السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلى الله وسلم على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم, أما بعد :
أحيي جميع من ساهم في هذا الموقع وأدعو لهم بالتوفيق والنجاح والسداد في كل أمورهم.
المشكلة أن ربي أعطاني خيالا واسعا ويجب أن أحافظ عليه، لكن مشكلتي الخطيرة والأخطر من الخطيرة هي أني أتخيل شكل الله سبحانه وتعالى، مع أني مع قناعة تامة بأنه ليس هو وأنه ليس كمثله شيء، لكني أيضا أتخيل الرسل والملائكة ولو قلتم لي قصة لتخيلتها مباشرة، فأرجو منكم أن تعالجوا هذا الخيال فأنا على الله ثم عليكم، وأرجوكم أن أجد لديكم الرأي السديد والمفيد كما هو في المعتاد؛ لأني لا أريد أن أحرم رؤية وجه ربي الكريم في يوم الدين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالعزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فمرحبا بك - أيها الولد الحبيب - في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، ونسعد بدوام هذا التواصل.
وما ذكرت - أيها الحبيب - من الخيال الواسع ينبغي أن توظفه توظيفا حسنا بالتفكر فيما يعود عليك بالنفع أو إبداع وإظهار ما يجد من مخترعات أدبية أو غير ذلك، وبهذا النوع من الاستغلال ستنتفع بهذا الخيال انتفاعا صحيحا يعود عليك وعلى أمتك بالمصلحة والنفع.
أما التفكر فيما ليس مجالا للفكر البشري فإنه سيعود عليك بأنواع من الضرر، ومن ثم فينبغي لك أن تجاهد نفسك في حراسة هذه الخواطر التي تخطر لك وتدعوك إلى التفكر في كيفية صفات الباري سبحانه وتعالى، فإن الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، كما أخبر في كتابه الكريم، وكما قال سبحانه وتعالى: {ولم يكن له كفوا أحد}، وقال جل شأنه: {فلا تضربوا لله الأمثال}، وقال: {هل تعلم له سميا}.
فهذه الآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا، قاضية بأن الله تعالى ليس له مثيل، والعقل لا يمكن أن يتصور شيئا إلا وقد رأى مثيلا له أو رآه، ومع عدا ذلك فإنه لا يقدر على تخيله، وكل ما يتخيله العقل من صفات الباري فإنه وهم.
ومن ثم فأنت مطالب - أيها الحبيب - بصرف قلبك عن التفكر في هذا، وحراسة قلبك من هذه الخواطر، قبل أن تفعل في قلبك ما تفعل، فإن صلاح الأحوال والأقوال - كما يقرر العلماء – قائم على حراسة الخواطر، فقد قال ابن القيم - رحمه الله تعالى – وهو يذكر قاعدة جميلة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأقوال والأحوال والأعمال، قال: (وهي شيئان، أحدهما: حراسة الخواطر وحفظها، والحذر من إهمالها والاسترسال معها، فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء، لأنها بذر الشيطان والنفس في أرض القلب).
فاصرف فكرك عن التفكر فيما لا قدرة لك عليه، واصرف فكرك إلى التفكر في آيات الله تعالى التي أمرت بأن تتفكر فيها، آيات الله الكونية التي تحيط بك من جميع جوانبك، بل في نفسك ما يغنيك عن التفكر فيما لا تقدر عليه، فقد قال سبحانه وتعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}، وتفكر في آيات الله المتلوة في كتابه العزيز، فإن فيها ما يدلك على الله تعالى وعلى صفاته وعلى طريق رضوانه.
وبهذا تغنم وتسلم أيها الحبيب، فكلما جاءك خاطر يدعوك إلى التفكر في صفات الله فاصرف نفسك عنه، واشغل نفسك بالتفكر في مخلوقات الله، أو في النظر فيما ينفعك من علم أو عمل، وبذلك تسلم من السير في هذا الطريق.
أما ما عدا ذلك من أنواع الفكر الذي يعود عليك بالنفع كأن تتفكر في إنشاء مقالة أدبية أو غير ذلك من الأعمال فإن هذا باب واسع، فلو أحسنته عاد عليك بالمصلحة.
أما التفكر في كيفية صور الأنبياء وغير ذلك فإنه لا منفعة لك فيه، ومن ثم فإضاعة الوقت في محاولة استحضار صور في الذهن لهم لا منفعة ولا مصلحة ترجى من ورائها، فإضاعة الوقت فيها عبث، وإضاعة للوقت والجهد في غير ما ينبغي أن ينفق فيه، فكن حريصا على ما ينفعك امتثالا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).
نسأل الله تعالى أن يجري على يديك الخير، وأن ييسره لك.