السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الفاضل: أرجو من الله ثم منكم مساعدتي، فأنا شاب أعزب وعندي حالة الخوف من نحو عشر سنوات، وهي الابتعاد قدر المستطاع عن الحفلات والولائم والمناسبات حتى لو كانت في المنزل.
كذلك المسجد لا أذهب إليه حتى تنقضي صلاة الجماعة فأصلي وحدي، لأنه قبل شهر حصل عندي مشكلة، وأنا كنت أصلي في الجماعة أحسست برعشة ودقات قلبي مرتفعة، وحالة تشابه الدوخة مما اضطرني إلى الجلوس، وعدم القيام للصلاة، وجلست أصلي وأنا جالس، فكما لا أخفيكم فأنا أتمنى أن أتزوج ولكني خائف.
أرجو منكم مساعدتي في حصولي على الدواء المناسب، فأنا قد ذهبت إلى المستشفى النفسي قبل سنتين، وصرف لي دواءين ولم أنتظم عليه، لأني أحسست منها بتشويش في الرأس، وخفت من الإدمان عليها!
أرجو مساعدتي، والله يحفظكم ويرعاكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إن حالتك حالة قلق اجتماعي أو رهاب اجتماعي، وقد وصفتها بصورة مثالية جدا، وأنا أود أن أؤكد لك أن الأعراض التي تشعر بها قد لا يحس بها الآخرون، كما أن تخوفك من أن تسقط أو أن تفقد السيطرة على الموقف أو أن الدوخة سوف تؤثر عليك، هذا كله ليس صحيحا، وحتى في أثناء الصلاة إن لم تجلس في تلك الحادثة لن يحدث لك أي مكروه.
الخوف الاجتماعي يعالج من خلال تحقيره - هذا مهم جدا – وكذلك من خلال المواجهة، هنالك نوع من المواجهة لطيف جدا نسميه بالمواجهة في الخيال، وهو أن ترسم يوميا مواقف تكون فيها عرضة للتعريض التام في الخيال، هذه المواقف اجعلها متعددة مختلفة المحتوى، مثلا: تصور أنه قد طلب منك أن تصلي بالناس في المسجد – هذا يمكن أن يحدث - أو تصور أنه قد طلب منك أن تصلي على جنازة - هذا أيضا قد يحدث –.
موقف آخر مهم جدا، وهو أنك كنت في الطريق ومررت بحادث سيارة، وهنالك أناس يحتاجون للإسعاف، وهذا فيه الكثير من المروءة والموقف فرض نفسه عليك، ولا يمكن أن تغادر وتترك هؤلاء الناس.
عش مثل هذه المواقف، وهنالك مواقف أخرى كثيرة، تخيل أنك مشرف على وليمة كبيرة في المنزل، كلفت بمهام معينة من قبل الأهل، لابد أن تنجزها، هذه مواقف يجب أن تعيشها بدقة وتفصيل، ولا تمر عليها مرورا عابرا من خلال ذهنك، اجلس، تأمل الموقف، هذا التأمل يجب ألا يقل عن عشرين دقيقة، ولابد أن تطبق تمرينين في اليوم.
هذا يجب أن يعقبه مباشرة التطبيقات الفاعلية، وأنا أرى أن الصلاة في المسجد هي أفضل أنواع التعرض الاجتماعي، والإنسان حينما يكون في المسجد هو في معية الله، هو في حفظ الله، فهذه المساجد وهذه الصلوات وهذه اللقاءات، الإنسان تحفه الملائكة والرحمة، هل هنالك أفضل من ذلك أيها الأخ الكريم؟! ادخل بهذا النوع من الفكر، وسوف تعيش طمأنينة عظيمة.
التواصل على مستوى الأرحام، الجيران، الأصدقاء، هذا أيضا نوع من التعريض الإيجابي جدا الذي أرجوه ألا تحرم نفسك منه، وأنصحك أيضا بممارسة رياضة جماعية مع أصدقائك، كرة القدم، كرة السلة، السباحة، أي نوع من الرياضة، هذا فيه نوع من التفاعل والتمازج الاجتماعي والتعريض النفسي والوجداني، وهذا يكون عائده بالطبع إيجابيا عليك.
تمارين الاسترخاء ( 2136015 ) نحن دائما ننصح بها، فأرجو أن تطبقها تطبيقا دقيقا لأنها مفيدة بالفعل.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أحمل لك بشرى كبرى أن الأدوية الآن فعالة وممتازة، لكن يجب الالتزام بالجرعة التزاما قاطعا وتاما ولمدة العلاج، نحن نصف الجرعة وحين نصف درجات العلاج ومراحله ومدته نقول لك وبكل تواضع: هذا كله قائم على أبحاث علمية رصينة، الأمر ليس أمرا متروكا لمزاجنا أو لاعتبارات أخرى، لا، تطبيق علمي يجب أن يكون لأن الاختيار أيضا هو علمي.
عقار (مودابكس) – هكذا يسمى في مصر – ويسمى في المملكة العربية السعودية باسم (زولفت) واسمه الآخر تجاريا هو (لسترال)، واسمه العلمي هو (سيرترالين) أعتقد أنه سوف يكون الدواء الأفضل لحالتك.
ابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا - ربما تسبب لك زيادة في النعاس بسيطة لمدة أسبوع، وليس أكثر من ذلك – تناول الدواء مبكرا بعض الشيء، بعد انقضاء شهر اجعل الجرعة حبتين في اليوم، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة في المساء أو بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء.
هذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في هذه الحالات، يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، وأعتقد أن حالتك تطلب هذه المدة، وهي ليست مدة طويلة، وبعد أن تنتهي من هذه الجرعة العلاجية - حسبما حددنا الجرعة والمدة - انتقل بعد ذلك إلى الجرعة الوقائية، وهي حبة واحدة يوميا، تتناولها أيضا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.
هو دواء جيد، فاعل، وممتاز، وقليل الآثار الجانبية جدا، ومن جانبي أسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأرجو أن تأخذ الأمر أخذا جادا، وأن تطبق التعليمات التي ذكرناها لك، وتتناول العلاج حسب ما هو موصوف، وإن تيسر لك الأمر وقابلت طبيبا نفسيا أيضا هذا - إن شاء الله – حسن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.