خطبني قريبي من أهلي ولكن لم أره ولم يرني، فما نصيحتكم؟

1 586

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في 24 من العمر، تمت خطبتي من قبل قريبي منذ ثلاثة أشهر، ولكن المشكلة أن خطيبي لا يريد أن يأتي لبيت أهلي ولا مقابلتي، ولا حتى الاتصال بي إلا قبل موعد الزفاف بأسبوع، المشكلة أنني أريد التعرف عليه، صحيح أنه قريبي ولكن لم أره إلا مرة واحدة، ولم يحدثني بأي شيء إلا عندما فوجئت أنه تقدم لخطبتي.

أسبوع واحد قبل موعد الزفاف وقت قليل جدا لمعرفته، أنا قلقة بهذا الشأن، مع العلم أنه يكبرني بـعشر سنوات، ويؤدي كل فروضه، وطموح ويجد في عمله كثيرا، وكان قبل خمس سنوات خطب فتاة أخرى من بنات عمومته، ولكن كانت كثيرة المتطلبات ولهذا فسخ الخطبة.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ iman حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن ولاه.. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

نسأل الله أن يبارك لابنتنا الفاضلة في هذا الخاطب، وأن يبارك له فيها، وأن يلهمهما السداد والرشاد، وأن يجمع بينهما على الخير، ويسعدنا أن نرحب بك -ابنتنا الفاضلة -في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا على خدمة شبابنا والفتيات، فإن في ذلك شرف لنا، فنحن لا نملك أغلى من هؤلاء الشباب وهؤلاء الفتيات الذين هم أمل الأمة بعد توفيق الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن ينفع بكم بلاده والعباد، وهو ولي ذلك والقادر عليه.

إذا كان هذا الخاطب صاحب دين وصاحب أخلاق ومعروف لكم وطموح وجاد في عمله، فقد توفرت المؤهلات الأساسية – ولله الحمد -وإذا كان هذا الخاطب قد جاء وطلب يدك عن رغبة من نفسه فإنه على علم أيضا بمكانتك وبما أنت عليه من الفضل والحشمة والأدب، وبذلك نعتقد أن الشروط الأساسية تكاد تكون قد توفرت، ومن حقك الآن أن تسألي عنه وعن من حوله وعن أسرته وعن أقربائه، ومن حقه أيضا أن يسأل عنك.

كما أرجو أن يقوم أولياؤك بدورهم في السؤال عن هذا الشاب وعن هذا الخاطب؛ لأن هذا هو سر الخطبة، أنها تفتح أبواب السؤال والاستفهام والتعرف على ذلك الخاطب وتلك المخطوبة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

أما بالنسبة لرفض هذا الخاطب الكلام أو الرؤيا فإنا نستغرب من هذا حقيقة؛ لأن الرؤيا حق شرعي، ومن حق الشاب أن يرى الفتاة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا) أراد منه أن ينظر إلى مخطوبته لكي تحصل الألفة، كما قال - صلى الله عليه وسلم –: (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).

وقال: - صلى الله عليه وسلم -: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) حتى قال الصحابي: (كنت أتخبأ لها) وهذا الحق للفتى وللفتاة، وعند الحنفية أن الفتاة أحوج للنظر من الشاب، أن تنظر لهذا الرجل الذي يريد أن يكون شريكا لها في مسيرة الحياة الطويلة بأهدافها الكبيرة.

ولست أدري هل رفض هذا الشاب لهذا الشيء يرفض لاعتبارات شرعية؟ أم لأجل عادات وتقاليد؟ فما هو سبب هذا الإصرار؟ لماذا هو يصر على ألا تحصل معرفة وألا تحصل مقابلة إلا قبل أيام محدودة من الزواج؟ هذا السؤال لست أدري إذا كان عند ابنتنا إجابة فأرجو أن تتواصل معنا لتبين لنا السبب حتى نناقش ونتعرف على هذه المسألة.

لكن أرجو ألا تكون المشكلة كبيرة، لأنه قريب لك، ولأن الأقرباء شهدوا له بهذه الخيرات وهذه الفضائل، فلا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، وحاولي أيضا أن تتأقلمي مع الوضع، واعلمي أن المعرفة في أثناء الخطبة وقبلها وبعدها، فقبل الزفاف تقوم على المجاملات، الفائدة فيها ليست كبيرة، وأكبر هذه الأهداف في هذه الفترة هو التعرف على صحة الدين والأخلاق، والتعرف على قدرته في تحمل المسؤولية ووجود علاقات اجتماعية ناجحة، وهذه ولله الحمد موجودة وكذلك الطموح العالي.

فأهم الأسئلة الآن التي ينبغي أن تسألها المخطوبة لخاطبها متوفرة الآن، وأنت على يقين من تحققها في هذا الخاطب، فلا تنزعجي أكثر من اللازم، ونحن سنكون سعداء جدا وسنجد سهولة في الإجابة وفهم الوضع إذا عرفنا سبب هذا الرفض، إذا كان هذا الرفض لأن الناس اعتادوا هكذا، هذا المألوف والمعروف عندهم، فقد نجد له عذرا، مع أن الذي يحكمنا هو الشرع وليس العادات، الشرع يعطي لك هذا الحق ويعطيه هذا الحق، أن يجلس وأن يتكلم وأن يستمع وأن يرى وأن يرى، صحيح نحن لا نفضل كثرة الزيارة وكثرة الكلام وكثرة الاتصالات، لأن هذه أمور لا تقدم ولا تؤخر، وأي توسع في التواصل العاطفي قبل الزواج هو خصم على السعادة الزوجية الفعلية بعد الزواج.

ولذلك نحن نريد الاعتدال، وينبغي لهذا الشاب أن يتيح لك الفرصة، أن تتكلمي إليه، ويتكلم إليك في وجود محرم من محارمك، تسأليه، تستمعي إليه، وهذا جانب من الجوانب الهامة جدا التي نتمنى أن ينتبه لها.

ولست أدري هل أيضا هذا الرفض منه له علاقة بتجربته الأولى التي ربما كانت فيها أخطاء أو ربما كانت تجربة ندم عليها، لا أدري ما هو السبب، نحن نريد أن نعرف لأنه إذا عرف السبب بطل العجب وسهل علينا بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب.

إذا كنت قد رأيته مرة واحدة، وقطعا هو ما جاءك إلا عن معرفة، فبعض الناس يخطب عن طريق عماته، تقول له (شكلها كذا وطولها كذا)، وأنت أيضا تستطيعين أن تتعرفي عليه بهذه الطريقة، فإذا وجدت الشروط الأساسية فلا تعطي الموضوع أكبر من حجمه.

فعلا نحن نتمنى أن يأتي ليراك وتستمعي إليه ويستمع إليك في وجود محرم من محارمك، كما هو توجيه النبي - عليه الصلاة والسلام – قال: (انظر إليها)، (هلا نظرت إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما).

والإسلام يهتم بالنظرة الشرعية، ويهتم بهذه المقابلة بين الخاطب والمخطوبة، لأنه يبنى عليها أشياء كثيرة جدا، والآن الإنسان عندما يرى إنسان قد يدخل إلى قلبه يرتاح إليه، ويرى إنسان آخر ينقبض منه، ولذلك هذا من أسرار الإعجاز في مسألة النظرة الشرعية وإصرار الشريعة عليها، هذه الشريعة التي تأمر المؤمنات بغض البصر، تأمر المؤمنين بغض البصر، عندما يعزم الإنسان على الزواج وينوي فعلا الدخول إلى القفص الذهبي – كما يسميه البعض – فإن الشريعة هي التي تقول له (انظر إليها) الشريعة التي تطالبه بهذا الحق من أجل أن يوجد الميل، ومن أجل أن يوجد القبول، ومن أجل أن يوجد الانشراح بعد النظرة الشرعية.

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأحسب أن القضية لا تستحق هذا القلق والانزعاج طالما كنت على يقين أن الأساسيات موجودة وأن الدين موجود، وإذا وجد الدين فإن كل خلل أمره سهل، وكل كسر فإن الدين يجبره، وما لكسر قناة الدين جبران.

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يقدر لك الخير، وأن يجمع بينكما على الخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات