السؤال
السلام عليكم.
ابني يبلغ من العمر 9 سنوات، وعنده عدة مشاكل نفسية، وهي كالآتي عصبي جدا، كثير الحركة جدا، صعوبة في التأقلم مع الغير حيث كلما خرج ليلعب حدثت له 100 مشكلة مع الأولاد، فيرفضونه، لا يستطيع أن يدافع عن نفسه بسبب خوفه حتى إخوته دائما يتشاجر معهم.
مع العلم أن طفولته كانت صعبة؛ لأنه كان لا يخرج إلا نادرا، وأنا وأبوه نتشاجر أمامه، وهو أكبر أبنائي، وعنده 4 إخوة ترتيبهم 8 ثم 7 ثم 5 ثم 3، علما بأنه متفوق دراسيا، بل ذكي جدا، منذ صغرهم عودتهم على الخطابة، وبالتالي هو عنده القدرة على الإلقاء أمام الجمهور بنجاح وبثقة.
ذاكرته قوية جدا، يسأل بشكل كبير، عنده التأتأة، والتبول اللاإرادي، حاولت تربيته بإتباع الأساليب الحديثة ففشلت،أحس بالذنب أتألم بشدة لرؤيته يعاني.
أرجوكم، هل هناك أمل في علاجه؟ وخاصة مشكلة الاندماج مع الأقران؛ لأنها تؤلمه جدا، وتحرقني، خاصة أنني أقرأ دائما أنه بعد مرور 7 سنوات الأولى يصبح العلاج مستحيلا، أرجوكم أجيبوني، هل هناك أمل؟ وكيف الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الرحيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فلا شك أن التربية لها أصول معروفة لدى الآباء والأمهات، في بعض الأحيان يصعب التطبيق وفي أحيان أخرى يكون الجو الأسري غير مهيأ لنشأة الطفل تنشئة سليمة.
الذي ألاحظه – الحمد لله تعالى – أن أسرتك بخير، وعوامل الاستقرار موجودة، وهذا - إن شاء الله تعالى – يفيد ابنك. بقي أن نعرف هل هناك مشكلة تتعلق بهذا الابن على الصعيد الشخصي؟ مثلا: هل هو يعاني من علة فرط الحركة؟ لأن فرط الحركة قد يظهر في شكل حركة زائدة، أو تشتت في الانتباه، أو أن الطفل يكون عصبيا وانفعاليا ومندفعا، والاندفاع يؤدي إلى المشاكل مع أقرانه مما ينتهي برفضهم له.
ابنك له إيجابيات كثيرة، لكن هذه هي السلبيات التي تزعجك. الخلافات التي كانت بينك وبين والده يجب أن تطوى صفحتها، ولابد أن يكون هنالك تفاهم ما بينك وما بين زوجك في أن يهييء الجو السليم المعافى للأطفال، وحتى إن كانت هنالك خلافات وشجارات فيما بينكما يجب ألا تكون أمام الأطفال.
الطفل الذي يفقد الأمان تظهر لديه بوادر عدم الاستقرار النفسي ويكون ذلك في شكل ضعف أكاديمي، أو انفعالات زائدة، أو عصبية، أو انزواء، كما أن تبوله اللاإرادي نشاهده كثيرا عند الطفل الغير مستقر نفسيا، وإن كان في بعض الأحيان قد تكون هنالك أسباب أخرى.
الذي أرجوه هو أن تجتهدي أكثر بأن تشعري ابنك بالأمان، أن تلاعبيه – هذا مهم جدا – أن تجعليه يطور مهاراته البسيطة مثل ترتيب خزينة ملابسه، ترتيب فراشه في الصباح، تحضير متعلقات المدرسة ليلا، وأيضا أن يستفاد من الألعاب التي تحمل الصفات التعليمية، هذا يطور الطفل كثيرا من الناحية السلوكية، -وإن شاء الله تعالى- يقبل من الأطفال الآخرين تدريجيا.
تعديل السلوك من أهم أساسياته: تشجيع الطفل، وتحفيزه، وذلك من خلال إثابته وتشجعيه، وإعطائه بعض الحوافز ذات الطابع المادي، بشرط أن تكون مشترطة، أي أنها تعطى كمحفزات في حالة الإنجاز، وتمنع في حالة الإخفاق أو سوء السلوك.
إذا كان بالإمكان أن تذهبي بطفلك لطبيب نفسي متخصص في الطب النفسي للأطفال هذا سوف يكون جيدا، والطبيب سوف يركز كثيرا على التأكد من إن كان عند الطفل فرط الحركة أم لا.
عموما أنا لا أرى مؤشرات قوية من أنه يعاني من هذه العلة (فرط الحركة)، لكن كما ذكرت لك في بداية هذه الإجابة أن داء فرط الحركة الزائدة من أكبر أسباب العصبية والاندفاع الزائد لدى الطفل.
وعموما حتى وإن وجدت فخطوة العلاج متشابهة: إشعار الطفل بالأمان، تحفيزه، التركيز على إيجابياته، إتاحة الفرصة له للعب – من حق الطفل – ومساعدته في إدارة شؤونه، وكذلك وقته، وإذا كان داء فرط الحركة واضح، هنالك أدوية تعطى لعلاج هذه الحالة.
ما قرأته من أنه بعد مرور سبع سنوات يصبح العلاج مستحيلا؟ .. هذا ليس صحيحا، السلوك السلبي مكتسب والسلوك الإيجابي أيضا يمكن أن يكتسب، فقط يكون هذا من خلال الآليات السلوكية المعروفة التي تقوم على التحفيز لما هو إيجابي، وتجاهل ما هو سلبي، والتوبيخ في حالة الأخطاء الجسيمة. هذه معادلة تربوية مهمة، ولابد أيضا أن يعامل الطفل معاملة واحدة من جانب الوالدين.
هنالك فرصة كبيرة جدا أن يكون هذا الطفل إيجابيا لأنه الأكبر؛ ولأنه له مقدرات، فركزي على هذه الجوانب، وإن شاء الله هذه تساعد في تخطي العقبات التربوية التي يعاني منها.
التغيير يمكن أن يحدث في أي وقت، والتغيير هو دائما أمر تراكمي، يعني أنه يتطلب وقتا، فلا تنزعجي، لكن ابدئي مع طفلك بجدية، وتحدثي مع والده في أمور التنشئة الصحيحة للأبناء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله أن يجعل أبناءكم قرة عين لكم، وأن يحفظ هذا الابن من كل شر وسوء.