السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سيدة متزوجة في السنة الرابعة من زواجي، أبلغ من العمر 27 عاما، أشكو من بعض الأعراض التي بدأت بعد ولادتي بطفلتي الأولى ومرت سنة وأربعة أشهر وما زالت مستمرة، أشعر بملل دائم في حياتي والإهمال لنفسي ولطفلتي كثيرا، حيث فقدت الاهتمام بمظهري الخارجي، وينتابني ملل عند التفكير بذلك أشعر بقلة تركيز وبطء في استيعاب ما يقول المتحدث أمامي، وأتعب دائما.
فقدت الثقة بنفسي والاهتمام بأشياء أحبها، كما أنني أصبحت نادرة الكلام، ولايوجد حوار مع زوجي، فعندما نخرج سويا كأسرة إما أن نتشاجر أو أبقى في حالة صمت طول الطريق، ولا يحاول أن يجاذبني الحديث، وكذلك إهمال زوجي أشعر بكآبة ووحدة كثيرا، وعدم رغبة في التواصل الاجتماعي، وتردد في اتخاذ القرارات، ودائما ما أتشاجر مع زوجي، وأحيانا أعنف طفلتي، وأشعر بالذنب لذلك، ولكنه يتكرر!
أتساءل لماذا أنا هكذا؟ أحاول تغيير وضعي لكن دائما ما أشعر بالإحباط والتخاذل، هل يمكن أن يصدق على هذه الأعراض أنها اكتئاب ما بعد الولادة؟ وهل أحتاج علاجا دوائيا لتصحيح الوضع؟
علما أنني في حياتي الزوجية ليس عندي سند، وأجاهد على الاهتمام بطفلتي، وحدي غالب الوقت؟ وهل أحتاج لزيارة الطبيب وتنظيم جلسات نفسية؟ أنا متعبة أسرتي معرضة للانهيار؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رازية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إن الأعراض التي تعانين منها والتي بدأت بعد الولادة يمكن أن نلخصها في أعراض مزاجية، حيث إن مزاجك يتسم بالعسر وعدم الارتياح، وأستطيع أن أقول إن هنالك درجة بسيطة من الكآبة، وهنالك أعراض جسدية وهي افتقاد الطاقة الجسدية، هنالك أعراض اجتماعية وهي عدم التفاعل الاجتماعي المرضي على مستوى الأسرة، ومع الزوج وربما مع آخرين، وهذه مكونات أساسية لما يمكن أن نعتبره درجة بسيطة إلى متوسطة من الاكتئاب النفسي.
وصفك طيب وواضح وجميل وتركيزك على الأعراض الجوهرية أقنعني أنه يوجد لديك بالفعل درجة بسيطة إلى متوسطة من الاكتئاب كما ذكرت لك، وعلاقة هذا الاكتئاب بالولادة لا نستطيع أن ننفيها، وإن كان اكتئاب ما بعد الولادة يكون أكثر حدة وشدة في بعض الأحيان، لكن الحالات البسيطة والمتوسطة مثل حالتك هذه أيضا نلاحظها.
التاريخ الطبيعي لاضطرابات المزاج التي تحدث بعد الولادة هو أنه في اليوم الثالث تقريبا نحو ستين إلى سبعين بالمائة من النساء قد يصبن بعسر بسيط في المزاج وحزن عام، هذا يكون وقتيا وعابرا وينتهي في معظم النساء.
هنالك درجة بسيطة نحو خمسة بالمائة منهن ربما يستمر المزاج الاكتئابي لفترة أطول، وربما تكونين أنت من هذه المجموعة.
المهم في الأمر هو أن الحالة يمكن أن تعالج، هذه أنا أؤكدها لك تماما، وبما أن المكونات الرئيسية لاكتئاب ما بعد الولادة - حتى وإن كان من درجة بسيطة – مكوناته بيولوجية في الأصل، فهنا يعتبر العلاج الدوائي مهم جدا وفاعل جدا في ذات الوقت.
تعريف اكتئاب ما بعد الولادة هو في الأصل اضطراب مزاجي واضح يحدث خلال الستة أشهر الأولى بعد الولادة، وهنالك من يقول خلال السنة الأولى كلها، وتكون قمته في الشهر الثاني من الولادة.
إذن أنت الآن في وضع بالفعل يتطلب أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي، والعلاج الدوائي سوف يكون هو محور العلاج الأول، وسوف تكون هنالك جلسات مساندة واستبصار، ومحاولة التغيير المعرفي، وهذه - إن شاء الله – بسيطة.
الدواء سوف يشعرك براحة كبيرة، وهنالك الآن أدوية غير إدمانية غير تعودية، عقار مثل بروزاك قد يناسبك جدا، وعليه أرجو أن تذهبي وتقابلي الطبيب، ولابد أيضا أن تتحلي بشيء من الصبر، أن تجاهدي نفسك في التعايش مع زوجك، - إن شاء الله – أنت مؤهلة للاهتمام بطفلتك، اجعلي مشاعرك نحوها إيجابية ولا تحسي بذنب، وبعد أن ينقشع الاكتئاب - إن شاء الله تعالى – سوف تفرحي بها كثيرا.
وانظري العلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 262031 - 265121 )، ووسائل زيادة الثقة بالنفس سلوكيا: ( 265851 - 259418 - 269678 - 254892 ).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.