السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوج من 24 سنة ولدي ابن واحد فقط، تزوجت زوجه ثانية في هذا العمر وبعد 6شهور من زواجي الثانية زوجتي الأولي أخذت ابنها وذهبت عند أهلها واشترطت في رجوعها إلى المنزل مرة أخرى أن أطلق الزوجة الثانية رغم جميع المحاولات إلا أنها رفضت وأصرت على طلبها.
سؤالي هو: هل يجوز أن أطلق الزوجة الثانية بدون أي سبب وهي ليس لها ذنب في الموضوع؟ علما بأني لو لم أطلق الثانية سوف أخسر زوجتي الأولى بعد زواج 24سنة مليئة بالحب والتضحية منها لي في أشياء كثيرة جدا، وسوف أخسر ولدي وهو لم يتجاوز12سنة من عمره، وكما تعلمون مشايخنا الفضلاء كم يحتاج هذا الابن لأبيه في هذا العمر، حتى لو طلقت الأولى وعشت مع الثانية سوف أعيش حياة غير سعيدة لبعدي عن ولدي الذي لا أملك في الدنيا غيره، علما أنني طبيا لا أستطيع الإنجاب.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة، وأن يقدر لك الخير حيث كان.
ابتداء أيها الحبيب: لا شك أن موقف هذه الزوجة موقف غير صحيح من جانبين: الجانب الأول خروجها من البيت بغير إذنك إذا كانت تعيش في بيت مستقل عن الزوجة الأولى، فهذا لا يجوز لها، لأنها مأمورة بألا تخرج من بيتك إلا بإذنك، فإذا فعلت ذلك فهي ناشز.
الجانب الثاني: كونها تسأل طلاق ضرتها، وهذا أيضا موقع لها في مخالفة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – إذ قد قال - صلى الله عليه وسلم – في الحديث: (لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها)، وفي هذا تعليم منه - صلى الله عليه وسلم – للمرأة بألا تتعدى هذه الحدود فتطمع في حرمان أختها مما قدره الله تعالى لها، وهذا الحديث فيه استعطاف أيضا للمرأة، فسمى ضرتها أختا، والمقصود بالأخوة أخوة الإسلام.
نصيحتنا لك أيها الحبيب أن تسعى جاهدا أولا في محاولة إصلاح الزوجة الأولى، وتذكيرها بهاتين المفسدتين، المفسدة الأولى: وقوعها في النشوز، وأن هذا مما لا يجوز لها، فإن الوعظ مما أمر الله تعالى به عند نشوز المرأة، كما قال سبحانه وتعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن} فإن الوعظ والتذكير بالله تعالى وبعقابه أمر مفيد.
حاول أن توصل هذه الموعظة بالأسلوب الرفيق، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، واستعمل أساليب التأثير على هذه المرأة كأساليب الاستعطاف، وأنه لا غنى بك عنها وعن الولد، وحاول أن تسلط عليها من أقاربها من له كلمة مسموعة، مع محاولة إسماعها المواعظ التي تذكرها بالله تعالى وبعقابه إن هي أصرت على ما لا يجوز لها، ونحن نظن أيها الحبيب بأن هذا أسلوب نافع - بإذن الله تعالى -
ومما ينبغي أن توعظ فيه هذه المرأة ما ذكرنا من سؤالها – وهي المفسدة الثانية – طلاق ضرتها، وأن هذا مما لا يجوز لها، ومما يعينك أيها الحبيب على إصلاح الحال أن تجتهد في إقامة الحقوق الشرعية بين الزوجتين، ومن أهم ذلك أن تسكن كل واحدة منهما في سكن مستقل بها في مرافقه، بحيث لا تثور الغيرة في نفس واحدة منهما بسبب الاختلاط.
إذا تمكنت من هذا فالحمد لله، وإذا لم تتمكن ورأيت أنك بحاجة إلى المحافظة على زوجتك الأولى وولدك فلا حرج عليك في تطليق الزوجة الثانية، فإن الطلاق في الأصل مباح، وإن كان لا ينبغي أن نصير إليه، ولكن عند حصول مفاسد ينبغي للإنسان أن يدفع المفسدة الكبيرة بأصغرها.
وقبل أن تلجأ إلى الطلاق إن استطعت أيها الحبيب أن تلجأ إلى الإصلاح بأن تعرض على الزوجة الثانية التنازل عن بعض حقوقها في مقابل أن تبقى زوجة، كأن تسقط بعض حقها في المبيت أو غير ذلك من الحقوق التي يمكن أن تتنازل عنها، فإن رضيت بهذا التنازل في مقابل ألا تطلقها فإن هذا جائز، كما أرشدنا الله تعالى إليه في كتابه الكريم، إذ قال: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير).
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.