كيف أكسب ود صديقي دون أن يستغلني؟

0 531

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يوجد لدي صديق أحبه ويحبني، ولكن عيبه أنه مادي إلى أبعد الحدود، وهو يستغلني ويريدني دوما أن أصرف عليه.

في الحقيقة أن حالتهم المادية متدنية كثيرا، ولكنني بدأت أتضايق من استغلاله، فكيف أستطيع تنبيهه ووضع حد لهذا الاستغلال من غير أن أخسر صاحبي هذا فهو عزيز علي؟

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا يخفى عليك أن منزلة الصديق منزلة رفيعة حتى قال عمر: (ما أعطي الإنسان بعد الإسلام أفضل من صديق حسن يذكره بالله إذا نسي، ويعينه على طاعة الله تبارك وتعالى إن ذكر)، فالصديق له منزلة رفيعة جدا، ولذلك الإنسان ينبغي أن يحسن اختيار الأصدقاء، ويراعي فيهم الدين والخوف من الله تبارك وتعالى، والصداقة المقبولة المحمودة في عواقبها هي ما كانت في الله ولله وبالله وعلى مراد الله، وأن أي صداقة لا تقوم على هذه المعاني تنقلب في الآخرة إلى عداوة، قال تعالى: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين).

إذا كان هذا الصديق من هذا النوع ممن يخاف الله، ممن يتقي الله تبارك وتعالى، وإذا كان في الصداقة في أصلها تقوم على الحب في الله والتآخي في الله تبارك وتعالى، فلا مانع من أن تصبر عليه وتستمر على هذا الوضع، لأنه أصلا الصداقة لها أهداف أخرى، لكن المهم هو أن يكون الأساس هو الإيمان والأساس هو النصح والتواصي بالحق وبالصبر، أن تكون العلاقة في أصلها في الله وبالله وعلى مراد الله.

لكن بعد ذلك قطعا الصديق يستفيد من صديقه في بعض الأحوال، وإذا كانت حالته المادية ضعيفة فمن سيعينه إن لم يكن الصديق، من الذي يمكن أن يساعده إن لم يكن الصديق هو الذي يساعده، وأنت بين أحد رجلين، هنالك من الأصدقاء من يأخذ من الإنسان لكنه شاكر يثني على الإنسان يعترف بهذا الفضل ويعترف بهذا العطاء ويشكر هذا التواصل والاهتمام به وباحتياجاته، وهناك إنسان لا يبالي ولا يشكر، ودائما همه اللوم والطلب والرغبة، فالفرق في التعامل بين هذا وذاك كبير، ولكن في كل الأحوال نحن نتمنى أن نعرف أولا هل هو في حاجة، الأمر الثاني هل يقوم بالشكر لما تعطيه وتتفضل عليه، الأمر الثالث: هل أنت تنتفع منه في جوانب أخرى، وهل جربته مثلا في جوانب أخرى؟ هل طلبت مساعدته في حمل أشياء أو في توصيل أشياء أو في تقديم خدمات وكان متجاوبا؟ أيضا ما هو عمر هذه الصداقة؟ وما هي إيجابيات هذه الصداقة؟ أنا أريد أن أعرف هذه الأشياء حتى تكون الإجابة واضحة.

ونحن نتمنى ألا تخسر هذا الصاحب، وكما قال معاوية (لو كان بيني وبين الناس ما قطعتها) فأنت لن تستفيد من القطيعة، ولكنك تستفيد من الوصال، ومن حق أي إنسان إذا شعر أن أمواله قليلة أن يحمي أمواله وأن يعطي بالمقدار المطلوب، وأن يتعامل مع مثل هذه الحالات حسب الوضع المقبول الذي يستطيع أن يقوم به ويؤديه.

إذا كان المسلم مطالبا أن يساعد أي إنسان، يساعد كل محتاج، فكيف إذا كان هذا المحتاج هو الصديق الحميم، كيف إذا كان هذا المحتاج هو الصديق العزيز.

إذن يجب أن تبعد عن نفسك هذه الفكرة، ونحن سنكون سعداء إذا وصلتنا إجابة عن تلك التساؤلات، هل هناك خدمات متبادلة؟ هل يشكرك عندما تقدم له خدمات؟ الأسئلة التي قدمناها لك أرجو أن تأتينا إيجابيات حتى تتضح لنا الرؤيا كاملة.

وأيضا الإنسان ينبغي أن يدرك أن مسألة الصداقة هي أخذ وعطاء، ولكن ليست كتعامل التجار، التجار واحد بواحد، وواحد زائد واحد يساوي اثنين، لكن الصديق يعطي ويتفضل بلا حساب، طالما كانت الصداقة في الله وبالله ولله، والصديق الثاني ينبغي أن يشكر ويمدح ويثني وأيضا يحاول أن يقدم خدمات أخرى من نوع آخر كأن يعلمه أشياء لا يعرفها، يساعده إذا احتاج، يقرب له البعيد، والحياة تبادل والناس للناس من بدو وحاضرة بعضهم لبعض وإن لم يشعروا خدم.

ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وأن يديم بينكما الود، وأن يجعل هذه العلاقة في مرضاة الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تستخدموا هذه العلاقة في النصح والإرشاد، وكل واحد يذكر الآخر بمواطن النقص، فإن أخاك أخاك من نصحك في دينك، وبصرك بعيوبك وهداك إلى مرشدك، وعدوك عدوك من غرك ومناك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات