السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أردت أن أسألكم لأن لديكم خبرة أكثر مني في الحياة، وكيف أتعامل وأتعايش فيها!
سؤالي هو: ما هي أفضل طريقة للتواصل مع الأصدقاء، وبالذات من المقربين؟
فأنا كتبت هذه الاستشارة لأنني لم أتغير للأفضل إلى الآن في تعاملي مع الأصدقاء أو الناس، فأنا حين أحادث صديقاتي عبر برامج المحادثة والرسائل، ثم يحدث شيئا يضايقني ويجعلني عصبية، فإن أسلوبي يصبح سيئا، ولكن من المستحيل أن يكون سيئا حين أقابلهم وجها لوجه.
كما أني في بعض الأحيان أقصد شيئا آخر، وحين أرد عليهم بالكتابة، يكون بأسلوب آخر وسيئ، ولم أكن أقصده، وفكرت بأن أبتعد عن الانترنت والماسنجر حتى لا أضايق نفسي وغيري، فهل التواصل معهم عن طريق الجوال فقط يكون صحيحا؟ وكيف أتعامل وأتعايش مع الحياة إذا حزنت أو تذكرت شيئا من الماضي؟
انتظر ردكم بفارغ الصبر لأنني متضايقة كثيرا.
ملاحظة: في الماضي أحببت شابا - والحمد لله - أني تبت إلى الله، وتركته لأجل ربي، وتوقفت عن بعض المعاصي، وهذا أثر علي منذ ذلك الحين إلى الآن، ولكن أنا ثابتة ولم أتصل به منذ أن تركته، مع أن الشيطان يوسوس لي، ولكني لم أفعل شيئا يغضب ربي.
قبل أيام كنت غاضبة، وأرسلت لصديقتي المقربة رسالة غير لائقة، ولكني اعتذرت، وهي ردت علي بأسلوب قذر فعلا، ومؤلم بالنسبة لي، ولقد أساءت فهمي للأسف مع أني صديقتها، للأسف لقد خاب ظني بها، ومسحت رقمها، وعملت لها بلوك في الماسنجر حتى لا تراني، لأنني متضايقة إلى الآن، لماذا ظلمتني وأساءت فهمي؟
الآن أشعر باكتئاب وخيبة أمل! وكرهت أن آكل أو أن أبتسم، فالماضي وصديقتي التي لم تقدرني هم سبب اكتئابي، كيف أتناسى الذي حدث، ولا أفكر فيها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هناك فرق كبير بين الصديق الذي لا أعرفه إلا عن طريق الرسائل النصية والإنترنت، وبين الصديق الذي أراه ويراني، وأحدثه ويحدثني، وأنصحه وينصحني، ويسمعني وأسمعه، وأقرأ ملامح وجهه ويقرأ ملامح وجهي.
والوسائل الحديثة من التواصل كالرسائل النصية، قد وفرت لنا أشياء كثيرة مفيدة، إلا أنها في بعض الأحيان لا تنقل لنا الفكرة كما نريدها، حيث أنها لا تنقل العواطف والمشاعر المصاحبة للفكرة، وكم من الناس من استلم رسائلا فقرأ فيها ما لم يرده المرسل.
ولنأخذ مثالا، إذا سأل إنسان برسالة نصية "هل تحبه أو تكرهه؟" فيجيبه الآخر "لا أحبه طبعا" والمعنى المفهوم أنه لا يحبه طبعا، بينما هو يقصد "لا. أحبه طبعا" ونلاحظ الفرق الكبير بوجود النقطة بعد كلمة لا، حيث قصد أنه لا يكرهه، ويحبه طبعا! وكم من الخلافات نشأت من خلال رسائل لم تفهم بالشكل الصحيح، ولذلك يصف الله تعالى واجبات الرسل ليس فقط بالبلاغ، وإنما البلاغ المبين، أي الواضح تماما.
خالطي صديقاتك، وكوني معهم على طبيعتك، فالصديق هو الذي إذا كنت معه كأني وحدي، أي بلا تكلف ولا تظاهر، وإنما أكون معه على طبيعتي، وهذا لا يعني أن لا أحترمه وأعامله بلباقة، وأن أحافظ على مشاعره وأحاسيسه.
ولاشك أن صديقاتك سيرون منك من الصفات التي تسرهم، وقد يرون أحيانا بعض التصرفات والمواقف التي قد لا يوافقونك عليها، وهنا يظهر معدن الصديقات القريبات منك.
أشعر تماما بمشاعرك من الانزعاج عندما يفهم الناس منك ما لم تقصديه، فهذا من أكثر ما يزعجني شخصيا، وهو أن يساء فهمي، ولكن هذا ليس مبررا لتجنب الناس وعدم الاختلاط بهم، وعليهم أن يتحملوني كما أن علي أن أتحملهم، ولهذا خلقنا ربنا تعالى.
ومن أجل التخفيف من الانزعاج والغضب مع الصديقات، حاولي القيام ببعض الأنشطة الترفيهية والهوايات كالرياضة، فهذا مما يخفف عندك من الضغط الذي ربما تعيشين فيه، والذي قد يتسبب في عصبيتك وفقدانك السيطرة مع صديقاتك.
وهذه الهوايات والرياضة خاصة، مما سيعينك أيضا على التكيف مع الذكريات المؤلمة التي تمرين بها في حياتك وفي ماضيات الأيام.
والله ولي التوفيق.