السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أشكركم على ردودكم الطيبة.
سؤالي هو استشارة في كيفيه التعامل مع أخوات زوجي؛ حيث إنني متزوجة منذ سنة تقريبا, وكان تعاملي معهن جيدا, وأخواته يحبنني جدا, لكني كل ما جلست معهن أو تكلمت يكون كلامهن غيبة ونميمة عن باقي زوجات الإخوان أو العائلة والأصدقاء إلى آخره، وبصراحة: لم أكن أعارض سماع هذه الأشياء؛ لأني أعلم أن أي رد سلبي من قبلي قد ينهي العلاقة بيننا, ويجعلنني في الدائرة السوداء, وتحصل المقاطعة, وفي نفس الوقت لا أشجع هذا الكلام, أو أحاول التكلم بحذر, حيث لا أسيء لهن, ولا أسيء أو أشجعهن على كلام عن أحد آخر.
قبل أشهر قاطعنني بدون أن أعرف السبب, وأحسهن لا يتقبلنني أبدا, ومن داخلي فأنا أشعر بارتياح لقطع هذه العلاقة؛ كوني لا أحب التكلم بكثرة عن الآخرين, وأشعر بالاستياء تجاه ذلك, والندم, ولكوني لم أتعود هذا الشيء في بيت أهلي, ولكن في بيت زوجي الأشياء كانت مختلفة.
في الوقت نفسه أنا منزعجة للقطع, ولا أود أن تكون هناك مشاكل بيني وبين أحد آخر, وأنا أعلم أنني مثل ما سمعتهن يتكلمن عن باقي زوجات إخوانهن بطريقة سلبية فإنهن سيتكلمن عني أيضا بنفس الطريقة, مع العلم أن جميع زوجات الإخوان لسن على علاقة جيدة مع أخوات أزواجهن, وهناك علاقة رسمية جدا معهن.
ماذا تنصحونني؟
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الأمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نشكر لك - ابنتنا الفاضلة - تواصلك مع موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
الذي يهمنا – بنتي الفاضلة – هو أن تكون علاقتك بزوجك جيدة، وأن يتفهم زوجك هذا الوضع، وأن تحرصي على أن تكوني دائما الأفضل والأحسن، فلا تصعدي هذه الخصومة، ولا تصعدي هذه القطيعة، وتواصلي معهن، واحتملي منهن إذا حصل منهن شيء، ولابد أن تحتملي إكراما لزوجك, وحرصا على استمرار ومتانة العلاقة التي تربطك بهذا الزوج، وطبعا لا يخفى على أمثالك أن الغيرة بين الأخوات وبين زوجات الإخوان من الأمور المعروفة والموجودة، والمهم هو السيطرة على الوضع وعدم تصعيد الخصومة, أو عدم التوسع في القطيعة، ولا مانع كذلك من إظهار الود لهن, والإحسان إليهن، وأتوقع حتى لو أسأن وقابلت إساءتهن بالإحسان والصبر عليهن فإن العاقبة ستكون للصابرين، وستفوزين في نهاية المطاف إذا عاملت أخوات الزوج بهذه الطريقة.
أحسنت عندما كنت كارهة للغيبة والنميمة، وهذه فعلا أمور لا ترضي الله تبارك وتعالى، وإذا كان الأمر قد جاء منهن فاجعلي علاقتك بهن فيما يرضي الله تعالى، واسألي عن أخبارهن، وشجعي زوجك على مساعدة من تحتاج للمساعدة، وتواصلي مع المريضة واسألي عنها، وابحثي عن أحوالهن، ولا تقصري في الوقوف إلى جوارهن، واحتملي منهن، واصبري عليهن، واحفظي لسانك عنهن، ولا تذكري أخوات الزوج إلا بالخير.
نتمنى أن يتفهم الزوج هذا الوضع، ولن يضرك الأمر طالما كانت علاقتك بزوجك جيدة، وطالما كنت قريبة من الزوج، وحاولي دائما أن تتذكري ما فيهن من إيجابيات، وأن تكوني أفضل من الزوجات الأخريات، فكون العلاقة سيئة, وكون العلاقة رسمية فقط، نحن لا ننصح بهذا، نحن نريد أن تكون العلاقة لها تلك الخصوصية، فهن على صلة وثيقة بك، وهذا شقيق لهن، ومن حقه أن يتواصل مع أخواته, ويحسن إليهن، وأنت أيضا إكراما له عليك أن تصبري على ما يأتيك منهن، والزوج دائما يريد من زوجته أن تكون على علاقة جيدة بأهله، وأنت - ولله الحمد - كنت على تلك العلاقة، لكنك كنت متضايقة مما يحدث في تلك المجالس, ومن ذلك التوسع، فلعل هذا الذي حدث يتيح لك تأسيس علاقة جديدة بقواعد جديدة ترضي الله تبارك وتعالى.
لا مانع أيضا من أن تعرفي السبب في تلك القطيعة المفاجئة؛ لأننا إذا عرفنا السبب بطل العجب, وسهل علينا بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب.
نتمنى إذا عرفت سبب القطيعة أن تتواصلي معنا حتى يكون التحليل كاملا للمشكلة, وحتى نضع سويا النقاط على الحروف, ومهما كان طالما أنت لم تفعلي خطأ أو إذا كان السبب هو أنك لا تجاملين, ولا تشاركين في الغيبة, ولا تأتي بأخبار الأخريات فهنيئا لك بذلك، ولن تضرري من هذا الذي يحدث، وسينتهي هذا الأمر إذا صبرت, وسيكون فيه مصلحة كبرى لك ولهن، فإن ترك الغيبة وعدم سماع الغيبة، هذه من النعم التي ينعم الله بها على الإنسان.
الله تبارك وتعالى هيأ لك فرصة في أن تكوني دائما الأفضل والأحسن، وكما قلنا أيضا لابد أن يتفهم الزوج هذا الوضع دون أن تسيئي لأخواته، واذكري ما فيهن من خير، وأعلني عن تمنياتك والكلمات الجميلة عنهن للأخ، حتى ينقل مشاعرك النبيلة تجاههن، لكن هذه فرصة كما قلنا لتؤسسي علاقة جديدة على قواعد مختلفة، وأن تكون هذه المجالس طاعة لله تبارك وتعالى، وأن يكون الجلوس أيضا بقدر، وأن تظهري التشاغل بخدمة الزوج وخدمة أولادك وخدمة بيتك، يعني لا تقولي لا أريد أن أجلس معكن، لكن تبحثي عن أسباب أخرى، وحبذا لو استطعت أن تربطي نفسك بمركز تحفيظ القرآن, أو دروس علمية ترتبطي بها، فإن في هذا لك مصلحة، وهو بديل عظيم جدا لمجالس الغيبة والنميمة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، ولا تبالي بمن تكلم عنك بسلبية، فإن هذه حسنات تأتيك، والحسن البصري أهدى لرجل طبقا من تمر لما تكلم فيه, وقال له (زرنا - كأنه يقول له سامحنا على التقصير - فإننا لا نستطيع أن نجازيك فإنك تعطينا من حسناتك).
تجنبي أنت الغيبة، ولا تذكري الناس إلا بخير، والسعيد من شغلته عيوبه عن عيوب غيره، (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس), ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونكرر لك الشكر على التواصل، ونسأل الله أن يعينك على الخير، فاشغلي نفسك بالخير، واقتربي من زوجك، واهتمي به، واحملي المشاعر النبيلة إذا جاءت أخواته، ولا تذكريهن إلا بالخير, وحاولي أن تشجعي زوجك على الإحسان لأخواته، فأنت من سيربح إذا كان الزوج بارا بأهله، فهنيئا لكم بأبناء من البررة المطيعين لله تبارك وتعالى، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.