لا أستطيع التركيز في شيء واحد وأفكاري تتوارد!

0 329

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، لا أعرف نفسي بصراحة، فأحيانا ألاحظ أن الأشياء ألغير عادية والأشياء البديهية تغيب عني، فتجد حواراتي وأفكاري تأتي بالبعيد وفلسفتي عميقة، مرة أضعت مفتاح غرفتي وبحثت عنه لأشهر ولم أجده، واكتشفه صديقي أخيرا بمكان أمامي كل يوم أستخدمه، وأعاني من تشتت ذهني رهيب، فلا أستطيع التركيز في شيء واحد، فالفكرة الواحدة تنتج 10، والعشرة إلى مائة وهكذا، فإذا رأيت مشكلة مثلا فلا أستطيع التوقف عن إيجاد حل، وأحيانا تكون أفكاري مثمرة، وفي بعض الأحيان جنونية.

أعاني أيضا من مشكلة التركيز في المحاضرة مع الدكتور، فلا أستطيع التركيز في مقطع محادثة بالإنجليزي يستمر لدقيقتين، ولا أستطيع تذكر تهجئة أبسط الكلمات أحيانا، علما أني من أفضل الطلاب في الكلية، وفي الفصل وفي الاختبار الأخير لم أستطع الحل كما يجب، وأيضا لا أستطيع تذكر أسماء الناس الذين ألتقيهم، فقط أستطيع تذكر ألقابهم وكل تفاصيل حياتهم بعد بضع ساعات.

أيضا أعاني من اكتئاب وخوف وقلق، فلو كان لدي موعد مهم غدا لا أستطيع النوم، ولا أستطيع التوقف عن التفكير فيه وفي أصغر تفاصيله حتى أتحاشى المفاجأة .

أيضا: أعاني لأجعل كل شيء كاملا، فلا يعجبني النقص في أي تفصيل، وما يرهقني أكثر هو محاولة حل هذه المشكلة .

لا أخفي عليك دكتور أني وجدت ضالتي في مخدر الحشيش، ولكني لم أستخدمه إلا مرتين منذ أربعة أشهر، ولم أكررها.

عذرا على عشوائية السؤال، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عادل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن رسالتك رسالة طيبة وجميلة وتستحق التركيز والانتباه من جانبنا.

أنماط التفكير مختلفة بين البشر، فهنالك من لديه سرعة في التفكير، وهنالك من تتشابك وتتداخل أفكاره، وهنالك من لديه بطء في التفكير، وهنالك من يكون له ازدواجية في تفكيره، بمعنى أن يختلف فكره عن واقعه، وهكذا.

وهنالك نوع من الفكر الفلسفي المنتظم أو الفكر الفلسفي العشوائي الذي قد يتخلله شيء مما يمكن أن نسميه بأحلام اليقظة، وهنالك نوع من التفكير يسمى بالتفكير شبه الانفصامي، وهؤلاء الذين يلجؤون لمثل هذا التفكير كثير منهم في نهاية الأمر أصبح من أفضل الكتاب والرواة، وهؤلاء قد ينقطعون لأنفسهم وينعزلون عن الآخرين، ومن خلال ذلك تبنى لديهم أفكار وتأتيهم تأثيرات داخلية هم أنفسهم لا يجدون لها أي نوع من التفسير، فقد تنشأ فكرة مفاجئة جدا، لذا تجد معظم الكتاب دائما تتوفر لديهم مفكرة ليكتبوا أفكارهم. وأعرف من يستيقظ من النوم ويبدأ في الكتابة مباشرة؛ لأن الأفكار الكثيرة تنصب عليه عند الاستيقاظ، لأن الاستيقاظ أصلا هو الفترة التي تعقب الراحة وترميم الدماغ من خلال النوم.

لا تنزعج لهذه الأفكار وهذه التجاذبات، والذي أستطيع أن أقوله وفي تواضع شديد: إن فكرك هو نوع من الفكر القلقي الوسواسي، والفكر الوسواسي يزعج صاحبه، ويكون هنالك نوع من التردد والبحث عن المثالية في بعض الأحيان.

تعبيرك الذي ذكرته وهو أنك تعاني لأجل كل شيء كامل، فلا يعجبك النقص في أي تفصيل، وما يرهقك أكثر هو محاولة حل هذه المشكلة. هذا نمط وسواسي من التفكير، وأتعاطف معك جدا لأني أعرف أنه يرهق صاحبه، لكن -إن شاء الله تعالى- ليس بالمصيبة، على العكس تماما: الذي لا يوسوس لا يجيد ولا يدقق ولا ينضبط، لكن الوساوس حين تكون بدرجة عالية خاصة إذا كانت فكرة تؤدي إلى التردد وإلى القلق الداخلي الشديد، هذه هو السلبي.

بالنسبة لموضوع مادة الحشيش وأنك وجدت ضالتك فيها، لا شك أنني سعيد أنك قد تركته، وقولك أنك قد وجدت ضالتك فيه، أقول لك: إن الحشيش كل الذي عمله هو أن حجر على فكرك، وجعلك تعيش في حالة من الانسجام الداخلي الخادع، وهو تعطيل للوجدان، أو نقل الوجدان إلى نموذج آخر لا يطابق الواقع.

إذا: حالتك هي قلقية وسواسية وليس أكثر من ذلك، وأنا أنصحك بالآتي:

أولا: أن تضع جدولا زمنيا تحدد من خلاله واجباتك وتلتزم بتطبيق الجدول.
ثانيا: أن تمارس الرياضة بكثافة.
ثالثا: عليك بتمارين الاسترخاء، وستجد كيفيتها في هذه الاستشارة (2136015).

رابعا: اجعل لنفسك في اليوم فكرتين أساسيتين: فكرة حول موضوع اجتماعي عام، وفكرة حول موضوع أكاديمي يخصك، وحاول أن تتدارس مع نفسك الفكرتين وتصل إلى نتيجة إيجابية تفيدك في نهاية الأمر.

الخطوة الأخيرة هي العلاج الدوائي: أنت في حاجة لدواء مضاد للقلق والوسواس، وأنا أرى أن عقار فافرين سيكون دواء ممتازا، ويسمى علميا باسم (فلوفكسمين) والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بخمسين مليجراما، تناولها ليلا بعد الأكل، ومدة العلاج هي أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات