السؤال
السلام عليكم
عندي استفسار هو عن خطيب أختي، فمن بعد ما حصلت الخطوبة تغير كثيرا، فعندما يتحدثان في الهاتف دائما يقول ألفاظا تغضب أختي، ثم يقول لها: أنا ما كان قصدي أتكلم هكذا، ويتأسف.
مع العلم أنه يقول لها أن شعره يتساقط، وشكله ليس جيدا الآن، وأصبح يغضب كثيرا خصوصا بعد الخطوبة.
سؤالي: هو هل هذا سحر أم حسد؟
أرجو الرد بسرعة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك -ابنتنا الكريمة-، ونرحب بأختك في موقعكم، ونسأل الله أن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وحقيقة نشكر لك هذا السؤال، وهذا الاهتمام بموضوع أختك، وأخت الإنسان غالية، وأنت كذلك أحسنت بهذا السؤال، وبهذا التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يقدر لك ولها الخير حيث كان ثم يرضيكما به.
الخطبة ما شرعت إلا ليتعرف الخاطب على مخطوبته، وهي إعلان الرغبة في الزواج، وهي لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولكن الشريعة جعلتها لحكمة من أجل أن يتحقق التعارف، فإذا حصل التوافق، والميل، والتعارف، وثبت أن الرجل من بيئة صالحة، وأنه صاحب دين وأخلاق أو ثبت للرجل أن الفتاة صاحبة دين وأخلاق كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فاظفر بذات الدين)، وتلاقت الأرواح -لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف- فهذا ما يقصده الشرع، وعندها نقول بها ونعمت، ونبارك الاستمرار في هذه الخطوبة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- عند ذلك دائما وقبل ذلك وبعده التوفيق والسداد.
أما إذا حصلت الخطبة وتبين للخاطب أو للمخطوبة عدم صلاحية الشريك -شريك المستقبل- لأشياء سيئة فيه أو تبين أنه ضعيف الدين أو أنه سيئ الخلق، فعند ذلك الحرج مرفوع، ومن حق كل إنسان أن يغير رأيه، ولكن هنا لا نريد أن تستعجلوا في الأمر، وندعوكم إلى أن تضعوا حسنات هذا الخاطب في كفة، ما هي الإيجابيات التي عنده، ما الأشياء الجميلة فيه؟ الأشياء التي دعت شقيقتك للقبول به؟ ثم تضعوا الأشياء السالبة أو النقائص في كفة ثانية، ثم ننظر بعد ذلك؛ لأن هذا هو الإنصاف، وهذه هي النظرة الشاملة، لأننا إذا تأملنا فلا يمكن أن نجد إنسانا بلا عيوب، ولا يمكن أن نجد امرأة كذلك بلا عيوب، فكلنا رجل كان أو امرأة ذلك الناقص الذي لا يخلو من العيوب، ولا يخلو من نقائص، ولكن هناك عيوب طفيفة صغيرة يمكن أن تقبل، وهناك عيوب يمكن إذا وجد الدين أن تتلاشى، كما قال الشاعر:
وكل كسر فإن الدين يجبره*** وما لكسر قناة الدين جبران.
فلذلك ينبغي أن ننظر بهذه النظرة الشاملة، ثم علينا أن ننظر في هذه الأخت، والفرص المتاحة لها، هل الخطاب نادرون؟ -وهذا هو الغالب- وهل هذه الأخت فرصها في مجيء الأزواج لكبر سنها أو نحو ذلك، وهل هناك فرص أم لا توجد؟
ننظر للموضوع نظرة شاملة قبل أن نقرر، وإذا كانت العيوب هي مسألة تساقط الشرع أو أن الشكل ليس جيدا، طبعا مسألة الشكل إذا رضيت به الأخت وقد شاهدته؛ لأن الإسلام يدعو إلى النظرة الشرعية تنظر إليه، وينظر إليها، فإذا حصل الارتياح، وحصل القبول فهذا -ولله الحمد- بداية التوفيق وبداية الخير.
ونريد أن نقول حقيقة: الرجل ليس العبرة بشكله، ولكن العبرة برجولته، وقدرته على تحمل المسؤولية، وتواصله مع الناس، نجاحه في وظيفته وفي عمله، علاقاته بالآخرين، قبل ذلك التزامه بآداب الدين وحرصه على الأخلاق الجميلة الذي جاء بها هذا الإسلام، فإذا وجدت هذه الأشياء، فليس المقصود في الرجل هو الشكل، ولا الجمال أو جمال المظهر، لأن جمال المظهر وحده لا يكفي إذا لم يكن معه دين أو أخلاق؛ ولذلك هذه نقطة ينبغي أن ننظر إليها بهذه الطريقة.
ومسألة الغضب الكثير، والألفاظ التي يتلفظ بها: نحن ننظر في دوافع هذه الألفاظ، حاولوا أن تتعرفوا عليه، هل هذا أمر يعتاده في أسرته؟ هل هذا الأمر سطحي؟ هل هذا الأمر يفعله مع الآخرين مع كل الناس؟ يعني لو استطاع محارمكم -وهذا دور المحارم، دور الأب، دور الإخوان- أن يتعرفوا على الشاب الذي تقدم لأختهم أو بنتهم، يتعرفوا على مثل هذه الأمور التي ينبغي أن تظهر من خلال علاقة الإنسان مع الآخرين، من خلال أخلاقه الوظيفية، أخلاقه في تواصله الاجتماعي مع الآخرين.
وهنا أيضا لابد أن نتذكر مسألة مهمة جدا وهي: ما هي الأشياء التي تغضبه، هل هناك أشياء طلبات، هل هناك كلمات يمكن أن تكون جارحة بالنسبة له يسمعها عن الخطيبة، هل كان طيبا ثم حصل له هذا الشيء؟
نحن دائما ننظر إذا كان الشيء له جذور وأصلا موجود، والمشكلة لها أسباب واضحة، عند ذلك ندعوه إلى أن يحسن هذه الأخلاق، ونوازن، وهذه فرصة -فترة الخطبة فرصة- للطرفين.
أما إذا كان الإنسان على خير وهدى وصلاح، ولكن بعد الخطبة تغير فجأة، فهذا فعلا يدعونا إلى أن ننظر في أسباب ذلك التغير، ومن العلاجات المهمة جدا أن نجعله يحافظ على الأذكار، أن يقرأ على نفسه رقية شرعية أو نأتي بمن يقرأ عليه الرقية الشرعية، والرقية الشرعية هي دعاء، ولجوء إلى الله -تبارك وتعالى- يستطيع الإنسان أن يقرأها لنفسه، وتكون نافعة جدا إذا كانت من والد أو والدة أو إنسان له أقرب لإجابة الدعاء عند الله -تبارك وتعالى-، فإن لم نجد هذا فعليه أن يعرض نفسه على راق شرعي حتى يقرأ عليه الرقية الشرعية، مع ضرورة أن يكون هذا الراقي الشرعي مظهره وهديه والتزامه بالإسلام، وأن تكون الرقية بكتاب الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن تكون بكلام مفهوم، أن يعتقد الجميع أن الشفاء من الله -تبارك وتعالى-، أن يكون هو أيضا قد تجنب المعاصي ليكون أهلا للتأثر والقبول لهذه الأذكار والأدعية.
عموما: نحن نريد أن تتأملوا هذه المسألة، وسوف نكون سعداء إذا جاءتنا تفاصيل حتى نشارك في اتخاذ القرار الصحيح، ونكرر ترحيبنا بك، وشكرا لكم.