أشكو إلى الله تطليقي وأخذ حقوقي ظلماً وجورًا

0 451

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أيها الشيوخ الأفاضل: أود أن أعرض عليكم سؤالي ألا وهو: أنا سيدة في أواخر العشرينات، وقد طلقت من زوجي منذ عدة أشهر، وكان زوجي هو الذي رمى علي يمين الطلاق في البداية، من دون أن أطلب منه ذلك، والله تعالى يعلم ذلك.

ولكنه عندما علم بأن لي حقوقا شرعية كثيرة رفض أن يطلقني بشكل رسمي، إلا إذا تنازلت –على ورقة رسمية- عن حقوقي الشرعية، يا سيدي وذلك بتحريض من أهله، وبالفعل تنازلت عن حقوقي رغما عني، ولكني لم أسامحه، لا هو ولا أهله على ذلك، فقد اكتفى بإعطائي مؤخر الصداق، وبعضا من أثاث بيت الزوجية، ألا وهي قائمة بالعفش، ولكن أيضا لم يعطني الأثاث كاملا، فقد أخذ منه الكثير رغما عني، ولم يعطني نفقة العدة، ونفقة المتعة، حيث إنه تزوجني سنتين.

وأيضا أخذ مني الشبكة، والكثير من المتعلقات المنزلية، حيث إنهم يقولوا بأن تلك الحقوق ليست حقوقي، علما يا سيدي بأنهم أقاربنا، نعم هم أقاربنا، ولكننا تنازلنا خشية منهم، حيث إنهم لا يتقوا الله ولا يخشوه -أستغفر الله العظيم-.

مع العلم أنني لم أنجب منه، حيث كان من المستحيل أن ينجب أطفالا، فأنا يا سيدي لم أسامحه أبدا، لا أنا ولا أهلي على تلك الحقوق التي أخذوها منا –عنوة- فهل بذلك سيحاسبهم الله يوم القيامة أمامي على تلك الحقوق، حيث إنني أعتبرهم خصومي يوم القيامة، ولم يسامحهم قلبي أبدا، فهل يدخلهم الله يوم القيامة نار جهنم؟

ولي سؤال أيضا سيدي ألا وهو: عندما أخذت بعضا من تلك الحقوق أودعها أهلي في البنك باسمي، وأصبحت ملكي أنا، فهل يا سيدي إذا تصدقت من تلك النقود هل يحتسب الله أجرها لأهلي؟ حيث إنها نقودهم في الأصل؟ أم يحتسبها الله لي من حيث الأجر؟ حيث إنها أصبحت ملكي وباسمي؟

أود الإجابة على أسئلتي سريعا، وشكرا على سعة صدركم, وأعتذر للإطالة, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيناس عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب, نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يؤجرك في مصيبتك، ويخلف عليك بخير منها، وننصحك بهذا الدعاء العظيم، فإنه من أسباب جلب الرزق الحسن عوضا عن المصيبة التي نزلت بك.

وأما ما جرى بينك وبين هذا الرجل الذي طلقك فإنه إن كان طلقك تطليقة بلفظة فقد وقعت هذه الطلقة، فإذا لم يراجعك بعد ذلك بلفظ الرجعة، أو نحوها مما يفيد الارتجاع أو بالجماع, وانتهت العدة، فإنك تصبحين بائنة منه لا تحلين له إلا بعقد جديد، فإذا أراد أن يرغمك على خلاف ذلك، وأنت تعلمين وقوع الطلاق وعدم الارتجاع، فإن الفقهاء يفتون بأنك تفرين منه ولو بأن تفتدي نفسك ببعض المال.

وقد أحسنت أيتها الأخت الكريمة فيما فعلت بذلك لبعض المال حتى تفري من هذا الرجل، وما أخذه منك مما تستحقينه بالعقد، فإنه لا يحل له، إذ لا يجوز له أن يأخذ شيئا من مالك، وإن قل إلا بطيب خاطر منك، فقد جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه).

فمالك حرام عليه قل ذلك أو كثر، وهذا بحسب ما تم التعاقد عليه، فكل ما جعل مهرا لك فإنك تستحقينه كاملا الحال منه والمؤجل، ولا يجوز له أن ينتقص شيئا من ذلك، ولا أن يأخذ منه يسيرا أو كثيرا إلا برضاك، فإذا ظلمك هذا الرجل، وأخذ بعض مالك ظلما وعدوانا فإن الله عز وجل سيسأله عن ذلك، فكوني على ثقة بأن حقك لن يضيع، إذ قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها، حتى يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) فكل شيء ستأخذينه مما ذهب منك ظلما، إلا أن تعفي عن ذلك وتتجاوزي، فإن هذا أمر مرده إليك.

ولا شيء عليك أيتها الأخت من الصفح والعفو، فإن الله عز وجل يحب المحسنين، ولكن العفو والصفح أيضا مطلوب إذا رأى الإنسان من خصمه الإصلاح، كما قال الله عز وجل: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله}.

وعلى كل حال أيتها الأخت فإنك ستجدين حقوقك كاملة موفرة، والظالم هو الخائب النادم، كما قال الله عز وجل في كتابه: {وقد خاب من حمل ظلما} وستأخذين حقك حسنات من حسناته، أو ستطرح عليه سيئات من سيئاتك، كما وردت بذلك الأحاديث النبوية.

وأما عن السؤال الثاني وهو أن أموالك التي أودعها أهلك باسمك، فأولا: إن كانت هذه الأموال قد أودعت في بنك ربوي فأول ما ننصحك به سحبها من هذا البنك وإيداعها في بنك يتعامل بالعقود الشرعية الإسلامية.

وثانيا: هذه الأموال إن كانت أموال المهر، فإن هذا مالك أنت، وليس مالا لأهلك، فتتصرفين فيه كما تشائين، فإذا تصدقت منه ابتغاء وجه الله أجرت على ذلك إن شاء الله، وإذا كان أهلك قد أودعوا باسمك بعض الأموال، ووهبوها لك، فإنها تصبح مالا لك أيضا، فلك أن تتصرفي فيها كما تشائين، فإذا تصدقت أجرت على ذلك إن شاء الله.

نسأل الله أن يكتب لك الأجر، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات