السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا منذ كنت في الابتدائية، دائما أجد شيئا داخلي يضايقني، ودائما عندي إحساس بالحزن والتراجع، وليس لي إقبال على الحياة من ساعة أن وعيت على الدنيا! فساعات السعادة والضحك قليلة جدا، وأنا لا أفهم ما هذا؟ هل هي طبيعة أم اكتئاب وراثي؟ وما الحل؟
أمي قالت لي: إنها وقت أن حملت بي كانت تكره أبي جدا، وهو متوفى حاليا، وبالرغم من هذا أنا أشبهه شكليا فهل لهذا علاقة؟
أنا أريد الذهاب لطبيب نفسي، لكني أستحي أن أخبر أمي، ولا أستطيع أن أذهب دون علمها، هل هناك دواء فعال مضاد للاكتئاب، وبدون آثار جانبية، وأستطيع أن أشتريه من غير وصفة طبية؟
جزاكم الله خيرا, أرجو دعواتكم لي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hebat allah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الاكتئاب له عدة أنواع وعدة مصنفات، فقد يكون اكتئابا بسيطا، أو متوسطا، أو شديدا، وقد تكون معه أعراض جسدية أو ذهانية، أو بخلاف ذلك، ويوجد نوع من الاكتئاب النفسي البسيط جدا لكنه مزمن يسمى (دسايميا Dsaemia)، وهو عسر في المزاج، ويكون مع الإنسان مستمرا لسنوات طويلة، لكن تجد الإنسان متعايشا مع نفسه، وحياته غير معطلة.
في بعض الأحيان هذا الاكتئاب النفسي البسيط والخفيف والمزمن (Dsaemia) يأتي فوقه نوبة اكتئابية شديدة، وهذا يسمى بالاكتئاب الثنائي، بمعنى أن الاكتئاب البسيط حين أتت عليه النوبة الشديدة أصبحت الجرعة الاكتئابية مزدوجة - إذا جاز التعبير – وهذا يظهر في شكل اكتئاب نفسي بسيط.
أنا حقيقة لا أريدك أبدا أن تبني قناعات أنك مكتئبة، أنك غير سعيدة، أنك حزينة، أن الاكتئاب هو طبيعتك... هذا كلام ليس صحيحا، والإنسان حين يتقبل الفكر السلبي بصورة تلقائية ونمطية ولا يقاومه، فهذا ربما يؤدي إلى اكتئاب مزمن، وأنت شابة، والحمد لله تعالى في هذه الأمة المحمدية العظيمة، وأنت طالبة، ولديك أسرة، وأمامك - إن شاء الله – مستقبل عظيم، ونمط التفكير لديك يجب أن يكون على هذا النسق، وأن تسعي دائما للاستفادة من وقتك، وأن تكوني مجتهدة، وأن تكون لك صداقات وزمالات طيبة، وأن تحرصي في عبادتك؛ فهذا هو المنهج الذي يفيد، أما أن أفكر هل يمكن أن يكون الاكتئاب طبيعة في الإنسان أو جزء من الإنسان؟ فهذا أعتقد أنه محبط في حد ذاته، والإنسان الآن من خلال المعرفة يستطيع أن يطور نفسه كثيرا، وحتى إن كان لديه اكتئاب فإنه يستطيع أن يخرج منه.
فأريدك أن تغيري مفاهيمك تماما عن نفسك، وأريدك أن تجعلي حياتك فيها حيوية مفعمة ومليئة بالأمل، وفيها أنشطة مختلفة، ودراسة، ورياضة، وتواصل اجتماعي، واطلاع، وعبادة ... وأشياء كثيرة جدا يمكن أن تقومي بها, وتنهضي بنفسك، وهذا سوف يغير فكرك تماما، وسوف ترين أن الحياة فعلا طيبة، ولن تفكري أبدا في أن الاكتئاب هو طبيعة من طبائع النفس البشرية، أو أنه يمكن أن يكون مزمنا ومطبقا.
هذا هو الأفضل, وهذا هو المنهج الذي أراه، وفي ذات الوقت يمكن أن تتحدثي مع والدتك أنك تعانين بعض الشيء، وأن مزاجك دائما ليس طيبا، وهذه قد تكون حالة اكتئابية – كما سمعت – فتودين أن تقابلي طبيبا نفسيا, ولا أعتقد أن الوالدة سوف ترفض ذلك، وأعتقد أن هذا هو المنهج الصحيح، وهذا هو المنهج الأفضل.
بالنسبة لما ذكرته من أن والدتك كانت تكره الوالد – رحمة الله عليه – حين كانت حاملا بك لا، لا توجد علاقة في هذا الأمر، هذا مجرد نوع من الفكر السلبي والمصادفة، وقد يكون هنالك شيء من التطير في هذه الفكرة، لا، ليست هنالك وراثة في هذا الأمر، فأرجو أن تتفائلي، وأرجو أن تنظري للأمور بإيجابية.
نسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.