السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من مشكلة ظن السوء في كل شيء، وأرغب في التخلص منها، لكنني لا أستطيع! خاصة عندما أمشي في الشارع وأرى أناسا جالسين، فأشعر بصعوبة في المرور بينهم، وإذا مررت بهم بعد تشجيع وتحفيز من نفسي، يراودني شعور قوي بأنهم يغتابونني مائة بالمائة، أحيانا يتضح لي من تصرفاتهم أنهم ينظرون إلي ويضحكون!
لا يهمني إذا اغتابوني، لأنني -إن شاء الله- سآخذ أجرهم، لكن السؤال الذي يؤرقني هو: لماذا يحدث لي هذا الموقف؟! أريد أن أتخلص من هذا الشعور، وأرغب في أن أنسى تماما، وأمر بينهم براحة بال، فهل يمكن أن تعطوني كلمة أو نصيحة أكررها عندما أواجه مثل هذه المواقف؟ قبل أن أذهب إلى أي دعوة أو حفلة زواج، أشعر بمغص قوي في بطني، حتى قبل أن أدخل.
والمشكلة الثانية هي علاقتي بخالاتي وأولادهن، حيث أشعر بالكراهية تجاههم منذ الطفولة، بسبب تصرفاتهم غير اللائقة معي، مثل: الاستهزاء، أو التصرفات التي لا داعي لها، وكم مرة تعرضت للصفع منهم، وعندما كبرت، بدأت أتجنبهم، وقللت من زياراتي وتواصلي معهم، رغم أنني أفكر في الذهاب، لكن شعوري بالغصة يلاحقني قبل أن ألتقي بهم.
أنا شخص كثير التفكير في المستقبل، وأتساءل هل هذا التفكير نعمة أم نقمة! دائما ما أفكر في العمل، أو شراء منزل، أو البحث عن زوجة، أو سيارة، وهكذا.
إذا شعرت بالفشل فجأة، أو غضبت فجأة، بدأت بالبكاء، فماذا يجب أن أفعل؟ أحتاج إلى حل سريع.
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abood حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إن مشاكلك أو الصعوبات الأربعة التي ذكرتها متداخلة مع بعضها البعض، فأنت مشكلتك الأساسية هي افتقاد الثقة في الآخرين، وسوء الظن، وسوء التأويل للمواقف، وهذه من وجهة نظري ربما تكون سمة أو صفة من سمات وصفات شخصيتك، حيث إن الإنسان يمكن أن يكون بطبعه شكاكا وظنانا.
الأمر الآخر: هو أنك لا تحس بالارتياح في المواقف الاجتماعية حين تذهب إلى دعوة أو زواج مثلا، ذكرت أنه يأتيك مغص في البطن، هذا دليل على وجود قلق من درجة بسيطة، نسميه بالرهاب الاجتماعي.
كراهيتك لخالاتك وأبنائهن أعتقد أنها ناشئة من سوء الظن أيضا، والمشكلة الأخيرة التي ذكرتها: التفكير الدائم في المستقبل، وأنك تفكر في وظيفة، وشراء منزل، والتفكير في الزوجة وشراء سيارة، أعتقد أنه جزء من حالة القلق العام التي تعاني منها، والتفكير في المستقبل قطعا هو أمر إيجابي، لكن في ذات الوقت يجب أن يكون بصورة منطقية، ولا يكون شاغلا للإنسان دائما.
العلاج يتطلب منك أن تسعى لأن تكون لك صحبة طيبة، الصحبة الطيبة الخيرة من الشباب الملتزمين، والمصلين، وأصحاب الخصال الطيبة، يجعلك تحس بالأمان وتحسن الظن في الناس -إن شاء الله تعالى–، ويجب ألا تقبل هذه الأفكار السيئة، أفكار سوء الظن، يجب أن تردها، يجب أن تقاومها مقاومة شديدة، وتقول لنفسك: إن سوء الظن ليس من حسن الخلق، والمسلم يجب أن يحسن الظن في الناس، وهذا ما أمر به الله تعالى وأمر به رسوله -صلى الله عليه وسلم -، وهكذا.
إذن أنت مطالب مطالبة شديدة جدا بأن تكون محسنا للظن، ولا تقبل الأفكار بهذه الصورة السلبية، الإنسان يمكن أن تتسلط عليه أي أنواع من الأفكار، هذا لا يعني أن نقبل كل شيء، لا، الله عز وجل أعطانا الفكر، وأعطانا البصيرة؛ لأن نميز ما هو صالح ونتقبله، وأن نعين ونتفكر فيما هو سلبي ونرفضه، فالأمر يتطلب منك ترويض النفس وتهذيبها، وترويض النفس وتهذيبها دائما يأتي من خلال الدين والوازع الديني.
الإنسان إذا أحسن عقيدته، وكانت له صحبة طيبة ورفقة، واطلع على كل ما يتعلق بمكارم الأخلاق، وطبع نفسه عليها، أعتقد أن كل الأمور السلبية سوف تختفي عنه تماما.
شعورك السلبي حيال خالاتك وعيالهن –كما ذكرت– يجب أن تبغضه، ويجب أن ترفضه، هؤلاء أرحام، والله تعالى وصى بالرحم وزجر عن قطعها، فقال: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}، فجعل من فساد الأرض قطع الأرحام، وهم ممن لعنهم الله، وأيضا قبول الفكر السلبي نحوهم يجب أن تقاومه، ويجب أن ترفضه، ويجب أن تعاقب نفسك بعض الشيء، لا تترك نفسك ومشاعرك هكذا، يجب أن تصد الشعور السلبي، و-إن شاء الله تعالى- تستبدله بشعور إيجابي.
أرجو أيضا أن تركز على ما هو مفيد، ركز في دراستك، لتحصل على أعلى الدرجات التي تفيدك، أنت في مرحلة التكوين، والتكوين الأولي جدا، وهذا يتطلب منك الجهد والاجتهاد حتى تكون -إن شاء الله تعالى- إنسانا متميزا واجتماعيا، وتكون من أصحاب الأخلاق الرفيعة والمكارم، وأن تحسن عشرة الآخرين، وتحسن الظن بهم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.