السؤال
أشيروا علي من فضلكم
أنا فتاة مؤدبة جدا، ومن عائلة محترمة ومتدينة، وأغض البصر عن كل المحرمات، أدرس في الجامعة، ولم أكلم شابا طوال حياتي حتى في مواضيع الدراسة.
من بداية العام الدراسي أحببت شابا بعمري وبنفس كليتي، أحببته من أول نظرة، وأحسست بارتياح كبير له، هو مؤدب جدا، ولا يكلم البنات، ويصلي، ولا يدخن، ومجتهد في الدراسة، ومستواه الاجتماعي قريب من مستوانا، ولكني لم أخبره، تعبت كثيرا، وكل يوم أدعو الله في الصلاة أن ينسيني إياه إن لم يكن من نصيبي، ويوما بعد يوم يزداد حبي له، وهذا الحب والله يشهد لم يتعد سوى الشعور الداخلي والارتياح بوجوده، أنام كل يوم على وضوء، وأقرأ أذكار المساء، مع ذلك أحلم به دائما.
أشعر بأنه يهتم بي عن بعد، ويسترق النظر إلي دون غيري من البنات، وعندما أراه ينزل رأسه خجلا، أحس أنه يعلم بحبي، وأحس أنه يحبني، ولكني أنا جامدة جدا، ولا أكلم أي شاب، وهو كذلك لا يكلم الفتيات، ومن الممكن -لأنا مازلنا في السنة الدراسية الأولى- ليس لديه إمكانيات الزواج، ولكن حبه أتعبني جدا، وأشغلني عن دراستي، وكلما أحاول النسيان ومنع نفسي عن التفكير أحبه أكثر.
سؤالي: هل يجوز شرعا أن أخبره بأني معجبة به وأريده زوجا لي في المستقبل؟ وأطلب منه أن أعلم عن شعوره فقط؛ كي أستريح، ولن يتطور الأمر أبدا! وأطلب منه إن لم يكن يحبني أن يستر علي؟
أنا متأكدة أنه لن يفضحني لأنه صاحب خلق ودين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أريج خالد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يوفقك لكل خير في دينك ودنياك وآخرتك.
نحن وإن تفهمنا -أيتها البنت العزيزة- ما سيطر عليك من التعلق بهذا الشاب، إلا أننا في الوقت ذاته نضع بين يديك العلاج الناجع، والذي فيه - بإذن الله - خيرك ونجاحك وسعادتك، إن أنت أخذت به جادة واستعنت بالله تعالى على ذلك.
هذا الدواء يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
أولا: الحذر كل الحذر من استدراج الشيطان لك خطوة بعد خطوة، فإن للشيطان خطوات يحاول أن ينزغ بها الناس للوقوع في المعصية، وقد حذرنا الله تعالى من هذه الخطوات بقوله في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}، وهذه حقيقة قرآنية أن الشيطان يستدرج الناس إلى الفحشاء والمنكر خطوة بعد خطوة، وربما زين لك القبيح وسهله، ومناك بأنك إن تكلمت مع هذا الشاب استطعت بعد ذلك أن تسيطري على موقفك إما سلبا وإما إيجابا، ولكن الحقيقة خلاف ذلك.
ونحن على ثقة تامة -أيتها البنت العزيزة- من خلال تجاربنا ومعرفتنا بأحوال الناس وأخبارهم، فإنا نعرف ما لا تعرفينه، نحن على ثقة تامة بأنك إذا تتبعت خطوات الشيطان فإنك ستقعين فيما ستندمين عليه، وحينها لا ينفع الندم.
فأول الوصايا إذن: أن تغلقي على نفسك هذا الباب، وأن تتذكري دائما مراقبة الله تعالى لك، وأن الذنوب وإن كانت صغيرة فإنها تجر إلى ما وراءها.
ثانيا: نذكرك بأن الحديث مع الرجل الأجنبي محفوف بالمخاطر وإن كان فيه شيء من اللين أو التكسر في الكلام، أو الكلام بما فيه من إثارة، فإنه محرم، لأن الله سبحانه وتعالى قال لزوجات نبيه - صلى الله عليه وسلم - : {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} وقد حرم العلماء في كتب الفقه – وكلامهم أكثر من أن يحصر – حرموا على المرأة أن تبتدئ الرجل الأجنبي بالسلام عليه، ذلك لأن سلامها يدل على ليونة منها قبله ويطمعه فيها ويدعوه إلى ما وراء ذلك، ولذلك قالوا بتحريم سلام المرأة الأجنبية عليه لما فيه من الفتنة.
والنبي - صلى الله عليه وسلم – قال في حجة الوداع بعد أن لوى عنق ابن عمه –الفضل ابن عباس– إلى جهة غير التي كان ينظر إليها، فإنه كان ينظر إلى شابة في سنه، وهذا المشهد كان بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم– وحضرة والد الفضل –وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم– ومع هذا النبي -صلى الله عليه وسلم– صرف وجه الفضل إلى الجهة الأخرى، فلما سأله عمه -والد الفضل- : لم صرفت عنق ابن عمك؟ قال: (رأيت شابا وشابة فلم آمن عليهم الشيطان).
ونحن لا نأمن عليك الشيطان، ولذا نحذرك وهو تحذير من يحب لك الخير ويتمنى لك السعادة ويطمع في أن تعيشي حياة آمنة سعيدة، لذا ندعوك دعاء من يتمنى لك الصلاح أن تقفي عند حدود الله تعالى فتغضي بصرك عن هذا الشاب، وأن تحذري من أن ينزلق بك الشيطان إلى الحديث معه، لا سيما في هذه القضايا، فإنها ستجر إلى ما هو أشد منها.
وأما ما في قلبك من التعلق به فإنه سيذهبه الله تعالى إذا اتكلت على الله واستعنت به، وأخذت بالأسباب التي تعينك على ذلك، من ذلك: تحضير اليأس من هذا الشاب إذا كان الزواج به غير يسير، فإن النفس إذا يئست من شيء نسته، وإذا كان بالإمكان أن يكون زوجا لك وستصبرين عليه إلى أن تتيسر أموره فنصيحتنا لك أن تجعلي التواصل معه من خلال محارمك، فتخبري أمك ومحارمك الذين يمكنهم التفاهم معه كإخوانك الكبار ونحو ذلك، فبإمكانكم أن تطرحوا الأمر على محارمه كأمه أو أن يطرحوه عليه مباشرة، فإذا كانت له رغبة خطبك إلى أهلك، وإذا عقد عليك فذلك أحسن، وما عدا هذه الطريقة فإنها طرق الشيطان كلها مخاطر، ولن تجني من ورائها أنت إلا ما تندمين عليه حين لا ينفعك الندم.
نحن على ثقة تامة أيتها البنت العزيزة أنك إذا جاهدت نفسك بدفع التعلق بهذا الشاب واستحضرت اليأس وعلمت بأن ما يختاره الله تعالى هو الخير لك، فليس بالضرورة أن يكون من تحبينه وتتعلقين به هو الخير لك، وهو الذي يصلح لك زوجا، ففوضي أمورك إلى الله وقفي عند حدوده، وأكثري من دعائه بأن يرزقك الزوج الصالح، وبهذا تضمنين صلاح دنياك وآخرتك.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.