ما السبيل لترك الأغاني مع انتشارها في كل مكان؟

0 567

السؤال


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا: أشكركم على جهودكم التي تبذلونها, جعلها الله في موازين حسناتكم.

إنني أريد ترك الأغاني؛ لأنها حرام, وتغضب الرب, وإنني من أحوج الناس إلى رحمته ومغفرته, ولكنها في كل مكان, فكيف يتسنى لي تركها؟ ففي البرامج التلفزيونية نجدها, وحتى في برامج الأطفال والكرتون, كما أنها تتواجد في قنوات اليوتيوب في البرامج التي أشاهدها هناك, وقد طلب عدد كبير من المشاهدين حذفها, ولكنهم - أصلحهم الله - لم يفعلوا, واستمروا بالتجاهل, كما أنها توجد في المسلسلات والأفلام, فكيف السبيل – إخواني -؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائما في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يبارك فيك - يا عائشة - وأن يكثر من أمثالك, وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك من الصالحات القانتات الحافظات, إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي عائشة -: كم نحن جميعا سعداء بك وأنت تتصلين بهذا الموقع وأنت في مثل هذه السن, فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن لك مستقبلا عظيما جدا في خدمة الإسلام، وأنك - بإذن الله تعالى - سوف تكونين من الصالحات القانتات إذا ما واصلت الرحلة إلى الله تعالى بهذا المستوى الرائع من الحرص على طاعة الله تعالى, والبعد عن معصيته، فنسأل الله أن يثبتك - يا بنتي - وأن يحفظك من كل مكروه وسوء, وأن يشرح صدرك للذي هو خير, وأن يزيدك صلاحا وتوفيقا واستقامة.

فيما يتعلق بقضية الأغاني:

أولا: هذا أمر مما عمت به البلوى, بمعنى أنه انتشر في كل شيء, وإذا انتشر الأمر بهذه الكيفية، وأصبح من الصعب دفعه, ومن المستحيل التعامل معه، فإن الأمر يرفع بإذن الله تعالى عن الإنسان وزره, إذا ما وصلت إليه هذه الأشياء دون قصد وإرادة منه، فما دمت أنك - بارك الله فيك - لا تدخلي بصورة مباشرة في هذه الأشياء, بمعنى أنك لا تحاولين استماعها عن عمد, ولا تفتحين هذه الأجهزة لاستماعها على وجه الخصوص, فبإذن الله تعالى أنت لا شيء عليك إن شاء الله تعالى؛ لأن هذه أصبحت كالماء والهواء, وأنا لا أستطيع أن أقول للناس: لا تستنشقوا الهواء على اعتبار أن الهواء يحمل مثلا بعض الأشياء غير المشروعة, فهذا الأمر مادام بهذا الانتشار الذي ذكرته فأقول: بارك الله فيك, ليس عليك شيء, هذا بداية.

ثانيا: لابد من خطة إيجابية ألا وهي تخفيض الصوت قدر الاستطاعة, إذا كان ذلك ممكنا, خاصة فيما يتعلق ببعض البرامج, أو الأفلام التي قد تحتاج أن نركز فيها على الصور أكثر من الصوت، فإذا لم يتيسر كذلك, فحاولي أن تتجاهلي هذه الأصوات الموسيقية, وأن تتجاهليها تماما, وأن تقولي: "اللهم هذا منكر لا يرضيني, ولا يرضيك, فاغفر لي يا رب العالمين"

ثالثا وأخيرا -ابنتي الفاضلة-: حاولي أن تقللي من هذه الأشياء ما دامت هذه الأشياء ليست ضرورية في حياة الإنسان, ولا تتوقف عليها حياته, فمن الممكن أن يكون إلغاء هذه الأمور بالكامل, أو على الأقل يستعمل منها شيئا قليلا كملح الطعام، فضلا عن أنك إن لم تري المسلسلات والأغاني, فهل هذه مشكلة؟

هناك بيوت -ابنتي عائشة - ليس فيها أصلا أي وسيلة إعلان, وأهلها من أسعد الناس - يا بنتي - صدقيني، إني لأعلم بيوتا ليس فيها شيء حتى الكمبيوتر, وهم سعداء جدا, وليس عندهم أي مشاكل مع أحد, فإذن من الممكن -بارك الله فيك- أن تحذفي معظم هذه الأشياء من حياتك, خاصة البرامج التلفزيونية, وهذه من الممكن أن تتركيها؛ لأنك الآن لست في حاجة للبرامج التلفزيونية وأنت في الخامسة عشر من عمرك، وبرامج الأطفال لست بحاجة لها فأنت لست طفلة, فراعي هذه الأشياء واحذفيها من أجل الله تعالى, وبرامج اليوتيوب ادخلي على الأمور التي تريدينها, ثم عندما تدخلين اخرجي فورا.

ولابد لك من دور إيجابي، وأقول لك: نعم, إن هذا الأمر إذا عم وانتشر فإن شاء الله تعالى يغفر الله تعالى للناس؛ لأنه كما قال العلماء: إذا ضاق الأمر اتسع, ولكنك تستطيعين -بارك الله فيك- أن تحذفي معظم هذه الأشياء, بل كلها من حياتك تماما, ولن يكون هنالك أي خلل في شخصيتك, ولن يكون هنالك أي تفويت لأي مصلحة من المصالح, وهذه كلها في الغالب مواد ترفيهية, وقد تكون من باب العلم الذي لا ينفع, فإذا لم نطلع على الأخبار فما المشكلة, لا توجد هناك مشكلة - يا بنتي -فالمشكلة فينا نحن, ومادام الأمر كذلك فلابد من قرار.

وأنا أكلمك - وأنا في مقام والدك- أنني منذ سنوات لا أشاهد حتى قنوات نشرات الأخبار, ولا توجد مشكلة, فالحياة تمشي لأن الناس يتناقلون الكلام, وأعرف من الناس أكثر مما أعرف من أجهزة الإعلام, وبالتالي لا أفلام ولا غيره؛ لأن هذه مسائل تكميلية أو تحسينية, والحياة لا تتوقف عليها، وأتمنى أن تكوني شجاعة جريئة قوية - يا عائشة الخير- وأن تأخذي القرار بترك هذه الأشياء كلها حياء من الله تعالى.

وإذا كان ولابد من بعض الأشياء فانظري المفيد لك, وادخلي إلى الشيء الذين تريدينه, ثم اخرجي فورا، ولا تستمري مع هذه الأشياء حتى لا تسمعي ما لا يسرك, وما لا يرضيك؛ لأنه لا توجد هناك قوة في العالم – بنتي - الآن تستطيع أن توقف هذه الأشياء, فهذا الزخم عالم إعلامي يبث من كل مكان, وأنت تعلمين أن معظم هذه الأشياء تأتي من بلاد الغرب, وهم يرون أن هذه الأشياء بالنسبة لهم مهمة، فالموسيقى بالنسبة لهم كالماء والهواء, ولذلك يريدون أن يؤثروا في المسلمين, وحولوهم مثلهم, ومن هنا فإنهم لا يضعون أي مادة علمية إلا مصحوبة بالموسيقى, وهذا أمر قد يكون فيه شيء من التعمد, وهم تعودوا عليه, ويريدون أن نكون مثلهم, والعياذ بالله.

إذا أنت تستطيعين - يا بنتي عائشة - أن توقفي هذا الأمر كله، لماذا التوقف عن هذه الأشياء؟ قولي: ( اللهم إني تركت هذه من أجلك، واللهم إني أترك القنوات التلفزيونية من أجلك، اللهم اغفر لي إذا دخلت إلى بعض القنوات واليوتيوب لأستمع لبعض المحاضرات والندوات وتجاوز عن سيئاتي ) وما دمت ترين أن هذه الأشياء قد تكون مفيدة ونافعة، وأما إذا كنت تستطيعين أن تحصلي على المادة العلمية من موقع من المواقع التي ليس فيها موسيقى فادخلي للمواقع الطيبة.

واليوتيوب هذا قد يكون فيه مواد متميزة ومحاضرات جيدة, ولكن إذا وجدنا هذه المواد مكتوبة في مجال آخر, فأفضل أن نستعملها, وأن نترك هذا الأمر كله, ما دمت فعلا تريدين أن تلقي ربك سبحانه وتعالى بعيدة عن هذه الموسيقى, وعن هذا الفساد، فخذي بالأسباب, وتوجهي إلى الله بالدعاء, واعقدي العزم, وأبشري بفرج من الله قريب, وأسأل الله أن يحفظك, وأن يسترك في الدنيا والآخرة.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات