أختي تقاطع والدها وتكرهه ولا تقتنع بنصحنا.. أرشدونا

0 506

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا عندي أختي متوفاة رحمها الله, وكانت قد طلقت من زوجها وكان عندها بنت، وقد قمنا بتربية هذه البنت وهي ماتزال معنا, وهي في المرحلة الجامعية الآن، المشكلة أنها تكره أباها وأعمامها وعماتها, حيث إنه لم يحس بأنها ابنته, مع أنه أخذها 3 أو 4 مرات معه إلى منزله ومنزل أسرته, ولكنه متزوج وقد تزوج بعد المرحومة باثنتين وطلق الأولى ومعه الثانية, وله منهما صغار ولكنه يحضر النفقة إليها بانتظام, ويأتي ويسلم عليها وهي مصرة على كرهه من غير ضغط منا, وقد قمنا بنصحها بأن هذا هو أبوها, ويجب أن تبره ولكن من غير فائدة, وحتى إنها لا تريد أن تعطيه رقم موبايلها لكي لا يتصل بها.

أرجو النصح والإفادة.

ولكم كل الشكر والعرفان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك أستاذنا الكريم في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يرحم شقيقتك، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وحقيقة أنا سعيد بهذه الاستشارة، ونشكر لكم هذه المشاعر النبيلة، وبشرى لكم بتربية هذه الفتاة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلحها، وأن يصلح أبنائنا وأبناء المسلمين.

وشكر الله لكم أيضا على حسن توجيهها بضرورة أن تبر والدها، وأن تحسن إليه، وأن تصبر على ما حصل، وألا تحاكمه بما حصل بينها وبين أمها، فإن شرع الله أن تبر الأم ولا تعصي الأب، يأمرها بأن تحسن إلى أمها وهي ميتة بالدعاء، وتحسن إلى والدها بالبر والصلة والاهتمام به.

وأرجو أن تعرضوا عليها هذه الإجابة، فإننا نريد أن نقول لابنتنا: لابد أن تبري هذا الوالد، فإنه يظل والدا رغما عن أنوفنا، ويظل والد وله حقوق حتى لو كان غير مسلم، حتى ولو كان على دين آخر، لأن مسألة بر الوالدين والإحسان إليه هي من واجبات هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

فعليها أن تحسن إلى هذا الوالد، خاصة وهو أيضا يواصل بذل النفقة والاحتفاء بها ويعطيها مصروفها، فعليها أن تقوم بواجبها تجاه هذا الوالد: الإحسان، البر، إظهار الود له، الله لا يحاسبها على ما في قلبها، لكن لا يجوز أن تظهر له كرهها، أو تتمرد عليه، أو ترفض الرد على اتصالاته، أو تمنعه من هاتفها، لأن هذه أمور لا تجوز من الناحية الشرعية.

فبر الوالد واجب من واجبات هذا الشرع الحنيف الذي أكرمنا الله به، ومهما حصل بينه وبين والدتها – التي نسأل الله تعالى أن يرحمها برحمته الواسعة – إلا أنها ينبغي أن تعامل الوالد على أنه والد، والأمر كما ذكرتم لها، وأرجو أن تستمروا في تشجعيها ونصحها حتى لا تقع في أمر يغضب الله تبارك وتعالى، فإن رضى الله في رضى الوالدين، وسخط العظيم – سبحانه وتعالى - في سخطهما.

ومهما كان والد الإنسان جيدا أو سيئا فإن الإنسان مطالب بأن يحسن إليه، والقرآن واضح في هذا، قال تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمهما} حتى لو أمرها الوالد بترك الصلاة والصيام والحجاب فإن الشرع يقول {فلا تطعمهما} لا تسمع كلامه طالما كان الأمر معصية لله، لكن لما نكمل الآية: {وصاحبهما في الدنيا معروفا} والحالة هذه: {وصاحبهما في الدنيا معروفا} يعني يحسن إليهم.

وقدوتنا في هذا هم الأنبياء، في لطفهم مع آبائهم، فإن الخليل كان يقول لأبيه: {يا أبت ... يا أبت ... يا أبت ...} يدعوه بلطف، حتى لما زجره وطرده وقال له: {اهجرني مليا} قال الخليل: {سلام عليكم سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا}.

فإذن ينبغي أن تعلم أنها مطالبة بالإحسان إلى هذا الوالد. إذا كان عند الوالد إساءة أو تقصير فهذا بينه وبين الله تبارك وتعالى، أما هي فينبغي أن تعامل والدها معاملة طيبة, وتحسن إليه, وتجتهد في بره وفي الإحسان إليه، لأن هذا هو الواجب الذي يريده هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا وأكرمنا به المولى سبحانه وتعالى.

وأكرر شكرنا لكم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وبشرى لكم بحسن الرعاية لهذه الفتاة، التي نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقها، وأن يرحم والدتها، وأن يعينها على بر هذا الوالد والإحسان إليه، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وأرجو أن تقنعوها بأن تعطي الوالد الموبايل وأرقام هاتفها، ومن ستعطيه الرقم والموبايل إذا لم تعطي الوالد الذي ينفق ويهتم بها ويتواصل معها، بل إننا نشكر مثل هذا الوالد الذي يحرص على الاهتمام ببنته، وهذا واجب عليه، لكن أيضا هناك من الآباء إذا طلق المرأة ترك أبناءه وأضاع ذريته منها وقصر في حقهم، فكون هذا الوالد لا يزال يتواصل مع بنته ولا يزال يحضر لها ما تحتاجه من الأموال، فهذا أيضا يدل على أنه على درجة من الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى التوفيق والسداد للجميع.

ونوصيكم بأن تختاروا الأوقات المناسبة لنصح الفتاة، وتشجيعها، وستعرف قيمة الوالد غدا، فإن المرأة عندما تتزوج وعندما تدخل إلى حياتها عندها ستعرف معاني الأمومة ومعاني الأبوة، هذه المعاني الجميلة ستتعرف عليها بعد ذلك، وعندها ستعرف قيمة الوالد ومكانته مهما حصل منه من تقصير، والمعروف أن البنت تميل لأمها، فلا تلام على هذا، لكن تلام على تقصيرها في حق الأب، لذلك ينبغي أن تحسن إلى أمها وتبرها وتدعو لها بعد موتها وتكثر من الدعاء لها بالرحمة، وعليها كذلك أن تحسن إلى الوالد وأن تدعو له، وأن تعامله المعاملة الحسنة.

نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات