لا أستطيع ترك العادة السرية والأفلام، ما نصيحتكم؟

0 891

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا من أشد المعجبين بهذا الموقع الجميل، وأتمنى من ربنا أن يجعله في موازين حسناتكم -إن شاء الله-.

أنا لا أعرف إن كانت مشكلتي مشكلة بسيطة أم مشكلة كبيرة، لكني أتمنى من حضرتكم أن تنصحوني بالأفضل، وبحل فعال من أجل أن تحل مشكلتي، وأعيش في طاعة ربنا عز وجل، وأكون فخورا بنفسي، وسعيدا في حياتي.

المشكلة: أني دائم الممارسة للعادة السرية يوميا، وفي نفس الوقت ألعب رياضة، ومحافظ على جسمي جدا، مشكلتي أني أتأثر بسرعة كبيرة جدا عندما أرى امرأة -حتى لو كانت في الشارع- مع أني لا أتعمد النظر إليهن أبدا، لكن -للأسف الشديد- أجد هذه المناظر في كل مكان أذهب إليه، سواء من بنات أقاربي، أم البنات في الشارع، أم غيره.

ما حصل هو أني أمارس العادة السرية، وفي نفس الوقت أشاهد صورا وأفلاما غير سوية على الإنترنت، وأعرف أن هذه معصية لربنا عز وجل، ولكني لا أستطيع أن أستغني عنها، ويعز في نفسي عملها، وأنا ليست لي الإمكانية للزواج حاليا وللأسف، وإنما أملي منكم أن تنصحوني نصيحة أقدر أن أستفيد منها بشكل كبير.

الذي آيسني أكثر أنني في الوقت الذي بعثت فيه بهذه الرسالة خائف على مستقبلي، وأنا خريج كلية الآداب دراسات يونانية ولاتينية، وعندي علم كثير -والحمد لله-، وأنا أدرس برمجة السوفت وير على الإنترنت أون لاين، ولا أستطيع أن أكمل الدورة الخاصة بالبرمجة بسبب ميولي لفعل العادة السرية ومشاهدة الأفلام.

هذه مشكلتي في الحياة حاليا، وأنا لا أستطيع أن أكلم أحدا بهذا الكلام وجها لوجه، مع أن علاقتي جيدة جدا مع الناس، ويعتبرونني شخصا جميلا وطيبا ومتدينا؛ لأني لا أترك فرضا، وأصلي جميع الفروض في المسجد، لكن لثقتي في حضرتكم أتمنى النصيحة؛ لأني فعلا لا أجد نفسي، ولا مستقبلي، ولا أستطيع أن أخطو خطوة للأمام.

أنا حاليا مستقبلي في مجال برمجة السوفت وير، ومجال الترجمة، وفي الفترة القادمة أنتظر التجنيد، ولم أنته من دراسة كل دورة البرمجة، ولا أعرف ما سيكون عليه مستقبلي بعد الجيش، وهذه كل مشكلتي، وأنا متأسف جدا للإطالة، لكني قلت إنه من اللازم أن تلموا بوضعي الحالي، أتمنى النصيحة المفيدة من حضرتكم.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صلاح جمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحا وهدى واستقامة وتدينا، كما نسأله تبارك وتعالى أن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك لإسعاد نفسك، ولتزويدها بالعلوم النافعة، وأن يجعل لك مستقبلا مشرقا مزهرا، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل صلاح – فإنه مما لا يخفى عليك أن الله جل جلاله جعل الإنسان مسؤولا عن نفسه، ولذلك قال: {كل نفس بما كسبت رهينة}، وقال أيضا: {كل امرئ بما كسب رهين}، وقال كذلك: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها}، وقال كذلك: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا}. فهذه المسؤولية تجعلك الوحيد الذي ينبغي عليه أن يهتم بنفسه؛ لأنك لا تهم أحدا في المقام الأول كما تهم نفسك، كل إنسان في هذا الكون ينبغي عليه أن يركز على نفسه، وأن يهتم بها، وأن يحافظ عليها، وأن يسعى في توفير ما يمكن لإسعادها ولتطورها ولأمنها وأمانها واستقرارها ونجاتها من عذاب ربها في الدنيا والآخرة.

هذه هي مسؤوليتك الأولى، وكلنا كذلك أيضا، فكل مخلوق من بني آدم مسؤول مسؤولية كاملة عن نفسه وعن تصرفاتها، وهو الذي يستطيع أن يجعلها سعيدة آمنة مطمئنة مستقرة، وهو الذي يستطيع أن يجعلها تعيسة شقية متدنية رذيلة حقيرة، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى}، ويقول الله تبارك وتعالى: {قد أفح من زكاها * وقد خاب من دساها}.

فإذن التزكية هي مسؤوليتك، وكذلك التدنيس إنما هو مسؤوليتك أيضا، فاعلم أنك المسؤول الأول عن نفسك، وهذه التصرفات السلبية التي تفعلها أنت، الذي تفعلها بإرادتك، أنا أتعجب مع أنك شخصية قوية وعملاقة ورائعة وناجحة كيف تقول: أنا لا أستطيع أن أمنع نفسي من العادة السرية، فهذا ليس صحيحا، أنت تفعل هذه العادة برغبتك، فتستطيع أن توقفها برغبتك.

أنا أسألك سؤالا: هل عندما تريد أن تفعلها يقف على رأسك أحد ويوجه إليك سلاحا قاتلا ويقول: إن لم تفعل سأقتلك؟ قطعا: ستقول لا، إذن معنى ذلك أنك رجل تضعف أمام نفسك، وأمام شهواتك، وأمام الشيطان، رغم أنك في الأصل قوي.

كذلك أيضا بالنسبة لمسألة النظر، فأنت عندما تطلق العنان لعينك، وتقول: أنا لا أستطيع، هذا ليس صحيحا، الله تبارك وتعالى جعل للعين غطاء، وهذا الغطاء مفتاحه بيدك، فأنت تستطيع أن تغلقها في الوقت الذي تريد، وأن تفتحها في الوقت الذي تريد، ولذلك جعل الله تبارك وتعالى هذا من الدين عندما قال: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، كيف يأمرنا الله بشيء لا نستطيعه؟ ألم يقل مولانا: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} فإذن كون الملك جل جلاله أمرني وأمرك بغض البصر معنى ذلك أننا نستطيع، وإلا ما كلفنا الله تبارك وتعالى به.

هذه الحجج الواهية هي حجج شيطانية يضحك الشيطان بها عليك؛ لأنه يريد أن يدمرك، ويفسد علاقتك مع الله تعالى، ويريد أن يجعلك عبدا شهوانيا بهيميا – والعياذ بالله تعالى – ليس لك من هم إلا الشهوة، ويريد أن يدمر كيانك البدني والإيماني؛ لأن هذه المعصية – الاستمناء – عبارة عن نوع من الاستنزاف لقواك التي أودعها الله تبارك وتعالى في جسدك، ولذلك رغم أنك رجل رياضي، وأن جسمك رياضي، وتحافظ على نفسك جيدا إلا أنك – صدقني – مم استمرارك في هذه العملية فسوف تفقد لياقتك البدنية، ويقل تركيزك، وتصاب بأمراض لا يعلم بها إلا الله.

وكم أتمنى -بارك الله فيك- أن تدخل إلى الاستشارات المتعلقة بالعادة السرية لتعرف الآثار المترتبة عليها، واكتب حتى في أي موقع بحث كجوجل (أضرار العادة السرية) وسوف ترى أمامك كما هائلا من المشاكل الصحية التي لم تخطر ببالك، فعليك أن تأخذ قرارا بالتوقف أولا حياء من الله جل جلاله؛ لأن هذه معصية، والله تبارك وتعالى وصف أولياءه الكرام الكبار بقوله: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}، ومعنى العادون: أي المعتدون الظالمون، وأنت لا تريد أن تكون معتديا أو ظالما؛ لأنك رجل تصلي الفروض كلها في جماعة في المسجد، وتحرص على أن تكون من المتقربين من الله تبارك وتعالى، والمقربين عنده.

فعليك بأخذ القرارات الناجحة والقرارات القوية التي بها تتوقف عن هذا الاستنزاف الدموي الذي يدمر عليك دينك ودنياك، وغض البصر من مسؤولياتك فحافظ على ذلك، ومع المقاومة ومع محاولة الترك – سواء بالنسبة للعادة السرية أو لغض البصر – عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعينك الله، واعلم أنه على قدر إخلاصك فسوف يمدك الله بمدد من لدنه؛ لأن الله تبارك وتعالى قال عن يوسف عليه السلام: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}.

فعلى قدر إخلاصك سوف يدفع الله ذلك عنك، فخذ قرارا شجاعا قويا جريئا، وتوقف فورا عن هذه المسائل، وكلما حاولت نفسك أن تدعوك إليها حاول أن تقاومها، واجتهد على ألا تكون وحدك فترة طويلة.

وبما يتعلق بالعادة السرية: فكلما شعرت بالرغبة فحاول أن تغير وضعك، وأن تهرب منها، وأن تتواجد مع الناس أو بعيدا عن الأماكن الخالية، وأن تتوجه إلى الله بالدعاء أن يعافيك الله من ذلك.

وعليك أن تأخذ قرارا أيضا بالانتهاء من هذه الدورة الذي أنت في أمس الحاجة إليه، أما عن المستقبل فدعه لله تعالى، ماذا سيكون مستقبلك بعد الجيش؟ مستقبلك بيد الله تعالى، عليك بترك المعاصي، وأخذ أسباب التميز والنجاح، واترك الأمر لله؛ لأن الله قدر المقادير، وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، واعلم أنه لا يمكن لك أن تغير هذه المقادير إلا من قبل الله تعالى بالطاعة والإنابة إليه، وما عند الله لا ينال بالمعصية، قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحصن فرجك، وأن يطهر قلبك، وأن يعينك على غض بصرك.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات