السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي ليست لي فقط، لإخواني وأخواتي.
خالي لا يرحم أحدا ويضرب ضربا شديدا.
أختي لم تسلم عليه البارحة فضربها ضربة قوية، وأمي -جزاها الله خيرا ذهبت "لتلاغيه" وهي أكبر منه، ولم يسلم عليها أيضا، ويمشي من عندنا وكأننا لسنا موجودين، حتى السلام عليكم لا يقولها فتفل عليها، وقال لها كلاما لا يقوله إلا قليلو الأدب، وكما في المرة السابقة ضرب أختي الأخرى، وهي لم تفعل له شيئا.
وقد ضرب ابنة خالتي وعمرها سنتان، وكان ضربا قويا جدا.
وهو يضرب الذين هم أصغر منه ولا يضرب الأكبر منه، وهو يحاول التفريق بين أخواتي وبنات خالتي؛ لأن علاقتهم قوية جدا، وضرب جميع بنات خالاتي وأخوالي الصغار فقط، ما الحل معه، وما هو جزاؤه، هل أختي الصغرى التي ضربها بسبب أنها لم تسلم عليه تعتبر مظلومة؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته من والاه.
بداية: نرحب بك -ابنتنا الكريمة- ونسأل الله -تبارك وتعالى- لك التوفيق والسداد، هو ولي ذلك، والقادر عليه.
وكم تمنينا من هذا الخال ومن كل خال، أن يجد أبناء أخواته منه العطف والحنان والشفقة، فإن الخال دائما معروف بالشفقة والعطف، والخال له منزلة رفيعة، والخالة بمنزلة الأم، ولكن الإنسان فعلا يستغرب من مثل هذا الذي يحدث، ولكننا نريد أن نسأل: هل هذا الخلق, هل هذا السمت دائما معه؟ هل هو يفعل هكذا مع كل الصغار، ما هي أسباب هذه القسوة، هل وجد معاناة في طفولته؟ واجه صعوبات في بدايات حياته، ما هو السر في هذا الذي يحدث؟
وأرجو أن تتعاملوا مع الوضع بحكمة، كما أرجو أيضا أن تنتبهوا للأمور التي تغضبه، ولا أظن أنكم تجدون صعوبة في السلام عليه وفي احترامه، وفي معرفة المنزلة التي يستحقها؛ لأن هذا أيضا من حقوق الخال، فالإسلام يأمرنا أن نحترم كبيرنا، وأن يرحم هذا الكبير الصغير، وأن نعرف للإنسان مكانته، والخال صاحب منزلة رفيعة، فأنتم بحاجة إلى تقديره واحترامه، وكذلك الأخت -التي هي الوالدة- ينبغي أن تتعامل مع أخيها بمنتهى الحكمة وتتفاهم معه، وتتعرف على الأسباب حقيقة التي تدفعه إلى هذه القسوة، والتعامل العجيب مع البنيات الصغيرات، وهو في مكانة ينتظرن منه العطف والشفقة.
فأنا أريد أن نقف مع كل حالة، ونعرف طبيعة هذا الرجل، ونفسية هذا الرجل، إذا كان هو يحب أن نسلم عليه, وأن نحتفي به, وأن نهتم به, وأن نعطيه منزلته، فهذا يعتبر حقا من حقوقه، ولكن من الواجبات عليه أن يشفق عليكم، وأن يحسن إليكم، وأن يتلطف معكم، وحتى من تخطئ لا ينبغي أن يضربها؛ لأننا لا نريد الضرب أصلا كعلاج، من الوالد, أو من غيره، والنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي هو قدوتنا وأسوتنا ما ضرب بيده امرأة ولا طفلا ولا خادما -عليه صلوات الله وسلامه- فإذن الكمال هو هدي النبي -عليه صلوات الله وسلامه-.
وأيضا أنت تقولين ضربة قوية، فهذا لا يصلح في ضرب الصغار، ولا يصلح أن يضربوا من أول مرة، حتى لو فرضنا أن البنت الصغيرة أخطأت، فإننا أولا نتغافل، ثم نعلمها بأن هذا خطأ، ثم ننبهها إذا كررت الخطأ، ثم نعنفها بالكلام ونهددها إذا أخطأت، ثم بعد ذلك نفرك أذنها إن كررت الخطأ، وهكذا نتدرج، ثم نأتي بالعصا لتنظر إليها، ولا ينبغي أن نسارع باستخدام هذه الوسيلة وهي الضرب؛ لأن هذه الوسيلة لها آثار سالبة جدا على الأبناء والبنات.
كذلك ينبغي عندما يتعامل مع البنيات الصغيرات أخواتك -أو معك- بهذه الطريقة أرجو أن تتعامل معه الوالدة بحكمة، فلا تقابل خطأه بخطأ، ولا تقابل عدوانه بعدوان؛ لأن هذا قد يحمله إلى مزيد من العناد، وواضح أن أخلاقه فيها إشكال، والدليل على ذلك أنه تفل على أخته وهي الأكبر، وأنه رد عليها، وأنه واجهها، وهذا يدل على أنه يحتاج أيضا إلى مزيد من الصبر في التعامل مع هذه الحالة.
وعلينا أن نتفادى الأمور التي تثير غضبه، ونجتهد في أن نتفادى الاحتكاك معه جهدنا، حتى نحفظ ما بيننا من صلة رحم، وحتى حفظ هذه العلاقات التي أرادتها الشريعة وفاقا، وأرادتها الشريعة تفاهما ومحبة ورحمة.
فما أحوجنا إذن إلى أن نتعامل مع هذا الرجل بحكمة، وعلى العقلاء والفاضلات أن ينصحوه في وقت هدوء، ويبينوا له أنه بهذه الطريقة سيخسر ود البنات جميعا، وسيخسر بنات إخوانه وأخواته، وأن عليه أن ينشر الخير، ويحافظ على صورة الخال الجميلة في أذهان الناس وفي عقولهم، يحافظ على هذه المكانة الرفيعة التي وضعته فيها الشريعة، فهو محرم من المحارم بالنسبة للبنيات.
وإذا كنتم تعلمون أنه يحاول أن يسعى بالنميمة فلا تصدقوه، فإن النمام ينبغي ألا نصدقه، ولا نرحب بكلامه، ولا نتفاعل مع ما يقوله، ونتجنب الرد أمامه، لأن من نم لك نم عليك.
وهذه وصفة وشروط لابد أن نتعامل فيها مع من ينقل النميمة؛ لأن النمام كالساحر، بل هو أشد خطرا من الساحر، فإن ما يفعله النمام في دقيقة قد يعجز الساحر في فعله في سنة، ولذلك ينبغي أن ننتبه إذا عرفنا مثل هذه الأمور.
وحاولوا أن تصححوا الصورة لبنات الخالة اللواتي نقل لهن صورة مشوهة, وكلاما قصده منه أن يفرق بين الناس، فعاملوه بنقيض قصده، وتعوذوا بالله من شر كل ذي شر، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لكم التوفيق والسداد.