ابني يخاف من فقدي وهو لا يزال في الخامسة من عمره

0 535

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خيرا على سعة صدركم، لدي طفل يبلغ من العمر خمس سنوات، ذكي ونشيط وعاطفي، بدأ منذ حوالي أسبوع سؤالي عما إذا كنت سأموت ومتى سأموت؟! وكان طبعا يبكي وعبراته تخنق صوته، هذا السؤال يكرره على مسامعي يوميا ولعدة مرات في اليوم! أخبرني ذات يوم بأنه يريد أن يموت معي، وأن نكون سويا في نفس الحفرة، وطلب مني أن أدعو الله أن نموت سويا.

اليوم ونحن متوجهون للمدرسة سألني كيف سيجد فتاة غير متزوجة؟ قلت له لماذا؟ قال كي أتزوجها، أحسست من سؤاله أنه يفترض عدم وجودي وأنه يريد بديلا عني، أخبرته أنني سأبحث له عن عروس أخلاقها ممتازة، وإذا كنت مسافرة سنسأل بعض بنات العائلة فبإمكانهن إرشادنا، وذكرت له كمصدر للطمأنينة أسماء البنات اللواتي سيساعدننا في ذلك، سألني كيف سيطبخ (أحسست من سؤاله أيضا أنه يفترض موتي) قلت له بابا سيطبخ لك، قال بابا سيموت قبلك هو أكبر، تأكدت الآن أنه موضوع الموت، رغم إجابتي له وتطميني له بأنني لن أتركه لا يزال في باله.

ذكرت له ذات يوم أن ينسى الموضوع، قال: لا أستطيع، كل يوم في بالي الموضوع، أستغرب طريقة رده وكأنني أتكلم مع رجل صغير، ربما كان جديرا بي أن أذكر لكم بعض الأمور: لم تحدث وفاة في العائلة حتى يحس بفقد أحد الأقارب، منذ حوالي السنة ذكرت له أن جميع الناس سوف يموتون ثم سيخلقون وسوف نذهب للجنة، (ربما تعجلت بذكر ذلك له)، قال لي: إنه لا يريد أن يموت، وعندما اقتنع بالفكرة قال لي: إنه يريد أن يموت أولا ثم أن تموتي أنت، حتى لا أحزن عليك (فاجأني وقتها)
غاب هذا الحديث عاما كاملا ليعود الآن بهذه التداعيات وهذه الصيغة.

كيف لي أن أطمئن ابني؟ وكيف لي أن أجاوبه؟ وماذا يحب علي؟ هل الخوف من موت من نحب وراثة؟ لأنني كنت أخاف جدا من فقد والدي، وكنت أراقب تنفسه أثناء قيلولته، لأتأكد من أنه حي، لكني كنت حينها في العاشرة وكان والدي كبيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فتكثر مؤشرات القلق عند الأطفال الصغار في مثل هذه السن، ومنها انشغال البال بموضوع الموت، وخاصة وفاة الأب أو الأم أو كليهما، وقد يقضي الطفل ساعات وهو يفكر في هذا الأمر، وكيف يمكنه التكيف مع هذه الوفاة إن حصلت، وكيف سيستطيع تدبير أمور حياته، ومن سيقدم له الخدمات التي تقدمها له الآن أمه أو أبوه، وكلها طبعا يمكن أن تكون أسئلة جوهرية وحقيقية، وإن كانت خبرة الطفل بالحياة تجعله عاجزا عن الإجابة عنها بالشكل المناسب، مما قد يزيد قلقه وارتباكه.

طرح طفلك لمثل هذه الأسئلة قد يشير لدرجة جيدة من ذكاء هذا الطفل، ولذلك لا يفيد مجرد تجاهل أسئلته، وإنما الحوار معه، ومحاولة إجابته على تساؤلاته -كما تفعلين معه مشكورة-.

باعتبار هذا الانشغال مؤشر قلق، يفيد التعامل معه وبشكل أساسي من خلال تطمين الطفل بشكل عام، وليس فقط من ناحبة موضوع الموت، وإنما إشعاره بالأمن والهدوء في البيت، وربما نحتاج للتخفيف من برامج الأخبار على التلفاز وما يجري من أحداث مؤلمة في العالم، فقد لا ننتبه أن الأطفال يتحسسون من أخبار الحروب والنزاعات، وبسبب طبيعة الطفولة وقلة الخبرة، فقد يسقط الطفل قلقه من الأحداث في حياته، سواء مما يلاحظه على التلفاز أو ما يجري في مدرسته، فقد يسقط كل هذا على علاقته بأمه وأبيه، ومنها انشغال البال وقلقه من موضوع الموت.

يمكنك طمئنة الطفل من خلال اللعب معه، وقضاء الوقت المسلي معه، وفي الخروج من البيت، والمشي معا، وبأن يراك ويرى والده في حالة من الهدوء والاطمئنان، فكل هذا يشعره بأن العالم من حوله آمن، احكي له الحكايات ذات النهايات الهادئة ومن دون مفاجآت، والتي تنتهي بنهاية آمنة.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات