بعد أن وعدني بالزواج تخلى عني، قصة معاناتي وغيري من الفتيات

0 606

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حدث إعجاب بيني وبين أحد الشباب، ثم جاء وصارحني برغبته في الزواج مني،
وافقت وطلب مهلة قبل أن يتقدم رسميا إلى أهلي، ولا أخفي عليكم بأني تقربت منه كثيرا في هذه الفترة، وأحببته جدا، وتناقشنا في كل شوؤن زواجنا وتفاصيله، وعندما جاء وقت الخطبة أخبرني بأن أهله غير موافقين، لأني أكبره بسنتين، فتخلى عني بدوره، والله وحده يعلم كم أعاني الآن من بلاء العشق الذي حل بي، أحاول جاهدة أن أستعيد حياتي.

أحب أن أعرف هل يعتبر الشاب ظالما لي؟ خاصة أنه كان يعلم سني منذ البداية، لكنه ادعى أن أهله غير مرحبين بالفكرة، كوني أكبر منه، أم يعتبر الشاب بارا بأهله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بداية نشكر لك تواصلك مع الموقع، ونشكر لك حسن عرضك لمشكلتك، ونشكر لك هذه الشجاعة التي دفعتك للسؤال عن حكم الشرع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يردك إلى الصواب، وأن يعوضك خيرا، ويسعدنا أن نرحب بك وبأمثالك في موقعكم، ونحن في خدمة شبابنا والفتيات الذين هم أمل الأمة بعد توفيق الله وتأييده، ونرجو من الله تبارك وتعالى أن يقدر لك خيرا مما حدث، فتوبي إلى الله تبارك وتعالى، واستغفريه وارجعي إليه سبحانه وتعالى، وكرري الدعاء (اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا).

أرجو –ابنتي الفاضلة– ألا تطيلي الحزن على ذلك الرجل الذي لا يملك قراره وتأثر بوجهة نظر أهله، ولكننا ندعو كل فتاة وكل شاب إلى عدم التوسع في مثل هذه العلاقات إلا بعد إعلان تلك العلاقة ووضعها في الإطار الشرعي، وأن تكون بعلم الأهل ومباركتهم؛ لأن هذه من المسائل المهمة جدا، ونحن نتمنى من كل فتاة إذا وجدت أن هناك شابا يميل إليها ألا تتنازل وألا تتواصل معه، وإنما تدعوه إلى أن يتقدم لأهلها، ويأتي البيوت من أبوابها، كما قال تعالى: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها}.

كما أن على أهل الفتاة إذا جاءهم شاب ألا يقبلوا به إلا إذا جاء بأهله، حتى يتأكدوا من حصول الوفاق والموافقة، لأن الزواج في الحقيقة ليس بين شاب وفتاة، ولكنه بين بيت وبيت، بين قبيلة وقبيلة، فهي رابطة كبيرة جدا أكبر مما يتصور، فليست المسألة علاقة بين شاب وفتاة، وينتهي الأمر، ولذلك لابد للأهل أن يكون لهم حضور منذ الوهلة الأولى من الطرفين، لابد أن يكون لهم حضور ومشاركة ومباركة، حتى تسير الأمور في طريقها الصحيح.

الإسلام لا يعرف الحب الحقيقي إلا بعد الرباط الشرعي، وهو الحب الذي يتأكد بهذا الرباط، ويزداد بالتعاون على البر والتقوى ثباتا ورسوخا، ويزداد كذلك أيضا بمعرفة صفات كل طرف من صدق وأمانة وإخلاص، فإن الإنسان إذا عرفنا صفاته الجميلة تمكن حبه في أنفسنا، لأننا عرفنا عنه كل خير وعرفنا عنه الصفات الجميلة، ولأن الأروح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

لقد أسعدنا أنك سميت هذا (إعجابا) فهذا فعلا إعجاب ظاهري وإعجاب سطحي، ونحن لا نريد لأبنائنا وفتياتنا أن يتابعوا هذه المشاعر الجياشة والعواطف التي هي في باطنها عواصف، ولكن لابد في هذه الأمور بأن نحكم العقول، وننظر إلى نهايات الطريق ولا نستعجل الشيء قبل أوانه، وعلى الفتاة خاصة أن تتأكد من أن الفتى يريد أن يكمل هذا المشوار، فالإسلام لا يعترف بعلاقة فيها خفاء، الإسلام لا يعترف بعلاقة ليس هدفها الزواج، الإسلام لا يريد علاقة إلا وفق المعايير الشرعية بعلم الأهل وبعلم الناس، ووفق الضوابط الشرعية التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.

إن حصل بعد ذلك خطبة فإن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، والذي كان يحدث هو مخالفة شرعية تحتاج إلى توبة واستغفار ورجوع إلى الله تبارك وتعالى، وإذا تاب الإنسان إلى الله وصدق في توبته وأخلص فيها فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات.

بالنسبة لهذا الشاب: نحن ندعوك إلى تذكر عيوبه، ولعل من أكبر عيوبه هو تخليه عنك بسهولة وقلة الوفاء، فلا تجري وراء السراب، وتوجهي إلى الله تبارك وتعالى، فإن مفاتيح الخير بيده سبحانه وتعالى، وأرجو أن تعلمي أن هذا العشق وهذا التعلق لا يقدم ولا يؤخر، وهو سيجلب لك الأتعاب والأمراض، وستكون بلا نتيجة وبلا فائدة.

ندعوك -ابنتي الفاضلة- إلى طي هذه الصفحة، واحمدي الله تبارك وتعالى أن الأمور اتضحت في هذه المرحلة، فلم تتورطي مع تلك الأسرة التي كانت ستلومك على هذه السنين، مع أن ذلك لا حرج فيه من الناحية الشرعية، فلا يخفى على أمثالك أن خديجة - رضي الله عنها – كانت تكبر النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر سنة، وسعدت معه سعادة لا مثيل لها، فإن هذه المشاعر النبيلة لا تعرف الأعمار ولا تعرف مثل هذه المظاهر التي يهتم بها الناس.

لاشك أن الشاب تصرفه هذا لا يخلو من ظلم، والإنسان لا يقبل مثل هذا التصرف مع أخته أو مع عمته أو مع خالته، فكيف يرضاه لبنات الناس، وكيف يرضاه لأخواته من المسلمات، فما أحوجنا إلى أن نستحضر هذه المعاني، وهذا الشاب كان ينبغي أيضا أن يضع أهله منذ البداية في الصورة، ولا يعتبر الشاب بارا بأهله إلا إذا كان رفضهم لك لاعتبارات شرعية، ولكن يبدو أنه ضعيف أمام أسرته.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يستخدمك في الخير، ونسأله أن يعوضك خيرا، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات