السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أحكي مشكلتي، وأرجو منكم الرد عليها.
أنا في الواقع متزوجة وأحب زوجي كثيرا، وهو كذلك، ونعيش في بيت مستقل بجوار بيت أهله، ولا يوجد لدينا أطفال بعد.
الأمر الذي يشغل بالي هو أن أخت زوجي أحسها تكرهني وتغار مني ولا تحبني، مع أنها في البداية كانت تحبني قبل أن أتزوج، ونحن تقريبا نفس العمر، لا أدري بعدها ما الذي حدث، وأصبحت في بعض الأوقات تتغير علي ولا تحادثني، والبعض الآخر ترجع إلى محادثتي وهكذا، وهذا التصرف يزعجني كثيرا، عدا عن الكلام المبطن الموجه لي، فمثلا عندما يتزوج أي أحد من أقاربها تبقى تمدحها أمامي، وتنعتها بأحلى الصفات، وغيرها الكثير، وأنا لا أحب المشاكل فأبقى في بيتي وأذهب في المساء إليهم مع زوجي، وأتحدث بلباقة، ولا أعيرها اهتماما؛ لأن من اهتم بك اهتم به، عدا عن مراقبة حركاتي وتصرفاتي ونبرة صوتي، أحس نفسي مراقبة، لا آخذ راحتي، وأنا ما الذي فعلته من أجل أن أعامل بهذه المعاملة منها، والذي يزيد الطين بلة كما يقولون أنها تؤثر على حماتي وعلى أخواتها بالكلام؛ لأني في الفترة الأخيرة، لاحظت تغيرا ملحوظا في التعامل معي وحماتي أيضا أحسها لم تعد تحبني، وكل هذا منها.
لا أعرف ما الذي أفعله؟ سوى أنني كافية الناس خيري وشري، والله إني لا أحب المشاكل، وأحب أن أجلس في بيتي على أن أؤذي أحدا، وأن أركز كثيرا على زوجي وعلى راحته وعلى أن أتعامل معه بكل حب واحترام أمامه وأمام العالم بأسره؛ لأنه زوجي، لا أدري ما علي فعله، إنني حقا محتارة، أرجو منكم الرد على هذا الموضوع ولكم تحياتي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.. وبعد:
فإننا نشكر لابنتنا التواصل مع الموقع، ونشكر لها حسن العرض للقضية التي تشعر أنها منها في ضيق، ونسأل الله أن يسهل أمرها، وأن يلهمها السداد والرشاد، ونريد أن نقول لابنتنا الفاضلة: هذا الذي يظهر من الأمور العادية المعروفة المألوفة، فإن أخت الزوج وأم الزوج أحيانا تحصل منهم غيرة من زوجة الابن الذي جاءت تشاركهم في حبه وفي جيبه؛ لذلك ينبغي أن تأخذ الأمور ببساطة، وتجتهدي في التقرب إليهم، والإحسان إليهم لأجل زوجك، واحتملي ما يحصل، فإن في عدم احتمال ما يحصل ومحاولة الرد بقسوة أو الإساءة أو إظهار الضيق، كل ذلك يترك آثارا سالبة على نفوسهم.
ولعل الصورة واضحة، فإن أخت الزوج قد تغار من زوجة أخيها، خاصة إذا أحبها وأكرمها ووجدت عنده حظوة، كذلك تغار إذا كان هذا الأخ بدأ يتغير عليهم ويركز على زوجته، وإن حصل هذا فأرجو أن تنبهي زوجك بضرورة أن يضاعف من الاهتمام بأمه وبأخواته، ونحن دائما نركز على هذه المسألة، فإذا كان الرجل يزور أمه مرتين قبل الزواج، فإن عليه بعد الزواج أن يضاعف في أن يزورها خمس مرات، حتى نفوت الفرصة على شياطين الإنس والجن، فهناك من يأتي فيقول: (فلان بعد أن تزوج أصبح لا يهتم بكم، وأصبح لا يراعيكم، ونراه مهتما بالزوجة، يذهب معها ويجيء معها) مثل هذا الكلام يشعل نار الغيرة السالبة في نفوس أهل الزوج على زوجته التي قد تكون لا ذنب لها في الذي حدث، وقد تدفع ثمن نجاحها وقربها من زوجها واهتمامها به بكل أسف.
وأرجو أن يتفهم زوجك ما يحصل، وعند ذلك لن تبالي طالما كنت تؤدين ما عليك، فإن هذه الغيرة مصيرها إلى زوال، ومما يساعد على إزالة هذه الغيرة من نفوسهن الإحسان إليهن والمبالغة في إكرامهن، وإظهار الحفاوة لزوجك أمامهم وعدم الانتقاص من حقه، كذلك إظهار النوايا السليمة الحسنة لزوجك، كذلك تشجيع هذا الزوج على أن يكون بارا بأمه وأخواته، فإن هذا يعود على الزوجة بالخير وبالعافية.
وإذا كانت هذه الأخت – شقيقة زوجك – تحاول أن تؤثر على أمها فإننا ندعوك إلى أن تقتربي من الأم وأن تحسني إليها، وتعتبري نفسك بنتا من بناتها، فإن الإنسان يستطيع أن يملك قلوب الناس بإحسانه إليهم، وبصبره عليهم، واعلمي أن الأمر يحتاج إلى صبر قليل خاصة إذا قلنا إذا نجحت في أن توصلي الرسالة إلى زوجك واضحة، وعند ذلك سيعذرك وسيعاونك على الخروج مما أنت فيه.
وإذا كان هناك تغير عند أهل الزوج فندعوك إلى أن تبحثي عن السبب، فإن معرفة السبب تساعدنا في إصلاح الخلل والعطب، وقد يكون هناك سوء تفاهم أو بادرة فهمت في غير إطارها هي السبب في هذا التردي في العلاقة، ولكن أسعدني وأعجبني أن العلاقة أحيانا تتحسن وأحيانا تتعقد، هذا يدل على أن هذا التغير السالب ما هو إلا أمر سطحي، فعليك أن تتفادي أسباب هذا التوتر وتحاولي أن تجنبي الناس ما يكرهونه، وتحاولي أن تجعلي علاقتك معهم في حدود المعقول والمقبول، وهذا طبعا له علاقة وثيقة بأعراف الناس وبأحوالهم.
كذلك أيضا ندعوك إلى أن تحاولي أن تشجعي زوجك إلى الإحسان إلى هذه الأخت التي نسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرها، وأرجو ألا تأخذي الأمور بعصبية وبروح جادة، فأنت لست في معركة ولست في مواجهة أعداء، نحن كلنا من بعض، والإنسان ينبغي أن يدرك هذا المعنى العظيم، ولو فرضنا أن إنسانا أساء للآخرين، وزعم أنه انتصر فإنا نقول انتصرت ولكنك ستنتصر في ميدان لا عدو فيه أصلا.
فالعلاقة بين الزوجة وبين أم الزوج ينبغي أن تكون علاقة بنت بأم، وعلاقة الزوجة بأخوات الزوج ينبغي أن تكون علاقة أخوة فيها الاحترام المتبادل والإحسان المتبادل.
هذه أمور ينبغي أن تكون واضحة، والمسلم يعتبر كبير المسلمين أبا، وصغير المسلمين ابنا، والذي في عمره أخا، يعطيه حقوق الأخوة من احترام وتقدير وحسن رعاية وحسن سلام وحسن وداع.
فهذه معاني لابد أن تراعيها في تعاملك معهم، وفوضي أمرك إلى الله تعالى، والإنسان إذا كان على الإحسان واحرص على أن تكون زيارته في حدود المعقول، وأن يكون هناك تعاون على البر والتقوى، مثل هذه المسائل من شأنها أن تزيل هذه الآثار السالبة التي يؤججها الشيطان، فإن الشيطان حريص على أن يخرب بيوتنا وعلى ألا يتيح لنا فرص الوئام {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء} فهذه العداوة والبغضاء، وتشتيت شمل البيوت هذه من أكبر أهداف الشيطان الذي يبعث سراياه، وأعظم هؤلاء إنجازا هو الذي ينجح في أن يفرق بين المرأة وزوجها.
فتعوذي بالله تعالى من الشيطان عند الدخول وعند الخروج، واشغلي نفسك بطاعة الله تبارك وتعالى، واقتربي من زوجك، وعاونيه في بره وإحسانه إلى أهله، واحتملي تصرفات أهل الزوج من أجل سواد عيون زوجك ومن أجل رضاه، وهذا هو الذي ينبغي أن تنظري إليه، فإن الإنسان مثل ما يقولون: (من أجل العين تكرم ألف عين) فأنت تحتملين أهل الزوج وتصبرين عليهم؛ لأنك على وفاق مع الزوج؛ ولأنك تريدين أن تطيبي خاطره، فلا يوجد إنسان يقبل الإساءة والتقصير تجاه أمه وأخواته، ونسأل الله أن يعينك على الصبر والسداد، وأنا أعتقد أن المشكلة تحت السيطرة طالما كنت أنت بهذا العقل وبهذا الوعي.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه.