعك، دائما تذكر أن الإسلام هو دين المعرفة، ودين العلم، (اقرأ) هي كانت أحد المخاطبات القرآنية الأولى، الأمر يجب أن تتعامل معه على هذا السياق، واصرف انتباهك تماما عن هذا الفكر الوسواسي، ولا مانع أن تطبق تمارين سلوكية بسيطة نتحدث عنها كثيرا، ومنها تنفير الفكر السلبي، مثلا أن تفكر حول موضوع الكتابة الذي يشغلك وسواسيا، وكذلك قم بالضرب على يديك بقوة وشدة شديدة، هذا يجعلك تحس بالألم والربط بين الإحساس بالألم والفكر الوسواسي فيضعف الوساوس ولاشك في ذلك، كرر هذا التمرين بجدية عشر مرات متتالية بمعدل مرة صباحا ومرة مساء لمدة أسبوعين، ثم اجعلها مرة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أيضا.

العلاج الدوائي مهم وهو مطلوب، والمعلومات المتوفرة قوية جدا، وثابتة إن شاء الله، وهي أن كيمياء الدماغ تلعب دورا في تكوين الفكر الوسواسي واستمراريته، وكذلك الأفعال الوسواسية، لذا يعتبر الدواء من أكثر الوسائل التي تنظم كيمياء الدماغ، وترجعها إلى وضعها الطبيعي.

الفافرين دواء جيد لكن أعتقد أن جرعة (150 غ) قد لا تكون كافية، وإذا رفعتها إلى ( 200غ) في اليوم هذا هو الأفضل، والجرعة القصوى للفافرين هي ( 300غ ) في اليوم، لكن اعتقد أن (200غ) يوميا سوف تكون كافية جدا، وهذه الجرعة يجب أن تستمر عليه لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن أن تنتقل إلى الجرعة الوقائية والوصول إلى ذلك من خلال تخفيض الفافرين إلى (150غ) يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها حبة يوميا لمدة عام، ثم بعد ذلك يمكن أن تخفضها إلى (50غ) يوميا لمدة شهرين أو ثلاثة.

إذن يا أخي هذا هو العلاج الدوائي، وأنا أحبذ أن تدعم الفافرين بدواء آخر يعرف باسم فلوفنزيل بجرعة واحد مليجرام ليلا هو جيد جدا، وإذا لم تتحصل عليه يمكنك أن تستبدله بعقار يعرف باسم رزبريادالRisporidal والاسم العلمي هو رزبريادونRisperidone والجرعة هي واحد مليجرام، ليلا وأي من الدواءين إذا تم الحصول عليه تناوله لمدة ثلاثة أشهر.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات