حقوقي كامرأة مسلوبة فمن يعيدها لي...أرجو المساعدة؟

0 371

السؤال

السلام عليكم.

أنا ندى، عمري 22 سنة، أحس باكتئاب مستمر، قرأت أنواع الاكتئاب، وطابقت مواصفات الاكتئاب المجازي، أتمنى أن أتخلص منه؛ لأنه يجعلني أبعد عن الناس، ولما أبعد يصعب علي التعامل معهم.

أحس بالضعف وعدم الأمان، يعني أنا كامرأة ليس لي أبسط حقوقي، ولا أعرف من الجهة التي يمكن أن تساعدني، حيث تعودت أن أسكت عن حقي من أجل أنه لا يوجد حقوق للمرأة في عالمنا العربي.

تعبت كثيرا من أهلي، وسنين وأنا أسكت من أجل بر الوالدين، تمنيت أن لم أكن عربية، لا أحد يحترم حقوقي، أنا شبه سجينة، وتحت ضغط فظيع.

تقدم لي عريس، وافقت من أجل الهرب من البيت، لكني أحس أني سأرجع لسجن أكبر، واكتئاب أكثر، علما أني إنسانة قريبة من ربي محافظة أفتخر بديني الذي ينصف المرأة، ويعطيها حريتها، وحقوقها لكن للأسف بدون تطبيق.

أريد جهة تساعدني، وترد لي حقوقي، تمر علي أيام أتمنى أكسر الجدار، وأهرب أي مكان، فقدت رغبتي في الحياة، وصار أملي الموت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وحقيقة نحن سعداء بأنك عرفت على يقين أن هذا الإسلام يعطي المرأة حقوقها كاملة، بل لا يوجد دين على وجه الأرض يكرم المرأة كما هو الحال في هذا الإسلام الذي أكرمها أما فجعل الجنة تحت قدميها، وأكرمها بنتا وأختا فجعل الجنة لأحسن البنات والأخوات، وأكرمها حفيدة فقد حمل النبي - صلى الله عليه وسلم – أمامة بنت زينب في صلاته يرفعها إذا نهض ويضعها إذا سجد، وكأنه أراد أن يعلن ذلك التكريم أمام الذين كانوا بالأمس يدفنون البنت، وهي حية، وأكرمها كذلك زوجة فقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يرفع الجهل عن كاهل المسلمين، وأن يرفع الظلم عن كاهلهم، ولكننا نقول لك ابنتنا: نحن نعيش في هذا الواقع، ولا أظن أن الصورة قاتمة بهذه الطريقة التي تنظرين بها، واعلمي أن في الحياة أخيار، وفاضلات، وانظري للحياة بمنظار جديد، وبثقة في الله تبارك وتعال المجيد، فإذا تقدم لك الخاطب صاحب الدين، وصاحب الأخلاق، فإن هذا الدين يخوفه بالله تبارك وتعالى ويربطه بالله تبارك وتعالى إذا كان صاحب دين، لا يمكن أن يتعرض لظلمك، أو الإساءة إليك أو التقصير في حقك.

وندعوك كذلك إلى أن تخرجي من هذه العزلة، ولكن إلى مراكز النساء، إلى مراكز التحفيظ، إلى دور العبادة والطاعة إلى الله تبارك وتعالى، إلى التواصل الإيجابي مع الداعيات العالمات الفاضلات، واللائي حقيقة حققن نجاحات كبيرة في البلد الذي أنت فيه وفي غيره من البلاد، فهؤلاء يجبن الأقطار داعيات إلى الله تبارك وتعالى يبلغن هذا الدين، يقمن المؤتمرات لتدبر كتاب الله تبارك وتعالى، وهؤلاء نساء نجحن في نفس المجتمع، وهذا النجاح حولنه إلى خدمة هذا الدين الذي يشرفنا الله تبارك وتعالى به.

فلا تسجني نفسك مع الجدار، ولكن احشري نفسك في زمرة الصالحات، وتوجهي إلى رب الأرض والسموات، وتذكري أن عليك دورا، كما أن علينا دورا، نحن الذين تعلمنا، ومنحنا الله تبارك وتعالى معرفة، علينا مسؤولية في تغيير هذا الواقع الذي يحدث، في تغيير هذا الواقع الذي لابد للإنسان أن يقول فيه كلمة ترضي الله تبارك وتعالى، وهذه مسؤوليات المتعلمين من الرجال ومن النساء، ونحسب أن الأمور -لله الحمد- تسير وتمشي بطريقة طيبة، وسنصل - إن شاء الله – إلى الغايات الجميلة التي نعكس من خلالها التطبيق الفعلي لهذا الدين كما أشرت من خلال هذه الاستشارة.

وأرجو أن تتعوذي بالله من الشيطان، ومن الأفكار التي تأتيك، من أن تكسري الجدار، وتهربي إلى أي مكان، والمسألة ليست بهذه الدرجة، خاصة وأنت ممن تحافظ على دينها، وترتبط بالله تبارك وتعالى، فإن الإنسان إذا ارتبط بالله ورضي بقضائه وقدره وواظب على ذكره وشكره، يمكن أن يكون أسعد الناس، وشيخ الإسلام ابن تيمية حتى لما كان في السجن بذكره وطاعته لله، كان سجنا فعليا، لكنه كان يقول: " ماذا يفعل أعدائي بي فجنتي في صدري، فسجني خلوة، وقتلي شهادة، ونفي سياحة " وكان يقول: " المحبوس من حبس قلبه عن الله تبارك وتعالى ". فمن يحول بين قلبك الطاهر وبين التوحيد وبين الذكر وبين المراقبة وبين حلاوة الطاعة لله تبارك وتعالى؟!

وأرجو أن أصحح عندك فكرة مهمة: لا تفكري بالرضا بأي رجل لمجرد الرغبة في الخروج، ولكن عليك أن تحسني الاختيار كما على الرجل أن يحسن الاختيار، فاطلبي صاحب الدين وصاحب الأخلاق، وكوني واثقة أنك تنتقلي إلى خير، وأنك تنتقلي إلى طاعة الله تبارك وتعالى، وغدا - إن شاء الله – سيأتيك الزوج الصالح، وستمتلئ حياتك بالأطفال وبالبهجة وبالسرور، وهناك عليك أن تبدئي دورة جديدة، ورحلة جديدة في تصحيح المفاهيم عبر تربية الأولاد، والبنات، (ناضجين) يراقبون الله تبارك وتعالى ويتقونه، ويحرصون على تطبيق هذا الإسلام الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

والمرأة تستطيع أن تفعل الكثير، لأنها تخدم دينها بنفسها، وتخدم دينها بالصالحين والصالحات التي تخرجهم ويسر بهم رسولنا - عليه صلوات الله وسلامه - .

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يقدر لك الخير، ونتمنى أن نسمع عنك الخير، وأرجو أن تتخلصي من هذه النظرة السوداوية، فأنت مؤمنة وأنت واثقة بالله تبارك وتعالى، ولا أظن أن الوضع كما قلت وإلا فملايين النساء سعيدات في البيوت ولله الحمد، وحتى هؤلاء الذين يحجزون المرأة لهم أيضا جوانب يشعر أنها أم وأنها غالية وأنها درة عندهم، فلا أعتقد أن الصورة بهذه القتامة، وإذا كانت كذلك فإن في الصبر علاج وفي الرضا بالله تبارك وتعالى وبقضائه وقدره أيضا طمأنينة وسعادة، فإن السعادة ليست في الأموال وليست في التبرج، وليست في المناصب، ولكن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضاء الله وقدره، المواظبة على ذكره وشكره، القائمة على منهج هذا الدين العظيم الذين شرفنا الله تبارك وتعالى به.

نسأل الله أن يسعدك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ووصيتنا لك بالتقوى، ووصيتنا لك بالمواظبة على الصلاة والذكر، ووصيتنا لك بالخروج إلى مراكز التحفيظ، وأماكن الدعوة، والتواصل حتى مع المواقع النسائية الآمنة، والدخول إلى الغرف الصوتية التي فيها تواصل مع الداعيات، والخير كثير -ولله الحمد-، فأقبلي على ذلك الخير، ونسأل الله لك التوفيق، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرفع الجهل عن كاهل هذه الأمة.

مواد ذات صلة

الاستشارات