السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة متدينة إلى حد ما، أبلغ من العمر 22سنة، مشكلتي أني أمارس العادة السرية بين حين وآخر، وذلك لأنه قد تقدم إلي شباب لخطبتي، ولكن أبي رفض بحجة أختي الكبرى التي لم تتزوج، ولكني لا أدري كيف أقنعه، أخاف أن أقع في الحرام، وأريد كل شيء بالحلال، الدنيا تغيرت، ولم يعد الناس متمسكين بهذا الشرط - زواج الأخت الكبرى -، فكيف أقول لأبي أن هذا القرار سوف يدمر حياتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يهدي الوالد للصواب والحق، هو ولي ذلك والقادر عليه، ويسعدنا أن نرحب بك في هذا الموقع، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرفع الجهل عن أمة النبي – عليه صلوات الله وسلامه – حتى يدركوا أن هذه الأمور تسير بقضاء الله تعالى وقدره.
ومثل هذه الممارسة الخاطئة – إصرار الأسرة على زواج الكبيرة قبل الصغيرة، وتدخل في رغبة الخاطب، إذا أراد الخاطب الصغرى رفض الأهل لأن الكبرى لم تتزوج - وهذا من الأمور والعادات التي ينبغي أن تنتهي، ونحن في كل الأحوال نشكر للآباء والأمهات مشاعرهم، ولكن لابد أن يدركوا أن الزواج قسمة ونصيب، وأن لكل أجل كتاب، وأن هذه قد تتزوج قبل هذه، وهذا تقدير الله تبارك وتعالى الذي قسم النعم بين عباده سبحانه وتعالى، فهذه يعطيه زوج، وهذه يعطيه مال، وتلك يعطيها وظيفة، وهذه قد تجد الوظيفة والزوج لكنها تحرم الولد، المهم أن نعم الله تبارك وتعالى مقسمة.
نتمنى أن تجدي من محارمك ومن الأعمام والعمات والخالات والأخوال ومن الأفاضل والفاضلات من يتكلم بلسانك، ويناقش الأسرة حول هذه الأمور، ويبين لها عواقبها وخطورة مثل هذا التصرف.
كما أرجو أن يكون من الأخت الكبرى دور، فهي صاحبة الشأن، وهي التي تستطيع أن تؤثر على والديها، فإذا استطعت أن تتكلمي معها أو استطاع أحد من المحارم أن يتكلم معها لتبادر هي وتطالب من والديك أن يقبلوا بالخاطب الذي جاء لك، وتبين لها أنها بالعكس ستكون فرحة جدا، وسعيدة جدا بزواج أختها، لأنها تريد لأخواتها الخير، فهذه المشاعر التي ينبغي أن تظهر من هذه الأخت الكبرى، لأن هذا هو أقصر طريق لإقناع الوالدين، وأقصر طريق لتغيير هذا الوضع الذي أنتم فيه.
وليت الأسرة علمت أن زواج الصغرى أو الوسطى يفتح أبوابا من الخير ويلفت أنظار الآخرين إلى جميع الأخوات، ليتهم أدركوا أن هذا فأل حسن، مجيء هذا الخاطب بالنسبة لك.
ولقد صدقت وأحسنت، فإننا في زمان الفتن، وندعوك إلى ترك الممارسة المذكورة، فإنها لا تجوز، والفتاة تحرص على أن تتقيد بأحكام هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ولا يخفى عليك أن لهذه الممارسة السيئة أخطار كبيرة، وأنها لا توصل إلى الإشباع، ولكنها توصل السعار، وأن التوقف في بدايته قد يكون سهلا، واعلمي أن الله تبارك وتعالى لا تخفى عليه خافية.
ولا تعالجي رفض الأهل ووقوفهم في طريقك بمخالفة أخرى، ولكن توجهي إلى الله تبارك وتعالى، واشغلي نفسك بكل أمر يرضيه، وتجنبي الوحدة، فإن الشيطان مع الواحد، واشغلي نفسك بالخير قبل أن تشغلك هذه النفس بالباطل، وابتعدي عن كل المثيرات، وعن كل الأشياء التي تثير وتحرك كوامن الشهوة عند الإنسان، واعلمي أن الأمر كما قال الشاعر:
كل الحوادث مبدؤها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرت فعلت في نفس صاحبها *** فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يسر ناظره ما ضر خاطره *** لا مرحبا بسرور عاد بالضرر
ولكي تتخلصي من هذه الممارسة، عليك أيضا بمراقبة الله تبارك وتعالى في السر والعلن، وعدم الذهاب إلى الفراش إلا عندما تكوني بحاجة شديدة إلى النوم، وعدم المكوث بعد الاستيقاظ من النوم، والحرص على النوم على طهارة، والمواظبة على أذكار النوم وأذكار الصحو من النوم، إلى غير ذلك من الأمور التي تشغل الإنسان بمعالي الأمور، وتدفع عنه التفكير في مثل هذه الممارسات التي قد تكون سببا في إلحاق الضرر والأذى بعفة الفتاة، بل إن هذه الممارسة الخاطئة لها آثار خطيرة على مستقبل الإنسان وحياته المستقبلية.
فحافظي على ما وهبك الله تعالى من الخير، واشتغلي بطاعة الله تبارك وتعالى، وأشغلي نفسك بذكره وشكره وحسن عبادته، وتوجهي إلى الله تبارك وتعالى، واجتهدي في إيصال الرسالة على الأقل إلى الوالدة حتى تقف معك وتتفهم هذا الوضع، وتكون عونا لك ولأختك على تجاوز مثل هذه الأزمات، وما من أسرة إلا وتفرح بمجيء الخطاب، ولكن هذا الأسلوب قد يدفع هؤلاء الخطاب إلى التوقف صيانة لأنفسهم، وخوفا من الوقوع في الإحراج والرفض الذي سيتكرر بهذه الطريقة.
وعلى أختك الكبرى أيضا أن تبرز ما عندها من الخير، وأن تحشر نفسها في مواطن الخير، بل على الأب والإخوان أن يسعوا في البحث عن الزوج الحلال، فلسنا أكرم ولا أشرف ممن سعى لتزويج بناته، كما فعل عمر - رضي الله عنه وأرضاه - حتى بوب علماء السنن (باب عرض الرجل موليته أو بنته على الكفؤ من الرجال).
وهذا زمان ينبغي أن يكون فيه للرجال دور، وأن يساعدوا في تزويج بناتهم وأخواتهم وأقربائهم إذا كانوا حريصون على الخير، ولسنا أغير ولا أشرف ولا أكرم من الصحابة الكرام الذي كان هذا الأمر بالنسبة لهم واضح، فعلينا أن نجتهد في فهم هذه الشريعة، وفي التوجه إلى الله تبارك وتعالى، ونعتقد أن مسؤوليات العقلاء والفضلاء من المتعلمين والمتعلمات كبيرة في تبصير الأهل والوالدين بعواقب مثل هذه التصرفات.
ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به.