كيف أتفوق في العلم وأحقق النجاح في الدراسة أكثر؟

0 702

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أشكر هذا الموقع الرائع وإن شاء الله في ميزان حسناتكم.

مشكلتي أنني أريد أن أتعلم العلم الصحيح النافع، ولا أدري كيف أتعلمه؟! منذ أن كنت صغيرة كان مستواي الدراسي عاليا جدا والحمد لله، حافظت عليه حتى وصلت إلى آخر مرحلة في المدرسة، وحدثت لي ظروف في آخر سنة في المدرسة، مما جعلني أقصر في المذاكرة، وكانت النتيجة هي حصولي على علامات جيدة، ولكنها لم تؤهلني للالتحاق بالجامعات الحكومية ذات المستويات العالية، مما جعلني ألتحق بجامعة خاصة.

مستوى الجامعات الخاصة عندنا ليس جيدا، يلتحقون فيه الطالبات ذوات المستوى المتوسط، والأقل فقط، ليحصلن على شهادة، يعني بالعربي من يريد أن يشتري شهادة!

كان مستوى الدراسة سهلا مما جعلني أتخرج بامتياز، فدرجاتي لا تعكس عن مدى تحصيلي للعلم الحقيقي إذا قارنتها بالجامعات الأخرى، فتخرجت وأنا أدرك أنني لم أتعلم العلم الحقيقي، فو الله يؤسفني عندما أتذكر أن المحاضرين من الجنسيات المختلفة كانوا يوزعون الدرجات كالهدايا، والكل سعيد بهذا فلم يكن هدف الطلاب هو تحصيل العلم.

تخرجت وعلمت كم ضيعت من سنين عمري في الجامعة هباء وأبتسم عندما أرى شهادتي ذات العلامة المميزة، وبعد أشهر من التخرج اختارتني الجامعة لكي أعمل فيها، وها أنا أعمل فيها اليوم في المجال الأكاديمي، وقد تم منحي فرصة لدراسة الماجستير في أي جامعة أريدها عربية أو أجنبية.

لكن أهلي أصروا علي بإكمال الدراسة في نفس الجامعة، (فهي توجد في مدينتي) لأني فتاة ولا يسمح لي بالسفر بدون محرم، لأن السفر له مخاطر عديدة، وخاصة في الدول الأجنبية، مع أنني أدرك أن تحصيل العلم الحقيقي سيكون من هناك.

الآن رجعت للمعاناة، أدرس ماجستير في الجامعة، والله إنه ليتقطع قلبي عندما يعود نفس السيناريو والغريب في الأمر أن المحاضرين مستواهم عال جدا وعندهم علم كبير، ولكنهم لا يشرحون شيئا فقط يتكلمون عن حياتهم وماذا فعلوا وماذا تعلموا وعن تجاربهم وتمر الأيام، هل لأنهم ليسو من نفس جنسيتنا فلا يهمهم أفهمنا أم لا أم أنهم عديمو الإخلاص؟!

هؤلاء المحاضرون عندهم طلاب يعلمونهم (أونلاين) يوميا في بيوتهم، من كل أنحاء العالم، فلا أعتقد أنهم يعاملونهم مثل معاملتهم لنا، لأنهم يدفعون لهم على حسب فهمهم واستيعابهم منهم، أما نحن فلا يكترثون بنا لأنهم يضمنون أن راتبهم يصل إليهم شهريا.

أنا في منتصف دراسة الماجستير وعلاماتي عالية جدا، ولكنني أخجل أن أقول أنا طالبة ماجستير لأني لا أتعلم علما حقيقيا، فكيف أبدأ العام القادم برسالة الماجستير بهذا المستوى؟ وكيف سأكون أستاذة جامعية في المستقبل؟

والله إن الإحباط يقتلني، أحاول الآن أن أقرأ وأقرأ ولكنني تائهة جدا، وأشعر أن العالم يتقدم والكل يتقدم وأنا واقفة لا أفعل شيئا! فمن لا يتقدم سيتأخر حتما، فأنا أعمل الآن في المجال الأكاديمي وأشعر أن الكل أعلى مني بكثير في العلم والمعرفة، مما يزيدني إحباطا.

كيف أستطيع أن أتعلم العلم الحقيقي؟ فالعلم هو سلاح الرجل والمرأة، وكيف أستطيع أن أقف أمام الجميع وأقول هذه أنا، رزقني الله علما وسأفيد أبناء وطني؟ كيف أتخلص من هذا الإحباط الذي يقيدني؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله رب العالمين، نرحب بك ابنتنا الكريمة في موقعك، ونشكر لك هذه الروح، ونعتقد أن شعورك بهذا الخطر بتقصير أولئك الأساتذة – غفر الله لهم – في بذل العلم بإخلاص هو البداية الصحيحة لمسيرة التصحيح، ونحن نستبشر بمثل هذه المشاعر، ونريد أن نقول لك: الدراسات العليا والدراسات الجامعية تعتمد بدرجة كبيرة على رغبة الطالب وإصرار الطالب وحرصه على أن يفوز بالمعلومة، ولذلك نحن نريد أن تستمري على هذه الروح وتحافظي وتطلبي العلم، واعلمي أن طلب العلم لا يمكن أصلا أن يكون عن طريق الدكاترة وحدهم، فالدكتور في الجامعة فضلا عن الدراسات العليا إنما يعطي مفاتيح العلوم فقط، والإنسان الذي يريد أن يستفيد يستطيع أن يستفيد.

نحن نتفهم هذا الوضع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ لأوطان المسلمين الغيورين من أمثالك حتى يغيروا هذا الدجل وهذا الزور الذي يحدث بكل أسف، فأنت ولله الحمد على خير، بل نحن فرحين بأن أمثالك سيتولوا المواقع في الدراسة الجامعية، ونريد أن نطالبك بأن تستمري في الطلب، فإن الأمر كما قال سلف الأمة: لا يزال الإنسان عالما ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل.

حاولي أن تستمري، وأعجبني أنك تقرئين وأن علاماتك متميزة، فأنا أقول: حتى في الجامعة الضعيفة يوجد طلاب متميزين، حتى في الجامعات الضعيفة يوجد طلاب نابغون، لأن التعليم الجامعي أصلا يعتمد الطالب بعد الله تبارك وتعالى على اجتهاده وعلى حرصه على طلب العلم، وأنت ولله الحمد حريصة، نسأل الله أن ينفع بك وأن يتيح لك موقعا تستطيعين أن تغيري به هذا الواقع المرير الذي يحدث في كثير من بلاد المسلمين، من أولئك الأساتذة الذين لا يخافون الله ولا يتقونه، وينسى الواحد منهم أن رزقه لا يحل إذا لم يؤد المهمة على الوجه الأكمل، فـ {ويل للمطففين} هذه ليست للتجار وحدهم، ولكن لكل من أخذ الأجر وقصر في العمل المطلوب منه من الناحية الشرعية.

أريد أن أقول: مهما كان الأستاذ – بكل أسف وعلى هذه الكلمة – مستهترا ومقصرا فإنه يتجاوب مع المجتهد، ويتجاوب مع من يسأل أسئلة، من يتفاعل مع المدرس، من تحاول أن تبحث، ستجد التفاعل، وستتخرج بمستوى مختلف جدا عن كل من حولها.

لذلك أنا أريد أن تنحي الإحباط جانبا، وأن تستبدليه بالثقة في الله أولا، ثم بالحرص والاجتهاد على طلب العلم، ومحاولة الاستفادة القصوى من هؤلاء الأساتذة الذين أثبت أنهم كفاءات عالية – بكل أسف – هذه فعلا نوعيات موجودة، كفاءات يشهد لها، لكن في مسألة التعليم تجده عابثا متساهلا لا يراقب الله تبارك وتعالى ولا يتقيه.

أنت تستطيعين أن تطلبي العلم بشرف، وأن تجتهدي في طلب العلم، وتحاولي أيضا عندما تكتبي هذه الدراسة العلمية أن تقبلي عليها بصدق وعلى المراجع بصدق، وبعد ذلك يمكن أن تستفيدي وتتخرجي بمستوى مشرف، وأنت الآن ولله الحمد في مستوى طيب، والمشاعر النبيلة هذه هي المهمة، هذا الحرص هو فعلا الذي ينفع الأمة، أن يكون هناك حريصات وحريصون على أن يقدموا خيرا لأمتهم، على أن يفحوا صفحة جديدة عامرة بالإشراقات وبالعلم الحقيقي.

لذلك ندعوك – ونكرر لك الدعوة – بأن تجتهدي في طلب العلم، وتنظمي وقت الدراسة، وتحاولي أن تكوني على قدر مستوى هذا التحدي، وأيضا نشكر للأسرة إصرارهم وحفاظهم عليك ورغبتهم في أن تكوني قريبة منهم، ونحن نريد أن نقول: لا تظني أن العلم في الصغر فقط، الإنسان يستطيع أن ينال هذا العلم، والدليل على صحة ما أقول، أن هناك علماء فضلاء كبار في كل المجالات ربما ليس لهم شهادات، وربما لهم شهادات متواضعة، فالعبرة بالاجتهاد، بل هذه الشهادات وطرق التعليم هذه ربما تحبط الإنسان، لكن ولله الحمد أنت وصلت لمرحلة تستطيعين أن تفهمي وتدرسي وتستوعبي، وما عليك إلا أن تصادقي الكتب والمراجع، وتستفيدي بعد ذلك من هؤلاء الأساتذة الذين أن الواحد منهم لو ترك سيكون مهملا، لكن عندما يسأل فإنه سيعطي الإجابة ويعطي التوجيه الشرعي السديد، فهؤلاء نحن نلومهم على هذا، لكن نلوم أيضا على الطلاب وروحهم في طلب العلم، الذين ربما هم الذين أثروا على الأساتذة، فهم لا هم لهم إلا أن ينجحوا، لا يريدون من الأساتذة العلم، فقط يريدون الشهادة، لكن هذه شهادة زور نحاسب عليها جميعا، ونقدم للأمة قيادات سيئة إذا تساهلنا مع أمثال هؤلاء.

أما أمثالك من الحريصات مهما كانت الجامعة ومهما كان فيها من فوضى ومهما كان من تهاون من الأساتذة فإن العبرة باجتهاد الطالب، وأنت ولله الحمد مجتهدة، فثقي بما عندك من المعارف، وتواصلي عبر النت معنا ومع المواقع الأخرى ومع الجهات العلمية حتى توسعي مداركك في المجال الذين تريدين أن تتخصصي فيه.

نحن على ثقة أنك - إن شاء الله تعالى – ستكونين رقما في هذا المجال رغم تقصير الأساتذة ورغم عدم وجود البيئة التي تشجع، لأن الإرادة القوية بإذن الله تبارك تعالى، والعزيمة والإصرار ينتصر على كل هذه العقبات الموجودة.

أقبلي على تعليمك بجد، وتوجهي قبل ذلك وبعده إلى الله تبارك وتعالى، ونظمي وقتك، وحاولي أن تعيشي مع الكتب، وحاولي أن تجعلي الدراسة فعلية حتى لو أرادوها دراسة تمشي كالسلحفاة – مثل ما يقولون – فأنت عليك أن تجعليها دراسة جادة تعيشي مع الكتب وتغوصي في البحث وتستشيري الخبراء من داخل الجامعة ومن خارجها، وتتواصلي معنا ومع المواقع الأخرى التي يمكن أن تفيدك في هذا المجال، حتى تخرجي برسالة علمية وبمؤهل علمي تستطيعين أن تخدمي به البلد، والأهم من هذا هو أنك ستعيدي الأمور إلى نصابها وصوابها، فغدا بهذه الشهادة سيكون لك وضع، وتكون عندك مسؤولية، وعندها تستطيعين أن تكون واضحة جدا مع كل من يريد أن يضيع وقت الطلاب – بكل أسف – من الأساتذة الذين ذكرت أن معظمهم من خارج البلاد، وهذا فعلا يؤلم، مع أننا في بلاد إسلامية وبلاد ينبغي أن يشعر الإنسان أن العلم رسالة كبيرة.

نسأل الله أن ينفع بك البلاد والعباد، وأن يسدد خطاك وأن يجعلك من الناجحين في دنياك وآخرتك.

مواد ذات صلة

الاستشارات