السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخي عمره 20 سنة، يتعاطى المخدر الحشيش، كان يعالج في مركز لمحاربة الإدمان بالأدوية (فاليوم اتاراكس ونورداز)، وبعد مغادرة المركز وصف له الطبيب 3 حبات (البرازولام Alprazola) بجرعة واحد مليجرام، و3 حبات (اتاراكس Atarax)، و3 حبات (ميديزابين medizapin)، وحبة (ستيلنوكس Stilnox) بالليل.
بعد معرفته بالحبوب المهلوسة تعاطى كميات كبيرة، منها: (نورداز nordaz) (فاليوم Valium) و(انيكسيول anxiol) في آن واحد، بالإضافة للحشيش مما أدى الى اصابته بهلاوس خطيرة فأصبح يقول إنه مراقب في الإذاعة والتلفزة، وإن الناس يتابعونه بالسيارات، وإني أراقب أفكاره بالحاسوب!
في ليلة لا أعاد الله علينا شرها، شك في مجموعة من شباب الحي فرماهم بالحجارة فضربوه، فلما أدخلناه البيت كسر نافدة غرفته، وأخد يصرخ مما اضطرنا إلى أخده إلى قسم الأمراض النفسية، مكث فيه 9 أيام، وخرج هادئا نوعا ما، مع بقاء بعض الشك في أنه مراقب، وصف له الطبيب 3 حبات (نوزينان Nozinan) 100 مليجرام، وحبة (ارتان artane) 5 مليجرام، وقطرات (هالدول Haldol) بمعدل 30 قطرة بعد كل وجبة، و3 حبات (تجراتول Tegretol) 200 مليجرام.
سؤالي: هل الهلاوس بسبب الحشيش والحبوب أم أنه مرض الفصام؟ مع العلم أن حالته تحسنت بعد 10 أيام من استعمال الدواء، أنا حائر لاني لا افارقه طيلة اليوم مخافة ان يعود للحشيش وهو يكره مرافقتي.
أرجو أن تنصحوني في كيفية التعامل معه، وعن الدواء الذي وصفه له الطبيب، ثم هل أعيده الى مركز محاربة الادمان مع العلم أنه موافق.
سؤالي لو أمكن للدكتور: محمد عبد العليم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohammed .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
أشكرك على ثقتك في إسلام ويب وفي شخصي الضعيف، وأسأل الله تعالى لأخيك العافية والشفاء، وأشكرك على اهتمامك بأمره.
هذا الأخ من الواضح أنه مر بحالة ذهانية حادة، هذه الحالة اتسمت بوجود هلاوس شديدة، وما نسميه بالأفكار الزوارية - أو تسمى بالاضطهادية، أو بالضلالات البارونية - وهي بالفعل قد تكون خطيرة، لأن الإنسان يستوحي تصرفاته من خلال هذه الأفكار الظنانية الخاطئة، والتي جوهرها سوء التأويل وعدم الاطمئنان للآخرين بل اتهامهم ورميهم بأمور غير موجودة.
القرار لإدخال هذا الأخ لقسم الصحة النفسية كان قرارا سليما، لأنه محتاج أن يوفر له محيط تمنع فيه درجة الخطورة، ثم بعد ذلك نضمن أنه قد أخذ العلاج اللازم، لأن في ساعة حدة وشدة المرض هو مفتقد للاستبصار وغير مرتبط بالواقع، وبالطبع لن يتعاون مع الدواء، لكن في المحيط العلاجي ونسبة لخبرة الفريق العلاجي تم بحمد الله تعالى إعطاؤه الأدوية، والأدوية التي أعطيت له هي أدوية معروفة لعلاج الاضطرابات الذهانية، أي الاضطرابات العقلية، وهي من الأدوية القديمة نسبيا، لكنها مفيدة وممتازة، وقد اختارها الأطباء نسبة لأنها قد تكون هي الأدوية المتوفرة.
الحالة المرضية الذهانية التي وصفتها تشير إلى أن هذا الأخ كانت لديه أعراض فصامية، ولا شك في ذلك، يأتي السؤال بعد ذلك: هل هذه الأعراض الفصامية مؤقتة وسببها الحشيش؟ أم أنه يعاني من مرض الفصام وزاد تعاطي الحشيش من حدة وشدة المرض؟ .. هذه كلها احتمالات تشخيصية، فاحتمال أن الحشيش هو الذي أثار الاضطراب الذهاني لديه، وهذه علاقة معروفة، لأن الحشيش يؤدي إلى ارتفاع شديد في بعض الموصلات العصبية ومنها مادة تعرف باسم (دوبامين Dopamine) وهذه المادة لها علاقة وطيدة جدا بالذهان والاضطرابات العقلية ومرض الفصام.
الاحتمال الآخر هو أنه في الأصل لديه نواة لمرض الفصام، وهنا حدث له ما يعرف بازدواجية التشخيص، أي أنه في الأصل هو فصامي، ثم بعد ذلك أتت آثار الحشيش كمؤثر عقلي رئيسي.
المهم في هذه الحالات هو أن نبعده عن الأسباب، ولا شك أن تعاطي الحشيش يعتبر كارثة كبيرة لهذا الأخ، أنا أقدر صعوبة مراقبة هؤلاء الأشخاص، وأنهم كثيرا ما يلجؤون إلى الحيل والتحايل للحصول على المخدر، كما أن رفاق السوء دائما بالمرصاد، وبكل أسف هذه المواد أصبحت منتشرة جدا في بلادنا.
الذي أنصح به هو أن تبذل جل جهدك أن يكون هذا الأخ في مصحة للعلاج لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، هنا نضمن أنه بالفعل قد بعد عن التعاطي، وأن مرحلة التشوق للمخدر قد تجاوزها، وفي ذات الوقت يعطى العلاجات الدوائية المضادة للذهان، كما أنه يدخل في برامج تأهيلية، ووجوده بمركز علاجي للإدمان سوف يفيده، لأن هذه المراكز في الأصل بها أقسام تعرف بأقسام علاج الحالات مزدوجة التشخيص.
مراكز الإدمان المكتملة والمحترمة بها عدة أقسام، منها هذا القسم الذي ذكرته، وأعتقد أن هذا القسم هو الذي يناسب هذا الأخ، ووجوده بالقسم أيضا – أي قسم محاربة الإدمان – سيجعله كما ذكرت لك ينخرط في العلاجات التأهيلية، وهناك علاج تأهيلي مهم جدا وهو أن نبني فيه مهارات جديدة، أن ندربه على كيفية إدارة الوقت، وأن ينضم إلى مجموعات التعافي، هنالك مجموعات من المدمنين السابقين لديهم برامج وبروتوكولات علاجية معروفة، منها برنامج الاثنا عشر خطوة، وأنا عرفت من كثير من الإخوة أن هذه المجموعات موجودة في المغرب.
انضمامه لهذه المجموعات العلاجية سوف يفيده كثيرا، لدي تجارب إيجابية جدا مع هذه المجموعات التي في الأصل تكون من مدمنين سابقين، لهم ضوابط علاجية صارمة جدا، لهم اجتماعات منتظمة، وحتى حين يحدث انتكاسات في بعض أفرادهم في بعض الأحيان لا يتخلون عنه، إنما يأخذون بأياديهم، ولهم الطرق للتعامل مع هذه الانتكاسات في حالة حدوثها.
أشكرك كثيرا، وأسأل الله تعالى لأخيك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.