السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب أبلغ من العمر 23 عاما, مشكلتي في تكوين العلاقات والصداقات, أنا أقضي وقتي على الإنترنت, وليس لدي أي صديق قريب مني، كلها علاقات محدودة, ولا أكاد أجلس مع صديق إلا بعد عدة شهور أو سنين, كان لدي أصدقاء يتصلون ويقضون ساعات معي, ولكنها بسبب مصالح خاصة, وما إن انتهت هذه المصالح إلا وتوقفوا عن الاتصال بي.
مشكلتي: أني لا أحب الجلوس في مجموعات كبيرة، ودائما أحب أن يكون الحديث بين 2 أو 3 أشخاص فقط, مشكلتي أني لا أستطيع أن أطور علاقاتي، فمن الممكن أن أقضي سنين في الجامعة مع أصدقائي ولكن علاقتي تبقى في الجامعة, ولا أود الاتصال كثيرا بهم, أو أن أطلب منهم أن يرافقوني إلى أماكن؛ لأنهم لا يعتبروني صديقا مقربا.
علما بأن الكل يشهد لي بالأخلاق, وسمعتي جيدة, ولكنهم لا يعاملونني ولا أعاملهم على أننا أصدقاء مقربون، ولدي مشكلة أخرى وهي: عندما أتحدث دائما ما يكون كلامي في نفس الطريقة، لا أستخدم تعبيرات وجهي, ولا نمط الكلام للتعبير عن حديثي, وأخجل من ذلك ومن تغيير صوتي, مع العلم أن هذا شيء مطلوب, ونراه عند أكبر الشخصيات.
وأيضا عند ردودي على أصدقائي أثناء الحديث، وبعد أن أذهب للمنزل أقول في قلبي: لماذا كان ردي على الموقف الفلاني غير جيد؟ ولم لم أرد بصورة أفضل؟
لا أظن أني أعاني من الرهاب الاجتماعي؛ لأني لا أتعرق ولا أخجل كثيرا إلا بشكل طبيعي, مع العلم أن لي علاقات ناجحة عبر الإنترنت, وأعتبر شخصية محبوبة في الإنترنت لأني أعبر عن نفسي جيدا, وكونت بعض العلاقات عن طريق الإنترنت, ولكنها لم تأت لي بصديق قريب مني، علما أني لا أحب أن يكون لي صديق يتكلم من ورائي, أو لا يقدر صحبتي معه.
أما على الطبيعة فأنا مختلف قليلا, وشخصيتي في الإنترنت أكثر اجتماعية ونجاحا، وأنا أريد أن أخرج مثلا, وأريد أن أذهب إلى أماكن الترفيه، وأريد أن أدخل ناديا رياضيا, ولكن ليس لدي أحد يرافقني.
أريدكم أن ترشدوني إلى طريقة لتكوين علاقات ناجحة, فلقد تعبت من بقائي بدون أصدقاء, ومثلكم يعرف قيمة الصديق في الحياة.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بوبدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على الكتابة إلينا، ويسرنا التواصل معك.
صحيح أنه من صعوبات الحياة أن يعيش الإنسان وليس أمامه صديق يصدقك وتصدقه!
إن الكثير مما وصفت في سؤالك أمر عادي بالنسبة للكثير من الناس، وربما سبب ذلك هو أن نفرق بين الزملاء وبين الأصدقاء، فالزميل هو الذي يزامل في العمل أو الدراسة، وربما لا ترتبط به بعلاقة خارج هذه الدائرة، بينما الصديق هو الذي في الغالب تربطك به علاقة خارج العمل أو الدراسة، وهو من اسمه "صديق" يصدقك الحديث وتصدقه، وربما تبوح له بالكثير من تفصيلات حياتك النفسية والفردية والأسرية والاجتماعية، بينما قد لا تتحدث بالكثير من هذا مع زميلك في الدراسة أو العمل.
وكثير من الشباب تربطهم ببعض زملائهم في المدرسة أو الجامعة أو العمل، بينما أصدقاؤهم هم من خارج هذه الدائرة، ولا عيب في هذا، وفي حالات قليلة, ربما قد تنتقل العلاقة من الزمالة إلى الصداقة، وخاصة عندما تقوى العلاقة مع الزميل، ومن الطبيعي عند كثير من الناس أن يرتاح الواحد منهم أكثر للجلوس والحديث مع شخصين أو ثلاثة، فهذا عندهم أفضل من الجمع الكبير، وأرجو الانتباه أيضا أن بعض الصعوبات التي تعيشها ليست لها علاقة مباشرة بك وبشخصيتك، وإنما تعكس طبيعة عيش شاب مسلم في المجتمع الأمريكي، وموضوع الهوية والتكيف والاندماج.
فمهما صاحبت من الناس فقد تختلف معهم في الكثير من المواقف والأفكار، وخاصة إن كانوا من الأمريكان غير المسلمين، فأرجو أن لا تعتبر هذا يعكس شخصيتك، بل على العكس قد يعكس قوة الشخصية والتميز بالإسلام, وأرجو أن تحرص على الاختلاط بالشباب المسلم في المجتمع الأمريكي، بالرغم من الصعوبات التي تعيشونها منذ أحداث سبتمبر 11.
تابع علاقاتك مع واحد أو اثنين أو ثلاثة ممن ترتاح لهم، سواء كانوا زملاء عمل أو غيرهم، وتابع هذه الصلة بالصدق والود والاحترام المتبادل، واسمح للناس أن تتحكم بهم أحيانا بعض المصالح، وهكذا هو حال الكثير من الناس "حكلـلي لحكـلــك"، ولكن من خلال الوقت ستجد أن صداقة ممتازة نشأت بينك وبينهم، والأفضل أن تبدأ وتتابع مع عدد محدود كما ذكرت فهذا أسهل عليك.
وفقك الله، وجعلك خير صديق، وسخر لك أصدقاء أكفاء.