السؤال
امرأة متزوجة وزوجها على خلق ودين، ولكن ابتلي بمشاهدة الأفلام الإباحية بالخفية طبعا، هو لا يعلم أنها تعلم حيث اكتشفته بالصدفة.
حاولت التقرب منه أكثر، والتجمل، وحسن المعاملة، وعدم مصارحتها، لأن ذلك يكسر الحياء الذي بينهما، ولا تريد أن تكسر صورته أمامها، وهي خائفة من الطلاق على بيتها وأولادها، هو يعاملها معاملة حسنة، ويقوم بواجباته تجاه البيت والأولاد.
ما العمل هل تستمر في ذلك؟ وهل سكوتها حرام؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
حقيقة نشكر لابنتنا الفاضلة هذا الحرص على الخير، وهذه الغيرة على زوجها، ونشكر لها هذا الخوف عليه من أن يقع في أمر يغضب الله تبارك وتعالى، وهكذا ينبغي أن تكون الصالحات الطيبات من بناتنا وأخواتنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكثر من أمثالها.
ونشجع فعلا ما قامت به من اهتمام بزوجها والدخول إلى حياته والاقتراب منه ومحاولة إرضائه، وأعجبني حرصها على عدم كسر حاجز الحياء، لأن هذا فعلا من الأمور الهامة جدا، وأيضا ينبغي ألا يشعر أنها تتجسس عليه، وندعوها إلى أن توقف البحث والتنبيش بعد ذلك بعد أن علمت أن هذا المرض موجود وأنه بحاجة إلى علاج.
فعليها أن تستخدم الأدوية بعد ذلك وهي: التذكير بالله تبارك وتعالى، والحض على مراقبة الله تبارك وتعالى، والمناقشة معه في مثل هذه الأمور، والشرور التي تنتشر عبر وسائل الاتصال بطريقة عامة، جلب الأشياء النافعة في هذا الاتجاه إلى البيت من الأشرطة وكتب أو نحو ذلك دون أن يشعر، فهي الآن ينبغي أن تستخدم العلاج دون أن تشير إلى أنها عرفت المرض، ولكن تأتي بهذه الأشياء باعتبارها موجودة في السوق، وعند ذلك نسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينها بصلاحه.
فإذن نحن ندعوها إلى الصبر، ندعوها إلى الإحسان، وطالما كانت علاقة هذا الرجل بها كاملة ويقوم بواجباته على أتم الوجوه، فهذا مؤشر هام إلى أن العلاقة علاقة سطحية، وإلى أن هذا النظر في هذه المواقع لا يتعدى مجرد النظر، وطبعا هذا حرام ومخالفة، لكن أيضا أخف مما بعده، أخف من أن تتطور مثل هذه الأمور إلى ما بعدها، لأن قيامه بواجباته خاصة الواجبات الخاصة بينه وبين أهله إذا كان يؤديها ومندمج مع أسرته ويقوم بواجباته، فهذا يعني أن تلك الأمور قد تكون من جانب الفضول أو هي أشياء سطحية، وهي حرام في كل الأحوال بكل المقاييس، لكن يدل أيضا على أن الأمر لازال سطحيا ولا يزال بحول الله وقوته تحت السيطرة.
فندعوها إلى مزيد من الاهتمام بزوجها، مزيد من التزين له، والمبالغة في إظهار مفاتنها، لأن الآن نحن ننصح الزوجات بأن تبالغ في إظهار مفاتنها ومحاسنها لزوجها، وإذا كانت الأخريات الشقيات أظهرن مفاتنهن بالحرام فلماذا لا تظهر الزوجة ما وهبها الله من جمال في جسدها وفي زينتها؟! لماذا لا تظهر هذه الأشياء وهي مأجورة على ذلك، لأن هذه وسيلة إلى أن يوصلها إلى العفاف ويوصل زوجها كذلك إلى العفاف.
وإن شاء الله لن تصل إلى مرحلة الطلاق، طالما كانت الأمور بهذه الطريقة وخاصة أيضا بعد أن شعرت بالمرض وبدأت تستخدم وسائل العلاج والنصح غير المباشر، إذن هي عليها أن تستمر بهذا العمل، وهي في الحقيقة ليست ساكتة، إنما كل هذه محاولات، وما هذه الاستشارة والتواصل مع موقعها إلا دليل على أنها مهمومة، ودليل على أنها تقوم بواجبها في النصح.
أكرر دعوتها إلى المحافظة على حاجز الحياء، وأصلا الطبيب بعد أن يعرف المرض لا يعيد الفحص، ولا يعيد التنبيش والبحث بعد ذلك وإنما يبدأ العلاج، فعليها أن تبدأ في العلاج وتظل هكذا الأمور مظللة بحاجز الحياء، فهو مهم جدا، وأيضا أعجبني أنها لا تريد تكسر صورته أمامها، لأنه إذا عرف أنها عرفت لا ندري كيف تكون ردة الفعل، قد يتمادى وقد يعتذر لها وهذا الانكسار قد يستحي منها ويخجل فيكون ضعيفا أمامها، قد يفسر أي نظرة أو أي كلام في هذا الاتجاه السلبي بكل أسف، وقد يأتيه أيضا عزة بالإثم - عياذا بالله – فيكابر ويقول (ما دامت عرفت) فيظل ويستمر رغم عن أنفها.
وفي كل الأحوال ليس هناك مصلحة في مصارحته، وليس هناك مصلحة في خروج هذا الأمر إلى حيز العلانية، فهي عرفت هذا الأمر ندعوها إلى أن تتوقف أولا عن البحث مرة ثانية عن التجسس عليه، وإنما تبدأ العلاج وتبدأ تقترب منه، وسيبلغ العافية بحول الله وقوته، فإن قلوب الزوج وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها، فعليها أن تتوجه إلى مصرف القلوب وتجتهد في الأشياء الإيجابية التي تقوم بها، بأن تدخل إلى حياته وتقترب منه.
وإذا شعرت أنه يتمادى وأنه يستمر في هذا الأمر، فلا مانع بعد ذلك من محاورة القضية ومناقشتها من خلال كتاب من خلال شريط، وأن تظهر استغرابها كأن تقول (سبحان الله، هل يوجد على وجه الأرض رجال يمكن أن يفعلوا مثل هذا، وكيف الإنسان يستطيع أن يفعل هذا، وكيف يترك الرجل الحلال الذي أعطاه الله ليمارس الحرام، أتستبدلون الذي أدنى بالذي هو خير) ونحو هذا الكلام، لأن فيه مبشرات إيجابية يمكن إذا تمادت المسألة.
وإذا شعرت أنه لا يحدث تحسن يمكن أن تناقش هذه القضية من هذا المنطلق، ونحن نفضل أن تكون المناقشة من خلال مقال في جريدة، من خلال شريط نأتي به إلى البيت، من خلال كتيب يشترى ويوضع في البيت، وبعد ذلك يمكن أن نناقش ما فيه، كأن تقول (والله أنا قرأت قصص عجيبة) وهناك قصص مؤلفة للذين دخلوا هذا النفق المظلم، والنهايات المرة التي وصلوا إليها.
فإذن نحن نريد إذا كانت هناك مناقشة، ونتمنى ألا تحتاج إلى هذه المناقشة، لكن إذا احتاجت إليها ينبغي أن تكون بأسلوب قصصي غير مباشر، وعليها أن تقترب من زوجها، وأيضا - إن شاء الله تعالى – لا تسارع إلى طلب الطلاق مهما كانت الأحوال، لأن بعدها عنه قد يعمق هذه الأشياء السالبة، وهدفها وهدف كل مسلم أن يهدي الناس، فكيف إذا كان الذي نطلب له الهداية هو الزوج وهو أبو العيال وهو راع البيت، فعليها أن تصبر عليه، وأن تحسن إليه، وأن تقترب منه، وأن تدعو الله تبارك وتعالى لنفسها وله، وأن تحذره من مواقع السوء ومن أصدقاء السوء، لكن بطريقة غير مباشرة كما مضى معنا.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمها السداد والرشاد.